الطلاق

أثار تقديم الحكومة بداية هذا الأسبوع لمضامين المقترحات الخاصة بمراجعة مدونة الأسرة موجة واسعة من النقاش داخل مختلف الأوساط المجتمعية، وبينما يرى البعض فيها خطوة ضرورية لتحديث التشريعات ومواكبة تطورات المجتمع، يعتبرها آخرون مساسًا بقيم الأسرة المغربية وتقاليدها الراسخة، وهذا التباين في وجهات النظر يعكس تعقيد الملف وحساسيته، حيث تتشابك المطالب الاجتماعية مع الأبعاد الثقافية والدينية، ليشكل بذلك موضوعًا حيويًا يترقب المغاربة حسمه في إطار يحفظ توازنات المجتمع ويحقق العدالة المنشودة.

قدم الدكتور العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدير المجلة الإفريقية للسياسات العامة، تحليلاً شاملاً حول مقترحات تعديل مدونة الأسرة المغربية، استنادًا إلى التوجيهات الملكية وإرشادات المجلس العلمي الأعلى.

اعتبرت شبكة نساء متضامنات أن الإصلاح الجديد لمدونة الأسرة أتى بمكتسبات إيجابية ومهمة نحو تعزيز حقوق النساء، وحماية كل أطراف الأسرة ومعالجة عدد من الإشكالات القائمة والمآسي الاجتماعية والاقتصادية، من قبيل الاحتفاظ بحقوق الحضانة للأم المطلقة بعد زواجها، وتخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية، ووضع معايير مرجعية وقيمية وآليات جديدة في تقدير وتسريع النفقة بعد الطلاق، والحضانة والنيابة القانونية المشتركة بين الزوجين.

تتجدد السجالات حول مقترحات تعديل مدونة الأسرة في المغرب، التي أثارت تباينًا واسعًا بين رفض شريحة من المواطنين الرجال للمضامين التي يعتبرونها مجحفة بحقهم، وترحيب الحقوقيين بهذه الإصلاحات باعتبارها مكاسب تعزز حقوق المرأة والأسرة، وفيما يرى البعض أن التعديلات قد تشجع على الطلاق وتثني الشباب عن الزواج، تؤكد الأصوات الحقوقية أن الإصلاحات جاءت لتخفيف معاناة الأمهات الحاضنات ودعم تماسك الأسرة المغربية، مشددة على ضرورة تعزيز الوعي وتفنيد الإشاعات التي تحاصر النقاش العام.

أشاد حزب التقدم والاشتراكية، بالمستجدات المعلنة للإصلاح الجوهري بمدونة الأسرة، بالمقاربة التي تمَّ اعتمادُها على أساسِ الإنصاتِ المثمر والتشاور الواسع مع مختلف القوى السياسية والمدنية وفعاليات المجتمع، بما يُعبِّرُ عن نُضج بلادنا في التعاطي مع القضايا المجتمعية الكبرى.

كشفت عواطف حيار، وزيرة التضـامن والإدمـاج، عن أن الحكومة جعلت من الأسرة وحدة للاستهداف، كما جعلت مسألة دعم الأسر، في صلب انشغالاتها واهتماماتها، وهذا ما تعكسه مقتضيات البرنامج الحكومي 2021-2026، الذي تضمن مجموعة من التدابير لحماية الأسرة، أخذا بعين الاعتبار مختلف الظواهر والإشكاليات التي تهدد استقرار الأسرة، من بينها الطلاق وما يترتب عنه من آثار سلبية على مختلف مكونات الأسرة وخاصة الأطفال.

وبحسب الباحث في علم الاجتماع، فؤاد بلمير،فالأبناء هم الضحايا الحقيقيون لهذه الظاهرة، مؤكدا أن الطلاق يهدد استقرارهم النفسي في حالة استمرار التوتر في العلاقة الزوجية بين الطرفين.