تباينت الآراء حول عدم حضور وزيارة رئيس الحكومة أو عدد من وزراء حكومته إلى المناطق المنكوبة، جراء الزلزال الذي ضرب بعض المناطق ببلادنا يوم 8 شتنبر الجاري، حيث أثار هذا الموضوع نقاشا مستفيضا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر البعض أن الأمر طبيعي وأن الأولوية كانت لإغاثة المتضررين وتقديم المساعدة لهم، فيما تساءل آخرون عن أسباب غياب وزراء القطاعات المعنية عن الواجهة.
•أسباب الغياب
في هذا الصدد، قال رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في تصريح لجريدة “شفاف”، إنه على غرار العملية التي تعلقت بقبول أو رفض المساعدات الدولية، اعتمادا على تقييم حاجيات المملكة لها، وذلك وفق استراتيجية محددة ومدروسة وواضحة، فإن أمر خروج الوزراء والمسؤولين للمناطق المنكوبة جراء الزلزال لا يكون في لحظة واحدة أو بشكل اعتباطي، بل يأتي ذلك وفق الحاجيات المؤطرة لذلك.
وأضاف لزرق أن عدم انكباب كل الوزراء على زيارة إقليم الحوز أو غيره من المناطق المتضررة؛ يأتي وفق برنامج وضعته اللجنة المصغرة التي تم إحداثها تحت إشراف وقيادة الملك محمد السادس من أجل تدبير الحاجيات المتعلقة بهذه الفاجعة وفق استراتيجية مضبوطة.
وأشار أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسة، إلى أن تدبير آثار هذه الكارثة وإعادة الإعمار تتطلب قيام كل وزير لزيارة على حِدةٍ في وقت زمني محدد، بناءً على الاستراتيجية الموضوعة في هذا الجانب من قبل اللجنة المصغرة المذكورة.
وأردف أن الملك محمد السادس، كرئيس للدولة المغربية قام بزيارة إلى المركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بمراكش، حيث تفقد الحالة الصحية للمصابين، على غرار ما فعل الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس التركي طيب رجب أردوغان خلال وقوع كوارث طبيعية ببلديهما.
وأوضح أن المغرب في تعامله مع هذه الفاجعة يتبع استراتيجية قائمة على ثلاثة محاور، أولاها كان إنقاذ الضحايا، وثانيها إيواء المتضررين، وثالثها إعادة الإعمار، مبرزا أن هذا المحور الأخير هو ما يخص وزراء عدد من القطاعات، لافتا إلى أن زيارتهم ووقوفهم الميداني يجب أن يتم في إطار عرضهم لمخططات وبرامج تهم استرايتيجتهم القطاعية المتعلقة بتدبير أثار ومخلفات هذا الزلزال.
واعتبر لزرق أن ما يروج حول أن ضعف أعضاء الحكومة في مجال التواصل كان له تأثير في أمر غيابهم عن الميدان عقب وقوع الزلزال؛ مجرد كلام يدخل في إطار الشعبوية وأنه لا أساس منطقي له، موضحا أن الحكومة تعمل تحت قيادة الملك محمد السادس، الذي يشرف على الاستراتيجية الخاصة بتدبير آثار هذه الفاجعة، ما يجعل كل خطوة مدروسة في مثل هكذا أحداث.
وأضاف أنه في هذا الإطار، بعد زيارة الملك للمتضررين بالمستشفى في مراكش، توجه كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري إلى المناطق المنكوبة، وفق استراتيجية واضحة مبنية على مسح شامل ومتكامل للوضعية الميدانية.
•رد الحكومة
أبرز مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والناطق الرسمي باسم الحكومة، يوم أمس الخميس، أن تدخل الحكومة محدد في إطار التوجيهات الملكية السامية في كل ما له علاقة بمواجهة تداعيات الزلزال.
وقال بايتاس في الندوة الصحفية التي تلت الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي، إن الفاجعة تطلبت تدخل الدولة بمختلف مؤسساتها، حكومة ومجتمعا مدنيا والسلطات والجيش والوقاية المدنية والأمن والدرك الملكي، وجميع مؤسسات الدولة تعبأت للتخفيف من هول الفاجعة ومساعدة المتضررين، ومن أجل الوقوف إلى جانب الساكنة وتقديم الخيام والوجبات الغذائية.
وأضاف أن الحكومة جزء من الفاعلين الذين تدخلوا، وهي تشتغل من أجل تنفيذ التوجيهات التي جاءت في بلاغ الديوان الملكي، وأنه في الأزمات لا وقت للتسابق والوزراء الذين كان عليهم أن يذهبوا للمناطق المتضررة قد ذهبوا، وأن ما يهم هو أن الحكومة تشتغل بالفعالية والنجاعة لتقديم المطلوب منها.
•التعديل الحكومي
يرى رشيد لزرق أن الكوارث الطبيعية في تاريخ الأمم والشعوب، كانت دائما ما تمنح قوة أكبر للسلطة أو الحكومة، وذلك من خلال إشرافها على تدبير السياسات العمومية، لافتا إلى أنه من شأن تعامل حكومة أخنوش مع هذه الكارثة الطبيعية الرفع من شعبيتها وأسهمها لدى الرأي العام.
بخصوص إمكانية التعديل الحكومي المثار في أكثر من مناسبة، أكد أن هذا الأمر يأتي وفق السلطة التقديرية لكل من الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الذي يتقدم بطلب أو اقتراح للملك في هذا الجانب، وذلك حسب ما جاء به الفصل 47 من الدستور.
واعتبر أن التعديل الحكومي في هذا الوقت بالتحديد، سيكون لصالح الحكومة وسيعطي ثورة سياسية ممتدة، خاصة أن المغرب في تدبير هذه الكارثة الدولية، لقي إشادة دولية فيما يتعلق بالجهود المبذولة في التعامل مع الزلزال وتدبير آثاره.
•برنامج التأهيل العام
يذكر أن الملك محمد السادس ترأس يوم الأربعاء الماضي بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، بميزانية توقعية إجمالية تقدر بـ120 مليار درهم، على مدى خمس سنوات، والمستهدف منه ساكنة تبلغ 4,2 مليون نسمة.
ووفق بلاغ الديوان الملكي، يضم هذا البرنامج الذي تم إعداده حسب مقاربة التقائية، وعلى أساس تشخيص محدد للحاجيات وتحليل للمؤهلات الترابية والفاعلين المحليين، ومشاريع تهدف من جهة، إلى إعادة بناء المساكن وتأهيل البنيات التحتية المتضررة، طبقا للتدابير الاستعجالية المقررة خلال اجتماع 14 شتنبر الجاري، ومن جهة أخرى، تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة.
وأعلن الديوان الملكي في وقت سابق، عن انهيار نحو 50 ألف مسكن بشكل كلي أو جزئي بفعل الزلزال، لافتا إلى أن استعداد الدولة لتقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم لأصحاب المساكن التي انهارت كليا، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية أعلنت في آخر حصيلة للضحايا، عن أن الزلزال أسفر عن 2946 وفاة و6125 إصابة، إضافة إلى دمار مادي كبير بالمناطق التي شهدته هذه الكارثة الطبيعية.