مع اقتراب زيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، المرتقبة الثلاثاء المقبل، التي تأتي بعد اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء، واعتبار باريس بأن مبادرة المغرب للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل الآن الأساس الوحيد لتحقيق الحل السياسي للنزاع الذي تعود جذوره إلى خمسة عقود؛ يبرز الحديث عن أهمية هذه الزيارة والسياقات والدلالات المرتبطة بها، وكذا المخرجات التي يمكن أن تسفر عنها.
♦ سياقات ودلالات الزيارة
يرى عز الدين خمريش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريح لجريدة “شفاف”، أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب تأتي في إطار توطيد العلاقات أكثر بين باريس والرباط، مبرزا أنه ستكون لها أهمية بالغة على مستوى الشراكات القائمة بين البلدين.
وأبرز خمريش أن زيارة الدولة هذه لصاحب القرار الأول في قصر “الإليزيه” إلى المغرب سيكون لها تأثير كبير في مسار مجموعة من القضايا والملفات، وفي مقدمتها ما يتعلق بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، نظرا للمكانة الهامة والتاريخية لفرنسا في منطقة شمال إفريقيا.
وتابع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن لقاء ماكرون بكبار المسؤولين المغاربة عند حلوله بالرباط، ستعقبه مخرجات سياسية بدرجة أولى واقتصادية وكذا اجتماعية باعتبار أن الجالية المغربية تتصدر قائمة الأجانب المقيمين بفرنسا.
وشدد على أن الأهم في هذه الزيارة هو أنها تأتي عقب الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ودعم باريس لمبادرة الحكم الذاتي المقدمة من طرف الرباط منذ 2007 كحل وحيد وأساسي لإنهاء هذا النزاع الإقليمي المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
♦ المخرجات المرتقبة
قال عز الدين خمريش إن حلول ماكرون بالمغرب، يعد تطبيقا فعليا للاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وأنه جاءت الزيارة لتأكيد هذا الموقف السياسي الذي أعلنت عنه باريس في يوليوز الماضي، مبرزا أن من شأنه تغيير مجريات هذا النزاع على المستويات الإقليمية والجهوية والدولية.
ولفت إلى أنه لفرنسا مكانة مهمة وموقع أساسي داخل الأجهزة الدولية، أي بمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وذلك إضافة لكون باريس تعد ضمن الدول الأصدقاء للصحراء، وهو ما سيساهم في الدفع بحلحلة هذه الأزمة وطي هذا الملف بشكل نهائي.
وأردف أن هذه الزيارة ستكرس بدرجة أولى لهذا الاعتراف بمغربية الصحراء، لتتناول بعد ذلك الأوراق الاقتصادية في إطار الشراكات الاستراتيجية التي تجمع بين الرباط وباريس، مشيرا إلى أن فرنسا هي الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة للمغرب، وذلك نظرا للاستثمارات الفرنسية الكبيرة داخل المملكة.
وشدد على أن من أهم المخرجات التي ستنبثق عن هذه الخطوة هي توطيد العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، وتعزيز العلاقات الاقتصادية أكثر في إطار سياسة رابح-رابح، أي الاستفادة المتبادلة والمتوازنة في كلا الاتجاهين.
ولفت إلى أن هناك مجموعة من التطورات والمستجدات التي شهدتها القضية الوطنية، خاصة بعد الاعترافات المتتالية لمجموعة من الدول الإفريقية والأوروبية والأمريكية، مبرزا أن عدد البلدان الداعمة اليوم لمبادرة الحكم الذاتي كحل أساسي لهذا النزاع المفتعل يتجاوز المئة (100) دولة.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن الاعتراف الفرنسي يؤكد قناعة الأجهزة الدولية والمجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بوجود إجماع عالمي كبير على المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأوضح أن هذا التطور المهم سيدفع إلى حلحلة هذا الملف في إطار السيادة المغربية، وعلى أساس مبادرة المغرب باعتبارها الوحيدة وذات الجدية والمصداقية من أجل إيجاد حل سياسي فعال، وذلك بإجماع مختلف الدول الفاعلة في القرار الدولي.