عاد النقاش والجدل مجددا لأروقة وأحياء مقاطعة الحي الحسني، بسبب إدراج النقطة رقم 23 ضمن جدول أعمال دورة أكتوبر العادية لمجلس الدار البيضاء، التي ستعقد يوم الخميس المقبل، والتي تتعلق بمبادلة عقارية بين جماعة العاصمة الاقتصادية ومديرية أملاك الدولة، وهو ما ستستفيد بموجبه مقاطعة عين الشق من وعاء عقاري يقع فوق ترابها، والتي ستخصصه وفق المقترح المطروح لإحداث مشاريع ذات بعد اجتماعي وثقافي ورياضي.
“الزنقة 18”.. الشجرة التي تخفي غابة المشاكل البنيوية والتجاذبات السياسية بمقاطعة الحي الحسني
–النقطة 23
تشير النقطة 23 المدرجة ضمن جدول أعمال دورة أكتوبر العادية لمجلس جماعة الدار البيضاء، إلى أنه ستتم الدراسة والتصويت على إجراء مبادلة عقارية، تتخلى بموجبها جماعة الدار البيضاء عن القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري عدد 51871/س، مساحتها 70791 مترا مربعا “SROT“، تتواجد فوقها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء – سطات ومجموعة من البنايات بمقاطعة الحي الحسني.
وذلك مقابل تخلي إدارة أملاك الدولة عن قطعة أرضية مساحتها الإجمالية حوالي 47596 مترا مربعا، معروفة بأرض الخيرية سابقا بعين الشق، والتي تضم هذه الأرض جزءا من الرسم العقاري عدد 52004 اس، مساحته 17414 مترا مربعا، موجزها آخر من الرسم العقاري 27953/س (p5) مساحته 14502 متر مربع، والرسوم العقارية 65806/س، مساحته 1430 مترا مربعا، و45880 س، مساحته 12455 مترا مربعا، و27920 س، مساحته 1795 مترا مربعا، من أجل إنجاز مشروع قطب اجتماعي وثقافي ورياضي، وجزء آخر يقتطع من الرسم العقاري عدد 52004 /س، مساحته 2560 مترا مربعا، من أجل إعادة بناء سوق بغداد بتراب مقاطعة عين الشق.
–رفض للخطوة
بعد الجدل الذي رافق تفويت زقاق “الزرزور” (الزنقة 32) بحي بروطون، وغلق منعش عقاري لامتداد الزنقة 18، المؤدية للشارع الرئيسي “امحمد بوستة”؛ المتواجدة بحي سيدي الخدير تباينت المواقف بين الفاعلين داخل تراب مقاطعة الحي الحسني حول النقطة 23 المذكورة.
وفي هذا الصدد، أبرز طارق كعدة، رئيس جمعية “الشباب الملكي”، أن ما طرحته النقطة 23 يعد “إهانة” في حق مقاطعة الحي الحسني، مشيرا إلى أنه لا يعقل أن يتنازل طرف منتخب لحساب استفادة آخر، مثلما وقع مع العقار المذكور.
ولفت الفاعل الجمعوي ذاته، إلى أنه أقدم برفقة عدد من فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة على مراسلة كل من وزير الداخلية، ووالي جهة الدار البيضاء – سطات، من أجل التظلم حول برمجة النقطة 23 في جدول أعمال مجلس جماعة الدار البيضاء لدورة أكتوبر 2023، والذي التمس عبره تدخل المسؤولين لرفع الضرر الوشيك، معتبرا أن هذه المبادلة إن تمت، ستكون لها تأثيرات سلبية وعواقب وخيمة وستساهم في فقدان ساكنة الحي الحسني الثقة في مجلس الجماعة ومجلس المقاطعة.
وأوضح أن مجلس الدار البيضاء الذي ينبغي أن يعمل بحرص شديد على تكافؤ الفرص بين جميع مقاطعات الجماعة يعتزم القيام بمبادلة عقارية مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، مشيرا إلى أن الأمر لا يستقيم وليس فيه أي إنصاف لمقاطعة الحي الحسني التي هي في أشد الحاجة لعقارات لخلق مشاريع اجتماعية واقتصادية وترفيهية ورياضية.
