يستمر النقاش المجتمعي والسياسي بالمغرب حول مسألة استقطاب فنانين ومغنيين في مهرجانات وحفلات من إشراف وتنظيم وزارة الشباب والثقافة والتواصل، يخلون بالحياء العام وفق تعبيرهم، مثلما ما وقع في جانب من سهرات مهرجان الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية.
ووجهت لمحمد المهدي بنسعيد، عديد من الأسئلة البرلمانية مثل السؤالين الكتابين الذين توجه بهما له كل من محمد أوزين، النائب البرلماني عن الفريق الحركي (حزب الحركة الشعبية)، ورشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، مشيران فيهما إلى أن تلك الفقرات الموسيقية كانت خادشة للقيم والحياء العام.
وطالب كلا البرلمانيين في معرض سؤالهما الموجهان للوزير بنسعيد بالابتعاد عن كل أشكال الابتذال والإساءة إلى صورة الفن والثقافة والإبداع، وبدل ذلك الارتقاء بالذوق الجمالي المشترك للمغاربة، متسائلين عن معايير انتقاء الوزارة للمواد والأشخاص الجديرين بتنشيط الفعاليات والاحتفالات والمهرجانات التي تنظمها، وعن التدابير التي يتعين على الوزارة اتخاذها من أجل إظهار التنوع والتميز الثقافي لبلادنا.
كما تعددت استنكارات المواطنين وفعاليات المجتمع المدني، والتي كان من بينها رد محمد الغلوسي، المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، والذي قال فيه عبر تدوينة له عبر حسابه على “فيسبوك”: “ّإن وزير الشباب والثقافة والتواصل ينفق بسخاء من المال العام لتنظيم مهرجان فني بالعاصمة الرباط، الذي استغلت منصته من طرف البعض مع احترامي للفنانين الذين يقدرون رسالتهم الفنية، لتوظيف لغة ((الشماكرية)) في التواصل مع الجمهور وإطلاق العنان لكلام بذيء وسوقي لا يمت بصلة للفن”، مطالبا الوزير بالاستقالة وتقديم الاعتذار للمغاربة على ما حدث بمهرجان الرباط”.
وكشف مصدر مسؤول من داخل وزارة الشباب والثقافة والتواصل لجريدة “شفاف”، عن أن الوزارة لا يمكنها ممارسة الرقابة على المغنين الذين يشاركون في التظاهرات التي تكون تحت إشرافها، وأن المغرب بلد الحريات ولا يمكن مصادرة الآراء والتوجهات الفنية لأي طرف ما دامت لا تمس بثوابت المملكة.
وأوضح المصدر ذاته، أنه بالرغم من تحفظ الوزارة وعدم اتفاقها مع ما نطق به الرابور طه فحصي الملقب بـ “الغراندي طوطو” لا خلال حفله الغنائي أو قبله في المؤتمر الصحافي، إلا أنها ترى أن الكل يعرف أسلوب ولغة هذا الفنان وهذا النوع الغنائي، وأن 170 ألف شخص الذين قدموا لحفله أو غيرهم من عشاقه من الشباب أو حتى الكبار يفضلون ما يقدمه من غناء في هذا الإطار.
وحول استدعاء الرابور “طوطو” أو غيره من الفنانين المعروفين بتوجههم وأسلوبهم الذي حوله دائما نقاش في قادم التظاهرات الفنية، لفت المسؤول بالوزارة إلى أنه لا يمكن إقصاء أي شخص أو مغني لمجرد أن بعض الناس لا تتفق مع هذا النوع الغنائي أو ذاك، فالأعداد الكبيرة التي حضرت مثلا لحفل صاحب أغنية “حرام” تؤكد أن هذا الفنان له جمهور يعرف هذا الشاب المغربي ويحب ما يقدمه، وهو ما يجعل الوزارة تشجع هذا الفنان وغيره من الشباب المغاربة على المشاركة في المهرجانات التي ستنظمها مستقبلا.
واستغرب المتحدث نفسه، من الهجمة التي تتعرض لها الوزارة، معتبرا أنه لم يتم التركيز على أن هذا الشاب مغربي وهو أحد أبناء هذا الشعب، ويؤدي فن “الراب” المعروف بهذا الشكل والصيغة التي يعرفها العالم أجمع، متسائلا إن كان “طوطو” فنانا أمريكيا وتلفظ بنفس الكلام وبلغة إنجليزية، هل سنشهد نفس الضجة التي أثيرت في هذا الجانب؟
كما أوضح هذا المسؤول أن ما يقع مجرد حملة مغرضة، تحاملت على نجاح هذا المهرجان ولم تشر لما خلقه من رواج تجاري بالمدينة، وحركية فنية وثقافية شارك في تنشيط أغلب فقراتها فنانين مغاربة إلى جانب آخرين أفارقة، لكون أن الرباط اليوم هي عاصمة الثقافة الإفريقية، وهو ما يخدم كذلك الدبلوماسية الثقافية للمملكة.
يذكر أن المغني “طوطو” تحدث في رده على أسئلة الصافيين عن ظهوره بشكل متكرر لا في فيديوهاته التفاعلية أو أعماله وهو يدخن المخدرات وتحديدا “الحشيش” ومسألة تأثر الشباب الذين يتابعوه بهذا الامر، قائلا إنه حر فيما يفعل وتلك حياته، إضافة لتلفظه خلال إحيائه لحفله بمهرجان الرباط بكلمات اعتبرها الكثيرون خادشة للحياء وغير مناسبة في مثل هاته التظاهرات الثقافية.