تشهد مدينة الدار البيضاء مجموعة من الإشكاليات التسييرية والتدبيرية التي تؤرق بال مواطني العاصمة الاقتصادية، إذ طالبت الساكنة وكذا فعاليات المجتمع المدني بحل مجموعة من المشاكل التي تعاني منها مناطقهم، وفي مقدمتها توفير المرافق الضرورية وإصلاح الطرق وتأهيل البنية التحتية، مع الحرص على ترشيد النفقات والموارد في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعرفها بلادنا.
وفي هذا الصدد، توجهت نبيلة منيب، النائبة البرلمانية والأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، بسؤال كتابي إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، حول موضوع تدبير شؤون المجلس الجماعي للدار البيضاء.
وأبرزت منيب في معرض سؤالها، أن الدورة الأخيرة للمجلس الجماعي للدار البيضاء عرفت المصادقة على ميزانية الجماعة لسنة 2023، وأن هذه المصادقة التي رفضها والي الدار البيضاء التأشير عليها، في إطار الصلاحيات التي خصه بها القانون التنظيمي رقم 114 ـ 13 المتعلق بالجماعات، مشيرة إلى أن هذا الرفض يقتضي تنوير الرأي العام بالأسباب الكامنة وراءه وإبراز مختلف الاختلالات التي يعرفها تدبير الميزانية، لاسيما أن المبررات التي ساقها الوالي في تعليل رفضه التأشير على الميزانية تؤكد على عدم احترام دورية وزارة الداخلية الداعية لترشيد النفقات وعقلنة التدبير المالي.
ولفتت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، إلى أن الظرفية الحالية تتسم مع الأسف بحدة الأزمة التي تمر منها بلادنا في ظل غلاء أسعار المواد الأساسية والتهاب أثمان المواد الطاقية، منوهة بمبادرة الوزير لفتيت بتوجيه دورية إلى رؤساء المجالس الجماعية في 12 أكتوبر الماضي، تتعلق بمنهجية إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2023، وتطالبهم من خلالها بضرورة ترشيد التكاليف العمومية الجماعية.
وأضافت النائبة البرلمانية أنه حتى لا يكون أمر عدم التأشير على الميزانية قرار بدون تبعات، فمن الضروري تفعيل المحاسبة والمسائلة للوقوف على الاختلالات والتجاوزات المتعلقة بتدبير شؤون الجماعة وترتيب الجزاءات الضرورية في حق مرتكبيها، مبرزة أنه إذا كان مجلس الجماعة لم يحترم تدابير عقلنة وترشيد النفقات بمناسبة إعداده لميزانية الجماعة، فالأمر سيكون أخطر فيما يتعلق بصرفه للميزانية، لاسيما في ظل ما يروج حول الاعتمادات المتعلقة بمصاريف الاستقبال والإطعام والهدايا والإعانات للجمعيات حيث ظل تدبيرها بعيدا كل البعد عن الحكامة والشفافية والمعايير الموضوعية، وهو ما يتطلب فتح تحقيق نزيه حول كيفية إنفاق المال العام وترتيب الجزاءات الضرورية على التجاوزات المسجلة في هذا الصدد إعمالا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن حالة المجلس الجماعي للدار البيضاء غير القادر تماما اليوم عن استكمال مشاريعه المبرمجة، ويقوم مقابل ذلك باللجوء إلى الاقتراض المفرط لتغطية العجز الذي تعاني منه ماليته، وهو ما يرهن مستقبل الأجيال القادمة من البيضاويات والبيضاويين، لافتة إلى أن هذا الوضع يعيد إلى الأذهان مضامين الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التاسعة بتاريخ 11 أكتوبر 2013، والذي أفرد جلالة الملك مساحة هامّة منه لانتقاد تدبير مدينة الدار البيضاء.
وأضافت أن مدينة كبيرة من حجم مدينة الدار البيضاء تتطلب اليوم مواكبة دقيقة لترتيب أولويات برنامج مجلسها المنتخب، حتى لا يسقط مرة أخرى في الوضعية التي دعا جلالة الملك إلى إصلاحها سنة 2013، وتفادي الاحتقان الشعبي المتصاعد في مقاطعات الهامش، ونقصد بذلك مقاطعة مولاي رشيد وسيدي مومن التي تعرف كثافة سكانية كبيرة، وتتطلب بلورة مشاريع تنموية ناجعة وحقيقية، تنصب أساسا على تأهيل بنيتها التحتية، وتعزيز الخدمات الاجتماعية، وتحفيز فرص خلق مناصب الشغل لأبنائها.
وساءلت منيب، الوزير لفتيت عن التدابير التي ستتخذها وزارة الداخلية من أجل مواكبة المجلس الجماعي للدار البيضاء في ترتيب أولويات برنامج عمله، وترشيد نفقاته وتوجيه ميزانيته لتحقيق التنمية المحلية، لاسيما في مقاطعتي مولاي رشيد وسيدي مومن، في أفق تجاوز مظاهر الوضعية الاقتصادية الراهنة، والتواصل مع المواطنات والمواطنين لتحقيق التعبئة الجماعية في هذا الباب، وعن الإجراءات التي سيتم القيام بها في هذا الصدد لحماية المال العام وضمان عقلنة وترشيد طرق إنفاقه.