في تطور لافت يعكس تصاعد التوترات بين الجزائر وفرنسا، أوقفت السلطات الفرنسية عددا من المؤثرين الجزائريين، بتهم تتعلق بالتحريض على الإرهاب ونشر رسائل الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتأتي هذه الخطوة في ظل اتهامات للموقوفين بالتحريض على أعمال عنف تستهدف معارضين للنظام الجزائري في فرنسا.
وفي هذا السياق، يبدو أن العلاقات الفرنسية-الجزائرية تدخل مرحلة جديدة من التوتر، تعيد ترتيب الأولويات والتحالفات في المنطقة، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول دوافع هذه الهجمات، وما إذا كانت مرتبطة بتغير الموقف الفرنسي الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتأييدها لمبادرة الحكم الذاتي كحل للصراع في الصحراء المغربية.
فرنسا ترد على الجزائر وتصف مزاعمها بشأن تورطها في “أعمال عدائية” بالاتهامات الواهية
♦ دلالات التوقيفات والرد الجزائري
أبرز وليد كبير، الإعلامي والناشط السياسي الجزائري، أن هؤلاء الموقوفين بفرنسا ليسوا مؤثرين بالمعنى الحقيقي، بل مجرد أدوات يستخدمها النظام العسكري الجزائري لتهديد المعارضين، خصوصًا المقيمين على الأراضي الفرنسية.
وقال كبير في تصريح لجريدة “شفاف”، إن توقيفهم جاء في سياق تداول فيديوهات تتضمن تهديدات صريحة للمعارضين الجزائريين، بلغة مليئة بالكراهية والحقد، مع دعوات خطيرة إلى القتل.
وتابع أن هذا الإجراء الفرنسي يمثل تطبيقًا صارمًا للقانون، وهو خطوة إيجابية تسهم في تقليل التهديدات التي تواجه المعارضة الجزائرية في فرنسا.
المغرب يعزز تموقعه بمنطقة الساحل والصحراء وخبير سياسي يرصد الرهانات والمكاسب
واعتبر أن ردة فعل النظام الجزائري كانت متوقعة في هذا الجانب؛ حيث سارع الإعلام الجزائري إلى الهجوم على هذه الخطوة الفرنسية التي تأتي في ظل توتر العلاقات بين البلدين، خاصة بعد إعلان فرنسا دعمها لوحدة المغرب الترابية والاعتراف بسيادته على الصحراء المغربية،
وأوضح أن قضية الصحراء تبقى حساسة جدًا بالنسبة للنظام الجزائري، لافتا إلى أن هذا الأخير يحاول استغلال كل الأوراق الممكنة للضغط على فرنسا ودفعها إلى التراجع أو على الأقل تقليل دعمها لمغربية الصحراء في المحافل الدولية.
♦ دواعي التصعيد
يشير وليد كبير إلى أن الأيام الأخيرة شهدت هجومًا قويًا من الإعلام الفرنسي على النظام الجزائري، بينما وصفته الخارجية الجزائرية بأنه يعكس مواقف اليمين المتطرف.
وأضاف أن تقارير إعلامية فرنسية أشارت إلى استياء متزايد بين الفرنسيين تجاه توظيف النظام الجزائري شبكات داخل فرنسا لإثارة الفوضى ونشر رسائل مغلوطة توحي بدعم الجالية الجزائرية للنظام الجزائري.
وأردف أن النظام الجزائري يبدو في حالة تخبط، حيث لجأ مؤخرًا إلى استعمال المساجد، بما فيها مسجد باريس الكبير وشبكة تضم 150 مسجدًا في فرنسا، للدعاء لفرنسا وشعبها، في محاولة يائسة لتحسين صورته.
ولفت إلى أنه مع ذلك، تشير التقارير إلى أن فرنسا تدرس اتخاذ خطوات أكثر حِدة، بما في ذلك مراجعة الامتيازات الممنوحة للمسؤولين الجزائريين، وفي مقدمتها الاتفاقية التي وقعت سنة 2013 بين الجانبين بخصوص جوازات السفر الدبلوماسية.
♦ الانعكاسات على ملف الصحراء المغربية
يرى وليد كبير أن التصعيد الحالي لن يغير من الموقف الفرنسي الداعم للمغرب، لأن هذا الدعم يعكس توجهًا دوليًا وليس فقط موقفًا فرنسيًا، مبرزا أن فرنسا دولة مؤسسات، وموقفها من الصحراء المغربية، باعتباره حلًا واقعيًا للنزاع، لن يتغير مع تغير الحكومات.
وأكد الإعلامي والناشط السياسي الجزائري، أن النظام الجزائري يدرك أن الوقت ينفد، وأن ساعة الحسم بخصوص قضية الصحراء المغربية تقترب من الحل داخل أروقة الأمم المتحدة.
وشدد على أن محاولات النظام الجزائري لتوظيف أوراق الضغط فشلت، مشيرا إلى أنه مع اقتراب الحسم في ملف الصحراء المغربية، لن يبقى أمامه إلا الامتثال لقرارات المنتظم الدولي.
وأشار إلى أنه مع إغلاق ملف الصحراء المغربية بشكل نهائي في القريب، سيبحث لا محالة النظام الجزائري عن قضية أخرى يتاجر بها داخليًا للحفاظ على نفوذه على حساب إرادة الشعب الجزائري.