أبرز الخطاب الملكي السامي الأخير بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، عن ارتكاز المملكة في الدفاع عن مغربية الصحراء، على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة.
ومن بين أشكال الدبلوماسية المعتمدة على مستوى السياسة الخارجية في عديد البلدان، تبرز الدبلوماسية البرلمانية التي تطرح تساؤلات عديدة عن حصيلتها حتى الآن بالمغرب، وقدرة الفاعلين بهذه المؤسسة من نواب ومستشارين على توطيد العلاقات الدولية، وخدمة والدفاع عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، قال عبد اللطيف مستكفي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن الموضوع المتعلق بالدبلوماسية البرلمانية ومدى نجاعتها في المساهمة في حل عدد من القضايا أو المساهمة في تطوير العلاقات الدولية، والتي يبرز في مقدمتها القضية الوطنية، ينصب حول مستويين أساسيين أولهما يرتبط بالمؤسسة البرلمانية، وثانيهما يتعلق بالدبلوماسية.
وأضاف مستكفي أنه عند الوقوف عند أمر الدبلوماسية البرلمانية أو السلطة البرلمانية أو السلطة التشريعية، نجد أن مجموعة من الدراسات التي تشير إلى وجود مجموعة من العيوب أو النواقص التي تشوب العمل البرلماني بصفة عامة، وتطرح تساؤلات عن قدرة البرلمان على القيام بأدواره الأساسية المتمثلة في الوظائف التشريعية والرقابية، إضافة لوظيفة تقييم السياسات العمومية التي أضافها دستور 2011 لاختصاصات هذه المؤسسة، ومن تمت يبرز الحديث عن الارتقاء للمستوى الثاني المتعلق بالدبلوماسية البرلمانية.
ولفت أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، إلى أن المؤسسة البرلمانية ما زالت تعاني من مجموعة من المشاكل، مشيرا إلى وجود إسقاط لذلك؛ والذي يمكن إبرازه من خلال ما جاء به الباحث البريطاني آلين كريس، عندما تحدث بلغة ساخرة عن الدور التمثيلي للبرلمان بالمفهوم المسرحي وليس بمعنى التمثيلية الديمقراطية.
واعتبر المتحدث ذاته، أن البرلمان المغربي يعاني اليوم من ضعف التكوين لدى البرلمانيين على مستوى التشريع وغيره من الوظائف الموكولة لهم، وأصل هذا المشكل هو ما تفرزه العملية الانتخابية التي لا تعطي نخبا قادرة عن القيام بأدوارها، وتكون في الوقت ذاته ممثلة لحزب معين له تصور وإيديولوجيا خاص به، لافتا في هذا الصدد إلى أنه في مرحلة سابقة كان تطغى على هذه المؤسسة مسألة الترحال البرلماني، والتي تم ضبطها من خلال التشريع الذي منع هذه الظاهرة، والتي تؤثر على الأغلبيات داخلها.
وتابع قائلا إنه في الأصل توجد مجموعة من العراقيل أو العوامل الذاتية المرتبطة بالمؤسسة التشريعية التي تحول دون قيامها بدورها على مستوى المهام المنوطة بها دستوريا وسياسيا، مشيرا إلى أنه لا يعقل أن برلمانا لا يقوم بوظائفه الأساسية سيرقى إلى مستوى الدبلوماسية البرلمانية.
وأكد مستكفي أن الدبلوماسية كحقل اشتغال يدخل في إطار ما يسمى بـ “حقل السيادة” الذي طرح إشكالا كبيرا في النظام السياسي المغربي منذ الاستقلال وإلى حدود يومنا هذا، والذي كانت أبرز محطاته تلك التي خصت حكومة التناوب خلال مرحلتي التفاوض الأولى والثانية بين أحزاب الكتلة الديمقراطية والمؤسسة الملكية، واللتين كانتا مطروحتين حول إشكالية الوزارات السيادية، والتي من بينها قطاعات الخارجية والدفاع والأوقاف.
وأوضح المصدر ذاته، أن السياسة الخارجية وما يرتبط بها ظلت من الاختصاصات السيادية التي تشرف عليها المؤسسة الملكية، مبرزا أنه بالرغم من الجهود المبذولة لا يمكن بالبتة الحسم بأن المغرب يعيش فعليا ما يسمى بالدبلوماسية البرلمانية، على عكس عديد البلدان الديمقراطية التي تعرف دبلوماسيات متعددة ومن بينها الرسمية والبرلمانية وتلك الخاصة بالمجتمع المدني.