ساكنة حي ليساسفة بالبيضاء تطالب بإنهاء معاناتها مع سوق “لحرش” للمتلاشيات
وأبرز كعدة أن الأًولى كان تفعيل اتفاقية المجلس الأسبق لسنة 1995 بتبادل من أجل التسوية العقارية لمجموعة من المشاريع، منها 3 أسواق ومحطة البنزين ومصلحة حفظ الصحة بمقاطعة الحي الحسني، لافتا إلى أن وحدة المدينة لا تعني استفادة مقاطعة على حساب أخرى.
واعتبر أن “مقاطعة عين الشق تستغل موقع عدد من أعضائها داخل مكتب مجلس الجماعة لتمكين مقاطعتهم من امتيازات على حساب مقاطعات أخرى، إن لم نقل إنها أصبحت بمثابة جماعة داخل جماعة الدار البيضاء، بدليل عدد نواب الرئيس”، موضحا أنه رغم شساعة مساحتها واتساع نفوذها الترابي، لم تجد لها حلا لتوسيع سوق بغداد إلا من خلال مبادلة بأرض توجد خارج ترابها.
وتابع أنهم يريدون أن يقوموا بنفس العمل الذي فعله مجلس المدينة السابق، عندما قام بتبادل أرض عليها المحجز البلدي (الفوريان) الحي الحسني مع أرض بسوق لقريعة، مشيرا إلى أن مقاطعة الحي الحسني تعتبر أكبر مقاطعة من حيث عدد السكان وهي تحتاج لكل أرض لخلق مشاريع تنموية تعود على الساكنة بالنفع.
–“الدار البيضاء لكل البيضاويين”
يرى سعيد شمس الدين، المندوب الجهوي للرابطة الحسنية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء – سطات، في تصريح لـ “شفاف”، أنه للأسف أصبحت علاقة مقاطعة الحي الحسني مع مجلس جماعة الدار البيضاء يشوبها الكثير من الغموض وسوء النية، مبرزا أن الإشكال المطروح بخصوص النقطة 23 للدورة العادية لشهر أكتوبر هو في المساحة الفارغة.
وأوضح شمس الدين أن رئيس مجلس مقاطعة الحي الحسني أعطى وعدا بأنها ستبقى للساكنة من أجل إنجاز مرفق رياضي أو اجتماعي، موضحا أن المجتمع المدني ليسوا ضد المصلحة العامة، معتبرا أن الدار البيضاء لكل البيضاويين.
وأضاف أن المشكل ليس في الدولة بل في هؤلاء الدين يعرفون الحلول ويستغلونها في صالحهم، مشيرا إلى أن بعض المنتخبين؛ 30 سنة وهم في المقاطعة، مشيرا إلى أن ساكنة المنطقة في حاجة ماسة إلى حدائق عمومية في كل الأحياء، وإلى إطلاق عملية كبيرة لإعادة تشجير وتهيئة الشوارع الكبرى وإعادة تهيئة وترميم الأحياء الشعبية، وإحداث أسواق نموذجية كبرى لإيواء الباعة المتجولين.
بعد 20 سنة عن التوقف.. استئناف بناء سوق “دالاس” ومطالب بفتح تحقيق وافتحاص المشروع
وتابع المندوب الجهوي للرابطة الحسنية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء – سطات، أن المنطقة أيضا في حاجة قصوى لبناء سوق عصري كبير مكان الأسواق التي أصبحت عاجزة عن تلبية حاجيات الساكنة، التي تضاعفت مئات المرات بسبب التراخيص المفرطة للسكن الاقتصادي، ولإنشاء دور شباب جديدة لتأطير الشباب في الأحياء الشعبية والتجزئات السكنية المرخصة بدون مرافق اجتماعية، ولبناء مراكز اجتماعية أولا لإيواء المشردين والأشخاص بدون مأوى.
في سياق متصل، أبرز عز الدين جندول، الرئيس السابق والمؤسس لجمعية “الشباب الملكي”، ورئيس جمعية “عين على السينما”، أنه كأحد الفاعلين الجمعويين من أبناء المنطقة، لا يزال في انتظار ما ستخلص إليه لجنة التعمير بالمقاطعة، وأنه مباشرة بعدها سوف سيتم عقد اجتماع مع رئيس مقاطعة الحي الحسني لمعرفة كل التفاصيل.
واعتبر جندول أن مصلحة الدار البيضاء هي فوق كل شيء، مشيرا إلى أنه إذا كان هذا التبادل سيعود بالنفع على ساكنة المدينة في أي مقاطعة من المقاطعات، يجب ألا تحسب على أبناء المنطقة المساهمة في عرقلة التنمية، مشيرا إلى أنهم لن يرضوا بأن يكونوا سببا في تعثر أي مشروع تنموي كيفما كان حجمه.
