نظمت كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط والمنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية وبمشاركة عدد من الدول، الكويت ومصر وليبيا والعراق وهولندا، بمدرج الشريف الإدريسي بالكلية ذاتها، الاثنين الماضي، ندوة دولية حول “إبداعية الصحراء: من أجل قراءات نقدية متداخلة”.
وعملت الكلية خلال الندوة التي استضافتها رحابها على إظهار واقع الحياة الطبيعية والاجتماعية وثقافة الصحراء العربية باعتبارها امتدادا طبيعيا لعصور سابقة من حيث شعرها ولغتها وثقافتها، كما أن هذه المساهمة العلمية تعد مساهمة حقيقية لإبراز علاقة الإنسان بالصحراء التي اتخذت صورا وأبعادا إنسانية عميقة مفعمة بالرموز والدلالات.
وعلاقة بالموضوع شكرت عميدة كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط الأستاذة الدكتورة ليلى منير في كلمتها الافتتاحية كافة المتدخلين في تنظيم الندوة الدولية حول “إبداعية الصحراء: من أجل قراءات نقدية متداخلة” خاصة مهندس هذا اللقاء العلمي الدكتور محمد جودات.
وأوضحت ليلى منير على أن الندوة العلمية الدولية تعد همزة وصل بين مختلف الثقافات والشعوب، ومناسبة حقيقية للتعريف بإبداعية الصحراء وما تحمله من أبعاد ودلالات رمزية ومساهمة حقيقية لربط الحاضر بالماضي والالتفات إلى قضايا تخص البادية والصحراء العربية على مر العصور والتي تم إثراؤها من خلال التداخل بين الثقافتين الشفهية والمكتوبة كوسيلة من وسائل التعبير عن علاقة الإنسان بالصحراء التي اتخذت صورا وأبعادا إنسانية عميقة مفعمة بالرموز والدلالات.
وأظهرت عميدة كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، على أنهم يطمحون عبر هذه الندوة إلى الكشف عن إبداعية الصحراء وما تحمله الذات من تصورات حول التنظيم القبلي وطبيعة الحياة البدوية وقيم الثقافة الصحراوية، وما تحمله هذه الثقافة من مثل وتصورات ورموز متغلغلة في المجتمع الحضري والبدوي على حد سواء.
وفي السياق ذاته، أكد الأستاذ الدكتور محمد جودات رئيس المنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية، في كلمته الافتتاحية عن أهمية الاهتمام والعناية بقضية الصحراء التي تأتي في صلب الأولويات من خلال الشراكة القائمة بين المنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية. معتبرا تلك الشراكة تأتي في سياق تعزيز الاشتغال على قضية الصحراء والانفتاح على مختلف الدراسات البينية والتداخل الثقافي.
وأشار الأستاذ الدكتور محمد أديوان في مداخلته “خصائص ثقافة الصحراء” إلى أهمية الصحراء باعتبارها مكونا مجاليا في العالم بأسره. مبرزا على أن الصحراء فاعل منتج لثقافات معينة انطلاقا من مفهوم القبيلة والعيش المشترك دخل مجال الصحراء، مبينا على أن المجال الصحراوي يتسم بخاصية الانفتاح وله خصوصيته وهويته التي تميزه، مردفا على أن المجال الصحراوي موحد ومتنوع.
وفي الإطار ذاته، قدم الأستاذ الدكتور صالح الحربي في مداخلته “نظرات حول غناء الصحراء في الكويت” خصائص منطقة الكويت مشيرا إلى بعض العادات والتقاليد المتصلة بالصحراء والناقة والحياة الصحراوية والغناء. في حين وركزت الدكتورة فتيحة بلعباس في مداخلتها على ثقافة اللباس الصحراوي والهوية الصحراوية حيث الممارسة الثقافية ارتبطت بأنماط الحياة. مظهرة على أن الانسان المغربي الصحراوي عبر من خلال لباسه عن ثقافته وهويته الصحراوية، إذ جعل اللباس علامة وأيقونة تشي بالثقافة والهوية.
وفي الإطار ذاته، أشارت الدكتورة رشيدة العلوي إلى مفهوم التراث على المستوى الدولي التي تشمل المعمار والهندسة المعمارية والغرض منه تنمية السياحة وحماية المعرفة المحلية، معتبرة إياه جزء لا يتجزأ من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى تعريفها ببعض الواحات المغربية وأهم خصائصها.
وبين محمد الصغيري بعض القيم المستمدة من شعر الصحراء التي تعد الفضاء الذي عاش فيه الإنسان العربي بحيواناتها ونباتاتها، مبينا على أن الإنسان العربي اتصف بالكرم والشجاعة والوفاء والصبر وتمكن من التعبير عن تفاعله مع المكان والزمان وهذا ما دل عليه شعر شعراء ما قبل الإسلام وشعراء صدر الإسلام.
كما أكد محمد لهلال في ورقته البحثية على ظاهرة الممارسات الثقافية وكيفية التعامل مع البيئة الصحراوية من منظور ثقافي بالتركيز على مفاهيم الهوية والقبيلة والجسد… وتتمثل الممارسات الثقافية في كيفية التعرف على الممارسات الثقافية واللغوية والممارسات المتصلة بالعلاقات الأسرية والتنظيمية والعادات والأعراف وأنماط التمثلات ورمزية الجسد والأمثال والخرافات والأساطير وغيرها من الممارسات التي تعكس التنوع الثقافي والاثني والسيكولوجي. مركزا على أهمية البعد المعرفي في فهم طبيعة الإنسان الصحراوي وفق هذه الممارسات الثقافية.
وعبرت الدكتورة الغالية ماء العينين عن دور المرأة في الفضاء الحساني وعلاقتها بالجانب الإبداعي. مبينة على أن مكانتها متصلة بالانتماء إلى مجموعة معينة وإسهامها في تنميتها ومشاركتها الفعالة في أشغالها.
وأظهر جواد الزروقي في مداخلته الخصائص الفنية لشعر الروايس باعتباره شعرا موسيقيا يتناول موضوعات كثيرة. مشيرا إلى أهمية هذا النوع من الشعر الأمازيغي كشعر معبر عن الهوية الوطنية والتجربة الذاتية والجماعية وممثلا لنماذج شعرية عبرت عن قضية الانتماء إلى الوطن والدفاع عن الهوية.
وكشف الدكتور لمنور بوبكر عن أهمية ثقافة الصحراء كثقافة متجذرة وممتدة تسكن الوجدان والتاريخ فقد تميزت بالكثير من الاسماء والمبدعين الذين ساهموا في التعريف بها فالصحراء كنز ومنبع للسحر والحرية بجمالها ومبدعيها.
كما ركز ناصر مؤنس في مداخلته على أهمية الرموز والدلالات المجسدة للصحراء التي تتبدى كرمز دال على معاني متعددة منها ما يتصل بالجمالي والديني والإبداعي والأسطوري.
وفي ختام الجلسات العلمية، أبرز الدكتور محمد جودات مكونات التداخل الصحراوي في الثقافة المغربية والتداخل الثقافي في الثقافات الصحراوية. مبينا في الوقت نفسه على أهمية الحضور العلمي الصحراوي من خلال الوثائق العلمية الدالة عليه. ومظهرا على أن البعد الثقافي مهم في الدراسات البينية التي تعزز مسألة التداخل والتفاعل فضلا عن المشترك الثقافي القائم بين الصحراء والعالم العربي من خلال الدبلوماسية الثقافية التي تعد أحد أهداف المنظمة الدولية لحماية التراث.
وعرف اللقاء العلمي تكريم الأستاذ الدكتور صالح الحربي من دولة الكويت ممثل المنظمة الدولية لحماية التراث والمركز الدولي للدراسات الصحراوية.