نظم المرصد المغربي للتربية الدامجة، اليوم الأربعاء، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، تنديدًا بالتأخير غير المبرر في صرف المنح المخصصة للمراكز الاجتماعية، وهو الوضع الذي بات يهدد استمرارية الخدمات المقدمة للأشخاص في وضعية إعاقة.
ورفع المحتجون خلال الوقفة شعارات تندد بالتجاهل المستمر من قبل الوزارة، لمطالب الجمعيات والمراكز التي تشرف على دعم تمدرس وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرين إلى أن غياب التمويل يؤدي إلى اختلالات خطيرة قد تصل إلى توقف الخدمات بشكل نهائي، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للحقوق المكفولة دستوريًا ودوليًا لهذه الفئة.
وقفة احتجاجية أمام وزارة التضامن للمطالبة بصرف منح المراكز الاجتماعية
♦تصعيد مرتقب قريبًا
أكد الأستاذ أحمد الحوات، رئيس المرصد المغربي للتربية الدامجة، أن خطوة الوقفة الاحتجاجية التي قاموا بها أمام وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، جاءت نتيجة لأزمة خانقة يعاني منها العاملون الاجتماعيون التابعون للجمعيات منذ ستة أشهر، حيث لم يتوصلوا بمستحقاتهم المالية إلى اليوم، وهو ما دفعهم إلى الاحتجاج والمطالبة بتوضيحات من الجهات المسؤولة.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، أوضح أحمد، أن ما يزيد عن 9000 عامل اجتماعي لم يتقاضوا أجورهم منذ نصف عام، وهو ما وضعهم في وضعية اجتماعية واقتصادية صعبة، خصوصًا أن العديد منهم يعيلون أسرًا ويواجهون صعوبات معيشية متزايدة.
وأبرز المتحدث أن الوقفة تأتي أيضًا كرد فعل على تقليص المنحة المخصصة للجمعيات بنسبة 10 في المئة، في الوقت الذي تشهد فيه أجور موظفي الدولة زيادات متواصلة، وهو ما اعتبره تمييزًا واضحًا وإجحافًا في حق العاملين في هذا القطاع.
وأكد أن الجمعيات والأطر المشرفة على هذه الفئة قررت خوض هذه الخطوة الاحتجاجية بهدف معرفة أسباب هذا التأخير وإيجاد حلول عاجلة لهذا الوضع الذي وصفه بالكارثي.
وأشار أحمد إلى أنه في حال عدم الاستجابة لمطالبهم خلال الأسبوع المقبل، فسيتم تصعيد الاحتجاجات عبر تنظيم اعتصامات مفتوحة، مؤكدًا أن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، حيث يواجه العديد من العاملين صعوبات في توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم.
الأشخاص في وضعية إعاقة يحتجون ضد التمييز أمام البرلمان.. فهل تتدخل وزارة حيار لإنصافهم؟
وشدد المتحدث على أن وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي لم تقدم أي مبررات واضحة حول أسباب التأخير في صرف المنح، رغم المراسلات العديدة التي وجهتها الجمعيات، سواء عبر البلاغات الرسمية أو عبر الرسائل المباشرة.
♦تأخير يهدد الخدمات
وأورد رئيس المرصد المغربي للتربية الدامجة، أن جميع المحاولات للحصول على توضيحات من الوزارة باءت بالفشل، حيث لم تتلق الجمعيات أي رد رسمي حول هذه المسألة، مما زاد من حالة الاحتقان بين العاملين الاجتماعيين الذين يعيشون وضعية صعبة وغير مستقرة. ومؤكدا أن الوزارة لم تتفاعل مع احتجاجاتهم بالشكل المطلوب، ولم تقدم أي حلول ملموسة، مما دفعهم إلى التصعيد والمطالبة بتحرك عاجل لإنهاء هذه الأزمة.
وأوضح المتحدث أن الوزارة تتحدث عن جهودها في إدماج الأطفال في وضعية إعاقة ضمن المسار الدراسي، إلا أن الواقع، وفق تعبيره، يعكس صورة مغايرة تمامًا، حيث تواجه الجمعيات العاملة في هذا المجال صعوبات كبيرة بسبب عدم صرف المستحقات المالية وتأخر الدعم، وهو ما يعيق استمرارية العمل ويؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للأطفال في وضعية إعاقة.
وأضاف أحمد، أن العاملين الاجتماعيين يجدون أنفسهم في وضعية نفسية واقتصادية صعبة بسبب هذا التأخير، متسائلًا كيف يمكنهم تأدية مهامهم في ظل هذه الظروف غير المستقرة. ومنتقدا غياب رؤية واضحة لدى الوزارة في تدبير هذا الملف، وعدم توفير الآليات الضرورية التي تمكن العاملين الاجتماعيين من أداء مهامهم بشكل لائق.
ولفت المتحدث إلى أن رئيس الحكومة كان قد التزم برصد 500 مليون درهم لدعم برامج الإدماج الاجتماعي، إلا أن ما يحدث الآن يتناقض مع هذا الالتزام، حيث تم تقليص المنحة المخصصة للجمعيات بدل زيادتها.
♦مطالب مستعجلة ومنصفة
وتساءل كذلك عن أسباب هذا التقليص، مؤكدًا أن قطاع الإعاقة يبدو أنه الوحيد الذي يتعرض لهذا الإجراء، في حين أن القطاعات الأخرى تستفيد من زيادات في الميزانية.
واعتبر أحمد أن هذا الوضع يعكس حيفًا وتمييزًا في التعامل مع هذا القطاع، رغم أهميته ودوره الحيوي في دعم الفئات الهشة وضمان حقوق الأطفال في وضعية إعاقة.
وتحدث المتحدث عن مجموعة من الإكراهات التي تواجه العاملين الاجتماعيين، مشيرًا إلى أن بطاقة النوع الخاصة بتصنيف الإعاقة لم يتم تفعيلها بعد، كما أن عملية تقييم الإعاقة ما تزال غير واضحة المعالم.
كما أشار إلى غياب بطاقة اعتماد للعاملين الاجتماعيين، مما يجعل وضعيتهم المهنية غير محمية وغير معترف بها بشكل رسمي. ومؤكدا أن سوء التدبير وغياب رؤية واضحة لمشروع دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة يزيد من تعقيد الأمور، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المسؤولة لإصلاح هذا الوضع وضمان استمرارية الخدمات الاجتماعية الموجهة لهذه الفئة.
الدعم الاجتماعي .. أسر معوزة تتنازل عن أساسيات الحياة خوفا من ارتفاع المؤشر والحكومة في قفص الاتهام
وفي الأخير، طالب رئيس المرصد المغربي للتربية الدامجة، بضرورة الإسراع في صرف مستحقات العاملين الاجتماعيين المتأخرة منذ ستة أشهر، مؤكدًا أن هؤلاء العمال يعانون أوضاعًا صعبة بسبب هذا التأخير، ولا يمكنهم الاستمرار في العمل دون التوصل بأجورهم.
كما دعا إلى ضرورة اعتماد آلية واضحة لصرف المنح بشكل منتظم، حتى لا يتكرر هذا الوضع في المستقبل، مشددًا على أن العاملين الاجتماعيين لن يتراجعوا عن مطالبهم المشروعة وسيواصلون الضغط على الوزارة حتى يتم إيجاد حل عادل ومنصف لهذا الملف.