–رأي المعارضة
عبر المصطفى منضور، العضو عن حزب التقدم والاشتراكية (المعارضة) في كل من مجلسي مقاطعة الحي الحسني وجماعة الدار البيضاء، لـ “شفاف” عن رفضه لإدراج هذه النقطة، مشيرا إلى أن الأولوية يجب أن تكون لمقاطعة الحي الحسني وليس لغيرها.
وشدد منضور على أن أ ي تبادل عقاري في هذا الإطار يجب أن يتم بين الأملاك المخزنية والعقارات المتواجدة بعمالة مقاطعة الحي الحسني وبشكل يستفيد منه الطرفان اللذان تهمهما هذه العملية.
وأشار إلى أنه خلال اجتماع مع رئيسة مجلس الدار البيضاء نبيلة الرميلي الذي عقدته مع رؤساء اللجان والفرق بالجماعة، عبر برفقة المعارضة والأعضاء الممثلين لمقاطعة الحي الحسني بالأخيرة (الجماعة)، عن عدم موافقتهم على هذه الخطوة.
ويرى العضو عن حزب التقدم والاشتراكية في كل من مجلسي مقاطعة الحي الحسني وجماعة الدار البيضاء، أن ما حدث بخصوص النقطة 23 يؤكد غياب التنسيق والانسجام ما بين عناصر ومكونات الأغلبية المدبرة للشأن المحلي بالعاصمة الاقتصادية.
واقترح المتحدث ذاته، اللجوء إلى التسوية العقارية بين مجلس مقاطعة الحي الحسني والدولة، بخصوص البنايات التي تعود للأملاك المخزنية وعقار الأكاديمية الجهوية للتربية الوطنية لفائدة الطرفين، وذلك بعد تقييم العقارات من ناحية الثمن والقيمة المالية وغيرها من الأمور، من طرف المختصين في هذا المجال.
وأضاف منضور أنه إلى جانب ذلك، يجب أن تظل المساحة الفارغة الموجودة إلى جانب الأكاديمية في ملكية جماعة الدار البيضاء، من أجل إحداث مشروع سوسيوثقافي لصالح ساكنة الحي الحسني، والتي تفتقر لمثل هاته المرافق.
ساكنة حي النسيم بالبيضاء تحتج على غياب المرافق الأساسية وتطالب بإحداث مقر خاص لحفظ الصحة
–التأجيل والتشبث بالتسوية العقارية
كشف الطاهر اليوسفي (المنتسب لحزب التجمع الوطني للأحرار)، رئيس مجلس مقاطعة الحي الحسني، لـ “شفاف” عن أن النقطة 23 المدرجة ضمن جدول أعمال مجلس الدار البيضاء التي كان مزمعا طرحها يوم الخميس القادم، تم تأجيلها إلى دورة فبراير 2024، عقب الاجتماع الذي جرى عقده صباح اليوم الإثنين مع العمدة الرميلي.
وأردف اليوسفي أن التأجيل جاء بسبب رفض المقاطعة لهذا الأمر، وذلك في انتظار تسوية وضعية هذا الملف التبادلي بصفة شمولية على مستوى مقاطعة الحي الحسني وغيرها من المقاطعات، وإعطاء الأولية لمنطقة الحي الحسني وحل إشكالية قلة العقارات بها، التي بالإمكان إحداث مشاريع عليها تعود بالنفع على ساكنة المنطقة.
وعبر المتحدث ذاته، عن تشبثه بأن يتم التبادل العقاري المرتقب داخل مقاطعة الحي الحسني، وبين الأخيرة ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حيث يُمنح عقار الأكاديمية للوزارة مقابل الاستفادة من أراضي أخرى جديدة أو في إطار التسوية العقارية من خلال تبادل عدد من البنايات، والقائمة على تصفية عقارات المقاطعة التي لا تزال في ملكية الدولة.
وأوضح رئيس مجلس مقاطعة الحي الحسني، أن هناك ملفات جاهزة من أجل إحداث أسواق ومشاريع سوسيو ثقافية، والتي يمكن إحداثها على أراضي توجد الآن تحت ملكية الدولة، مبرزا أن هذا الملف يدخل في إطار تسوية العقارات المتواجدة على تراب المقاطعة بشكل نهائي.
