نظمت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة (ATEC) بشراكة مع جمعية حقوق وعدالة Droits et Justice) (والمركز الدنماركي للنوع الاجتماعي والمساواة والتنوع (KVINFO)، اليوم الاثنين، بالبيضاء، ندوة حول مشروع قانون 03.23 المتعلق بمراجعة المسطرة الجنائية وعلاقته بقضايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
وتهدف هذه الندوة إلى دراسة وتحليل مشروع قانون 03.23 المتعلق بمراجعة المسطرة الجنائية، مع التركيز على الجوانب المتعلقة بحقوق المرأة سواء كمتهمة أو كضحية.
كما ناقشت أيضا الإشكاليات المرتبطة بالصلح والتنازل والعقوبات البديلة في جرائم العنف ضد النساء، وكيفية إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في تنفيذ العقوبات وضمان العدالة لكافة الأطراف.
♦تحسين المواد القانونية
وفي هذا الإطار، أعربت زاهية اعمومو، المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة، عن تقديرها لبعض الخطوات التي جاء بها مشروع قانون 03.23 المتعلق بمراجعة المسطرة الجنائية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز حماية النساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأشارت اعمومو في تصريحات صحفية، إلى أن القانون يتضمن بعض الإجراءات التي تُعتبر تقدمًا مهمًا، مثل إنشاء خلايا دعم متخصصة داخل المحاكم للنساء والأطفال، وتوفير حماية قانونية للضحايا في جميع مراحل الدعوى.
وأفادت اعمومو رغم أن مشروع قانون 03.23 المتعلق بمراجعة المسطرة الجنائية قدم أشياء إيجابية في هذا الإطار، إلا أن هناك مطالب من أجل تضمين تدابير إضافية لضمان شمولية الحماية.
وأوضحت أن هناك حاجة إلى تعزيز التدابير الوقائية لحماية النساء قبل وقوع العنف، وضمان سرعة الإجراءات القضائية للحد من المعاناة النفسية والاجتماعية للضحايا.
وأشارت أيضًا إلى أهمية توفير برامج توعية للنساء حول حقوقهن وآليات الدعم المتاحة، إضافة إلى ضمان حماية الشهود لتعزيز ثقة المجتمع وتشجيع الإبلاغ عن حالات العنف.
كما، دعت المتحدثة إلى تحسين بعض المواد في القانون لضمان تحقيق حماية شاملة للنساء ضحايا العنف، مشيرة إلى أن هذه الخطوات تساهم في بناء مجتمع عادل وآمن يحمي حقوق جميع أفراده ويعزز من مكانة المرأة ويصون كرامتها.
♦توجه يثير جدل
وفي السياق أوضح أنس سعدون، عضو نادي القضاة، أن مشروع قانون 03.23 الذي يراجع المسطرة الجنائية يقدم رؤية جديدة فيما يخص التنازل، الصلح، والعقوبات البديلة في جرائم العنف ضد النساء.
وبيّن سعدون في الإطار ذاته، أن هذا التوجه يثير جدلاً بين من يعتبره وسيلة لتحقيق مرونة أكبر في معالجة القضايا، وبين من يرى فيه احتمالًا للإفلات من العقاب.
وأشار سعدون إلى أن التنازل والصلح قد يُنظر إليهما كأدوات لتعزيز التصالح المجتمعي، لكنهما يثيران قلقًا فيما يخص جرائم العنف ضد النساء، حيث قد يؤدي الضغط الاجتماعي أو الاقتصادي على الضحية إلى التنازل عن حقوقها.
كما دعا المتحدث إلى ضرورة توفير ضوابط صارمة لضمان أن يكون التنازل طوعيًا وبعيدًا عن أي ضغط.
أما بالنسبة إلى العقوبات البديلة، فاعتبر سعدون أن المشروع يسعى لتقديم مفهوم جديد للعقوبة يركز على إصلاح الجاني وإعادة إدماجه في المجتمع، إلا أن هذا النهج قد يكون غير مناسب في بعض جرائم العنف الخطيرة ضد النساء.
وأكد على أهمية التمييز بين الجرائم التي يمكن فيها تطبيق العقوبات البديلة وتلك التي تتطلب عقوبات رادعة لضمان عدم التساهل مع مرتكبي الجرائم العنيفة.
وأضاف، أن مشروع قانون 03.23 يتطلب مزيدًا من النقاش لضمان تحقيق التوازن بين مرونة العقوبات وحماية حقوق الضحايا، حتى لا يُفهم الإصلاح كوسيلة للإفلات من العقاب، بل كخطوة لتعزيز العدالة الجنائية وضمان حقوق النساء وسلامتهن.
♦تعزيز حقوق الضحايا
وفي الإطار ذاته، أكد المحامي محمد بكار أن مشروع قانون 03.23 لمراجعة المسطرة الجنائية يتضمن خطوات إيجابية لتعزيز حقوق الضحايا، خاصة في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، مشيراً إلى أن القانون يولي اهتماماً أكبر لحماية الضحايا من خلال ضمان إشعارهم بمراحل الإجراءات القانونية وتوفير دعم قانوني ونفسي لهم.
وأوضح أن هذه التدابير تتماشى مع معايير دليل تشريعات الأمم المتحدة لمكافحة العنف، الذي يوصي بضرورة تقديم الدعم الكامل للضحايا وتأمين حقوقهم في جميع مراحل الدعوى.
وأضاف بكار أن مشروع القانون يسعى أيضًا لتوفير آليات حماية متقدمة للنساء والأطفال ضحايا العنف، مثل إنشاء خلايا متخصصة داخل المحاكم، وهي خطوة تتماشى مع متطلبات الأمم المتحدة التي تشدد على ضرورة تقديم الحماية والمساعدة الكاملة لضحايا العنف، بما في ذلك التوعية بحقوقهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
وأشار بكار إلى أن دليل تشريعات الأمم المتحدة يعتبر مرجعاً أساسياً لتحديد معايير الحماية، ويطالب الدول الأعضاء بضمان حماية حقوق الضحايا وتقديم خدمات شاملة تلبي احتياجاتهم.
ودعا إلى ضرورة أن يأخذ مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي في اعتباره توصيات هذا الدليل بشكل كامل، لضمان تفعيل فعّال وشامل لحماية الضحايا ومكافحة الإفلات من العقاب.
وشدد بكار أن تطبيق معايير الأمم المتحدة في مشروع القانون يعزز من مكانة المغرب في حماية حقوق الإنسان ويؤكد التزامه الدولي، لكنه أشار إلى أهمية وجود آليات رقابة صارمة لضمان تفعيل هذه الحقوق بفعالية وبدون تمييز.