أعلنت تحالفات وشبكات وطنية وجهوية، إضافة إلى جمعيات تمثل الأشخاص في وضعية إعاقة، عن استنكارها الشديد وإدانتها القوية لما اعتبرته إساءة صريحة لكرامة هذه الفئة من خلال الحملة الإعلامية التي نظمتها “الودادية المغربية للمعاقين بشرى” بشراكة مع القناة الثانية يوم الجمعة 2 ماي 2025، تحت عنوان “تليثون 2025”.
واعتبرت هذه الهيئات في بيان لها، أن هذه المبادرة شكلت خرقًا واضحًا للمقتضيات الدستورية والقانونية، ومثلت تراجعًا خطيرًا عن المقاربة الحقوقية التي يفترض أن تؤطر قضايا الإعاقة في المغرب.
وأكدت المنظمات المعنية أن الحملة تجاوزت كل الحدود الأخلاقية، حيث قامت على خطاب الشفقة والعطف بدل ضمان الحقوق والمساواة، وأعادت إلى الواجهة مقاربة إحسانية متجاوزة تعزز الصور النمطية الدونية وتكرس الوصاية على الأشخاص في وضعية إعاقة، مما يُفرغ المكتسبات الحقوقية من مضمونها، ويقوض المجهودات المجتمعية والمؤسساتية الرامية إلى الإدماج والمشاركة الفعلية.
وأوضحت أن الحملة مثلت خرقًا صريحًا للمبادئ الدستورية التي تضمن كرامة الإنسان والمساواة الفعلية بين المواطنين، واعتبرت أن استغلال وضعية الإعاقة في إطار حملة إعلامية ذات طابع تسويقي وتجاري يمس بشكل مباشر بكرامة هذه الفئة، ويشكل انتهاكًا لمقتضيات القانون الإطار 97.13 المتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، لاسيما مواده الرابعة والثامنة والعشرين، التي تنص على المساواة وعدم التمييز، والحق في صورة لائقة، والحق في مناهضة التمييز في التمثلات.
وسجلت هذه الهيئات أن ما وقع يتعارض أيضًا مع القانون 18.18 المتعلق بجمع التبرعات، خاصة المادة 5 التي تمنع دعوة العموم للمساهمة في عمليات جمع تبرعات تتخذ طابعًا تجاريًا أو تستغل الهشاشة أو الحاجة.
واعتبرت أن هناك تضاربًا مقلقًا بين الطابع الاجتماعي المعلن للحملة وطبيعة الأنشطة التجارية التي رافقتها، مما يثير تساؤلات مشروعة حول الغايات الحقيقية من هذا النوع من الحملات.
وأمام هذا الوضع، أعلنت الجمعيات والمنظمات الموقعة إدانتها الشديدة للحملة ولكل من ساهم في إنتاجها وبثها وترويجها، مطالبةً بتقديم اعتذار علني ورسمي من طرف الودادية المغربية للمعاقين والقناة الثانية، مع التزام واضح بعدم تكرار مثل هذه الانزلاقات.
كما دعت إلى السحب الفوري لكافة محتويات الحملة من المنصات الرقمية، وفتح نقاش تشاركي لتقييم الأثر الرمزي والمادي لهذا المحتوى، بمشاركة كافة الفاعلين الحقوقيين والمدنيين.
وناشدت هذه الهيئات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لتحمل مسؤولياتها في رصد الخروقات المرتبطة بصورة الأشخاص في وضعية إعاقة، وتنبيه المؤسسات الإعلامية إلى ضرورة احترام كرامة هذه الفئة والابتعاد عن المقاربات التحقيرية أو الاستهلاكية.
كما دعت المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بصفته الآلية الوطنية المكلفة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، إلى إصدار قرار رسمي يرصد هذه الانتهاكات ويوصي باتخاذ تدابير فعالة للحيلولة دون تكرارها، وضمان عدم المساس بالكرامة الإنسانية تحت أي غطاء.
وختمت الهيئات بيانها بالتأكيد على أنها لن تتسامح مع أي شكل من أشكال الانتقاص من كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة أو أسرهم، ولن تقبل بأي محاولة لإعادة تكريس الصور النمطية المتجاوزة، مشددة على أنها ستلجأ إلى كافة الوسائل القانونية والمؤسساتية، وطنية ودولية، للدفاع عن حقوق ومكتسبات هذه الفئة، ومحاسبة كل الأطراف التي ساهمت في هذه الحملة المهينة.