كشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار،عز الدين المداوي، خلال عرضه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، أن نسبة الاستجابة لطلبات الاستفادة من المنح الجامعية بلغت 93% من أصل 187 ألف طلب تم إيداعه عبر منصة “منحتي”، في إطار الموسم الجامعي 2024-2025، وهو ما اعتُبر مؤشراً قوياً على تحسن أداء المنظومة من حيث الإنصاف المجالي والاجتماعي.
وأوضح الوزير أن المرسوم الجديد رقم 2.23.564 أتاح إحداث نقلة نوعية في تدبير المنح، من خلال اعتماد السجل الاجتماعي الموحد كآلية مركزية لتحديد صفة الاستحقاق، بهدف توجيه الدعم العمومي نحو الطلبة الأكثر حاجة، وتعزيز الشفافية والعدالة في التوزيع.
وسجل العرض أن 15 عمالة وإقليماً سجلت نسبة استجابة بلغت 100%، بينما ظلت النسبة دون 80% في خمس عمالات فقط، ضمنها إقليم سطات.
وفي الشق المتعلق بتشخيص واقع منظومة التعليم العالي، شدد الوزير على أن المغرب راكم خلال العقدين الأخيرين إصلاحات مهمة، إلا أن المنظومة لا تزال تواجه اختلالات هيكلية، منها الاكتظاظ، ضعف التأطير، هشاشة البنيات، محدودية الموارد الذاتية، وضعف نجاعة أنظمة الحكامة والتنسيق، إلى جانب نسب مرتفعة من الهدر الجامعي تجاوزت 45%، ونسبة بطالة في صفوف حاملي الشهادات العليا وصلت إلى 25.7% حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط.
أما فيما يخص البحث العلمي، فقد أقر الوزير بأن المنظومة تعاني من ضعف في التمويل العمومي، حيث لا تتعدى الميزانية المخصصة له 0.75% من الناتج الداخلي الخام، مقابل 2.2% في فرنسا و1.4% في إسبانيا.
كما أن عدد الباحثين في المغرب، وفق المصدر ذاته، لا يتجاوز 399 لكل مليون نسمة، في حين يصل هذا العدد إلى 1,400 في فرنسا.
وشدد الوزير على ضرورة إعادة هيكلة البحث العلمي وتوجيهه نحو الأولويات التنموية للبلاد، عبر إحداث أقطاب جهوية ومراكز موضوعاتية، ووكالة وطنية للابتكار.
وأبرز الوزير أن الاستراتيجية الجديدة ترتكز على تطوير نظام التكوين الجامعي من خلال إحداث مسالك ومؤسسات جديدة تستجيب لحاجيات الاقتصاد الوطني، ومراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية، وتفعيل مراكز اللغات والابتكار، بالإضافة إلى تحسين نظام التوجيه والإرشاد الجامعي، وتعميم مراكز المواكبة المهنية، وربط الجامعات ببرامج التشغيل.
كما كشف الوزير عن توجه لإصلاح منظومة الحكامة من خلال مراجعة الهياكل التنظيمية للجامعات والوزارة، وتعزيز الرقمنة، وتوسيع صلاحيات الوكالات الوطنية المكلفة بالتقييم والجودة. إلى جانب ذلك، تسعى الوزارة إلى تنويع مصادر تمويل الجامعات، وإقرار التعاقد بين الدولة والجامعة والجهات، بما يعزز الاستقلالية والفعالية.
وبخصوص الجانب الاجتماعي، أكد الوزير أن تحسين جودة الحياة الجامعية يحتل موقعاً مركزياً في الرؤية الإصلاحية، من خلال بناء أحياء جامعية جديدة وتوسيع المطاعم والخدمات الصحية والثقافية والرياضية. كما يجري العمل على إدماج الطلبة في الحياة الأكاديمية والبيئية والاجتماعية، وتكريس مفهوم الجامعة كمجتمع مصغر يعزز قيم المواطنة والإبداع.
وأكد الوزير في الأخير على أن إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية لترسيخ السيادة المعرفية، وتحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، مشدداً على أهمية التتبع والتقييم المستمرين لضمان نجاعة هذا الورش الإصلاحي الطموح.