تساءلت مجلة “جون أفريك” الفرنسية عن مستقبل العلاقات بين المغرب وإيطاليا على خلفية منح الإيطاليين الأغلبية لجورجيا ميلوني، زعيمة حزب “فراتيلي دي إيطاليا” اليميني المُتطرف، المتحالف مع العديد من الأحزاب اليمينية، بما في ذلك حزب وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني.
ومن المفترض أن يشكل هذا الائتلاف الحكومة الإيطالية المقبلة، بقيادة ميلوني، التي نشرت كتابا عبرت فيه عن إعجابها بالانفصاليين الصحراويين.
وأضافت ‘‘جون أفريك’’ أنه بينما تتخوف معظم البلدان الأوروبية من التداعيات المحتملة لصعود ميلوني (45 عاما) إلى السلطة في إيطاليا، فإن من المحتمل أن يولي المغرب هو الآخر اهتماما وثيقا للدبلوماسية الإيطالية، لأن حزب ‘‘فراتيلي دي إيطاليا’’ اليميني المُتطرف ليس بالمجهول في المملكة، وذلك بسبب قربه من جبهة البوليساريو الانفصالية .
فمنذ ولادته قبل حوالي خمسة عشر عاما، أعرب هذا التشكيل اليميني المتطرف بانتظام، من خلال الإعلانات أو القرارات في البرلمان، عن دعمه الثابت للجبهة الانفصالية .
وتابعت “جون أفريك” أنه في عام 2013 قطع بعض نشطاء حزب ‘‘فراتيلي دي إيطاليا’’ بزعامة جورجيا ميلوني مؤتمرا في المجلس البلدي لكروتوني (كالابريا)، بسبب وجود القنصل العام المغربي في إيطاليا، أحمد صبري. وانتهزوا الفرصة لرفع لافتة كُتب عليها ‘‘Sahara Libre’’.
واغتنم المتحدث المحلي للحزب، جيانفرانكو تورينو، الفرصة لمطالبة المنطقة ‘‘بعدم إبرام اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع المغرب حتى تسحب جيشها من الصحراء .
ومضت ‘‘جون أفريك’’ إلى التذكير أنه في الآونة الأخيرة، أعربت جيورجيا ميلوني دون أي لبس عن إعجابها بانفصاليي الجبهة ، وذلك في كتابها الذي نشر في شهر مايو عام 2021، وحمل عنوان “Io sono Giorgia”. في هذا الكتاب، أشادت وزيرة الشباب السابقة في حكومة سيلفيو برلسكوني بهذا ‘‘الشعب الذي يتمتع بإحساس هائل بالانتماء’’، مضيفة القول: ‘‘اختار الصحراويون الدبلوماسية، ومن الواضح أن هذا الاختيار لم يكافئهم حتى الآن’’. وطالبت بإجراء استفتاء لتقرير المصير. كما تحدثت جورجيا ميلوني عن ‘‘الأيام العشرة التي لا تُنسى’’ التي قضتها في تندوف عندما كانت عضوا في مجلس محافظة، وعن احتساء الشاي بصحبة النساء الصحراويات.
تحدثت جورجيا ميلوني في كتابها عن الأيام العشرة التي لا تُنسى التي قضتها في تندوف عندما كانت عضوا في مجلس محافظة، وعن احتساء الشاي بصحبة النساء الصحراويات
من جهة أخرى، توقفت ‘‘جون أفريك’’ عند السياق الذي يأتي فيه الوصول المفترض بقوة لجورجيا ميلوني إلى رئاسة الحكومة الإيطالية، موضحة أن الانتخابات الإيطالية الأخيرة جاءت في سياق التقارب بين الجزائر وروما، الساعية بكل الوسائل لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي. وفي هذا الإطار، زاد الرئيس السابق للحكومة الإيطالية، ماريو دراغي، والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اجتماعاتهما في الأشهر الأخيرة. كما أن هذا التقارب أدى إلى توقيع عقد بقيمة 4 مليارات دولار بين شركة المحروقات سوناطراك، وعدد من شركائها، بما في ذلك شركة إيني الإيطالية، في يوليو الماضي.
ومن هنا تساءلت “جون أفريك”: هل يمكن أن يؤثر الموقف الشخصي، الموجه للغاية لصالح جبهة البوليساريو للرئيسة الجديدة المحتملة جدا لمجلس الوزراء الإيطالي على العلاقات بين المغرب وإيطاليا؟، موضحة أنه، حتى الآن، تمكنت روما دائما من الحفاظ على مصالحها والحفاظ على توازن مثالي بين الرباط والجزائر.
وقالت ‘‘جون أفريك’’ إن الحذر هو سيد الموقف في المغرب، في هذه المرحلة، فيما يعتقد البعض أن المواقف الشخصية لرئيسة الحكومة الإيطالية المستقبلية المحتملة ستصطدم بواقع ممارسة السلطة، واستحالة إبعاد شريك مثل المغرب دون داع. فحتى لو خاطرت جورجيا ميلوني، فإنه من المتوقع أن تجابه بمقاومة داخلية قوية من حلفائها: في الواقع، يحتفظ زعماء الحزبين في تحالفها، سيلفيو برلسكوني من ‘‘فورزا إيطاليا’’، وماتيو سالفيني عن ‘‘رابطة الشمال’’، بعلاقات جيدة جدا مع المغرب. بل إن الثاني أعلن، في عام 2015، ‘‘دعم موقف المغرب’’ في هذا الخلاف، ودعا إلى تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين.