يعيش تجار وعدد من الساكنة القريبة من أسواق الجملة بالدار البيضاء وكذلك العمال المياومين بهذه المرافق حالة من التوجس والانتظار حول ما ستؤول إليه الأمور، حول أمر تنقيل وترحيل سوق الخضر والفواكه في حي مولاي رشيد، وسوق السمك بالهراويين، وسوق البياضة بحي لاجيروند، وسوق الجملة للدواجن بالحي المحمدي، إلى إحدى ضواحي مدينة الدار البيضاء، والتي من المرتقب أن تكون منطقة حد السوالم.
ووفق ما عاينته جريدة “شفاف” بالمناطق المستهدفة من عملية الترحيل، فإن حالة الترقب والخوف تسود لدى المهنيين والمشتغلين بهذه الأسواق الأربع، والذين يرفضون أن يتم تنفيذ هذا التنقيل دون مراعاة مجموعة من العوامل، وعلى رأسها استحضار الأماكن الحالية لهذه المرافق والتي تعتبر استراتيجية، وتعرف كثافة سكانية كبيرة وتوفر مختلف الوسائل المساهمة في الحركية التجارية كالنقل وغيره، وهو ما يخلق العديد من فرص العمل وكذلك رواجا تجاريا كبيرا طوال أيام الأسبوع وعلى ما دار 24 ساعة كل يوم.
وعبر عدد من تجار أسواق الجملة المذكورة لـ “شفاف” عن امتعاضهم من هذا القرار الذي يجري الحديث عنه، وذلك دون إشراكهم في حيثياته باعتبارهم العنصر الأساسي في هذه العملية، مشيرين إلى أن عملية ترحيل هذه الأسواق ستكون لها أضرار وخيمة على عدد كبير من المهنيين وأصحاب المهن الموازية وكذلك على المستهلكين، كون أن جعل أسواق الجملة خارج العاصمة الاقتصادية سيوازيه زيادة في الأسعار على المواطنين، بسبب ارتفاع تكلفة نقل تجار التقسيط لبضائعهم وسلعهم من هذه الفضاءات المزمع إحداثها نحو محلاتهم الخاصة.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، نفى عبد الكبير معيدن، الكاتب العام لجمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء، المعروف بـ “مارشي كريو” والمتواجد على مستوى مقاطعة مولاي رشيد، وجود أي حوار أو نقاش مع المسؤولين بالعاصمة الاقتصادية عن أمر ترحيل السوق المذكور، وأنه لا وجود لحدود الساعة لأي أمر رسمي في هذا الإطار، وأنه في هذا الصدد لم يتواصل معهم أي طرف أو جهة لتدارس ما يتم الترويج له منذ شهر غشت الماضي بشأن نقل أسواق الجملة لخارج المدينة.
وحول رأي المهنيين بمسألة تنقيل السوق، أكد معيدن أن أزيد من 90 % من التجار والباعة بالسوق يرفضون بشكل تام هذا الأمر، لما قد يكون له من انعكاسات سلبية على تجارتهم، لاسيما وأن القرار يبدو أنه سائر بشكل أحادي من طرف مجلس جماعة الدار البيضاء، وبعيدا عن إشراك المعنيين بالأمر، الذي لهم دراية أوسع بمجال اشتغالهم ومتطلبات تجويد خدماتهم وما يحتاجونه في سبيل ذلك من وسائل وآليات.
وتابع الكاتب العام لجمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء القول إن مسألة نقل السوق تحتاج لدراسة حثيثة تبرز جدوى هذا القرار وتأثيره على كافة الشركاء والمرتفقين بهذا الفضاء، ومراعاة كافة الظروف المحيطة بهذا الأمر، وتحديدا كيفية توفير وسائل نقل البضائع واليد العاملة بمنطقة بعيدة عن المجال الحضري، إذ أن أصحاب المهن الموازية من حمالة ونقالة سيجدون صعوبة للتنقل لأماكن تبعد عن الدار البيضاء بحوالي 20 كيلو متر تقريبا، متسائلا عن مدى تطرق المسؤولين لهذه الإشكاليات قبل طرح ترحيل السوق أم أنه سيتم تنقيل السوق وجعل التجار يغرقون في هاته المشاكل دون العمل على توفير الظروف الملائمة والتي بإمكانها المساهمة في نجاح عملية التنقيل.