وشدد على أن هذا الملف سيدرس بتأني وتركيز من طرف اللجنة التقنية لمقاطعة الحي الحسني، من أجل حل إشكاليات العقارات المطروحة بالمنطقة منذ عقود، موضحا أنه منذ بداية مجلس المقاطعة الحالي بدأ الاشتغال على هذا لجانب، وتم قطع أشواط مهمة في عدد من الملفات؛ مثلما هو الأمر مع العقارات المتواجدة بأحياء ليساسفة والوفاقات (أحياء الوفاق 1 و2 و3 و4).
وتابع أن من بين العقارات التي قد تشملها هذه التسوية، نجد المركب الرياضي لحبيب الزمراني وسوقي “العرج” و”دالاس”، مشيرا إلى أنهت تصل في المجموع لـ 9 عقارات، وهو ما يتطلب وفقه عديد الإجراءات وهندسة طبوغرافية لاستخراج وتقييم العقارات التي لا تزال فارغة، والمتواجدة داخل الأكاديمية، والتي يمكن إحداث عليها مشروع سوسيوثقافي.
–استشارة المقاطعة وتمثيليتها بمجلس البيضاء
حول استشارة مجلس الدار البيضاء، لمقاطعة الحي الحسني قبل أخذ هذا القرار، يقول الطاهر اليوسفي إنه لم يتم إعلامهم للأسف قبل اتخاذ هذه الخطوة، مشيرا إلى أن أغلب الموظفين الذين لهم دراية بالممتلكات داخل المدينة تقاعدوا، ومن حلَّ مكانهم ليس له إلمام كبير بهذا الجانب، لافتا إلى أنهم بعد اطلاعهم على جدول أعمال دورة أكتوبر تفاجؤوا بالنقطة 23.
وأشار إلى أن الممتلكات التابعة لمقاطعة الحي الحسني، صاحب القرار فيها هو مجلس المدينة باعتباره يملك الصفة الاعتبارية في هذا الجانب، وهو مستقل في تدبيرها، لافتا إلى أن القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات يبرز أيضا أن هناك مواد تنص على أن الجماعة تضع رهن إشارة المقاطعات مجموعة من الممتلكات، وهو ما يعني ضمنيا تدبير المقاطعة لها وتسييرها وبرمجتها.
واعتبر أنه بناءً على ما سبق كان لازما على عمودية الدار البيضاء الاستشارة مع مقاطعة الحي الحسني وأخذ رأيها، مشيرا إلى أن ما وقع يشكل عيبا في القانون، يحب مراجعته وعدم الوقوع فيه مرة أخرى، مشددا على أن الملفات الكبرى الخاصة بالعقارات والتعمير والتجزئات العمرانية يجب أن تأخذ في عين الاعتبار رؤية المهندسين التابعين للمقاطعات صاحبة التراب، والتي لها إلمام أكثر بالمواضيع التي تدخل ضمن دائرة نفوذها الجغرافي.
فيما يخص غياب تمثيلية لمقاطعة الحي الحسني التي تعد مساحتها الأكبر بالمدينة (45 كلم)، وعدد سكانها يقارب واحد مليون نسمة؛ داخل مكتب جماعة الدار البيضاء، يبرز اليوسفي أن نيابات العمدة ترتبط بالتوافقات السياسية بين الأحزاب المشكلة للمجلس، وليس برغبة أعضاء مجالس المقاطعات، موضحا أن أعضاء مكتب مجلس الدار البيضاء في الإطار الجديد يمثلون الجماعة وليس المقاطعة في هذا الحالة.
وعاب المتحدث ذاته، أمر تواجد 4 أعضاء من مقاطعة عين الشق في تمثيلية مكتب مجلس جماعة الدار البيضاء، ملقيا باللائمة على التوافقات السياسية التي لا تنظر لاعتبارات التوازن في التمثيلية السياسية والجغرافية والكفاءة وغيرها، معتبرا أن ذلك يؤدي أحيانا لميل في ترافع الأعضاء عن مصالح وملفات المناطق التي ينتمون لها، لافتا إلى أن ذاتية العضو في الدفاع عن مقاطعته تكون حاضرة.
واعتبر رئيس مقاطعة الحي الحسني أنه كان من الواجب على الأقل تشكيل مكتب جماعة الدار البيضاء من ممثل عن كل مقاطعة، موضحا أن الأمر يرتبط بتقصير في رؤية الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية بمجلس العاصمة الاقتصادية، التي يقودها حزبه (حزب التجمع الوطني للأحرار).