وفيما يخص تحجج البعض في مسألة ترحيل هذه الأسواق بوجود مجموعة من الاختلالات التي تعتريها، والمتعلقة أساسا بوضعية التجهيزات وتهالك البنية التحتية وعدم احترام قواعد النظافة والصحة والسلامة وأنها تعرف ازدحاما وتساهم في عرقلة الطرق والشوارع المحاذية لها، يعتبر معيدن أن كل هذه الأمور مجرد ذرائع واهية وتجانب الصواب، فهي يمكن معالجتها بعدد من الإجراءات البسيطة، لكن لا يمكن إغفال الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، حيث أن اليد العاملة التي تشتغل بهذه المناطق هي من أبناء الأحياء المجاورة لهذه الفضاءات، وبالتالي فهي توفر مئات فرص الشغل، موضحا أنه عند تنقيل هذه الأسواق لأماكن بعيدة ستقطع أرزاق عديد العائلات.
وشدد المتحدث ذاته، على أهمية الحفاظ على السلم الاجتماعي من خلال ضمان استقرار مورد الدخل الوحيد لآلاف العائلات، التي تعد هذه الأسواق مصدر عيشها، مشيرا إلى أن زوالها سيخلف انعكاسات سلبية، منبها لأهمية إشراك كافة المتدخلين من تجار ومهنيين وعمال مياومين وفعاليات المجتمع المدني قبل اتخاذ أي قرار يخص مسألة التنقيل، بغاية تحقيق المنفعة العامة، والتي ستغيب لا محالة عندما تكون القرارات أحادية الجانب.
وأوضح الكاتب العام لجمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء، أنه في ظل الصمت وعدم التواصل معهم كممثلين للمهنيين بالسوق المذكور، تم العمل من جانبهم على مراسلة كل من مجلس جماعة الدار البيضاء، ووالي جهة الدار البيضاء – سطات، وعامل عمالة مقاطعات مولاي رشيد، ومختلف المسؤولين والمنتخبين وممثلي السلطات، من أجل عقد لقاءات معهم وتدارس مسألة الترحيل وباقي الإشكاليات المطروحة في هذا الإطار، واستبيان ومعرفة حقيقة ما يروج حول هذا الأمر، وطرح أفكار وتصور المهنيين لتطوير وتأهيل مجال اشتغالهم وتجاوز العراقيل والمشاكل التي يعرفها هذا القطاع.
يذكر أنه جرى تداول أمر تنقيل الأسواق الأربع لخارج العاصمة الاقتصادية، خلال الدورة الاستثنائية لمجلس مدينة الدار البيضاء نهاية شهر غشت الماضي، والذي أعقبه تصريح صحافي لمولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة الدار البيضاء، أكد من خلاله أن أمر نقل هذه الأسواق إلى ضواحي المدينة يأتي وفقه في إطار مشروع مهيكل، يهدف إلى تخفيف الضغط على المناطق التي تتواجد بها هذه الفضاءات التجارية، التي تعرف اكتظاظا كبيرا.
كما أكدت نبيلة الرميلي، عمدة مدينة الدار البيضاء، في وقت سابق على هامش الدورة الاستثنائية المذكورة على رغبة مجلسها في إخراج مركز موحد وعصري خاص بالأسواق، يحاكي نظيرتها الموجودة ببعض المدن العالمية الكبرى، على أن يبقى التسيير لصالح مجلس البيضاء، مشيرة إلى أن هذا المشروع يوجد حاليا قيد الدراسة.