أثير نقاش واسع داخل الأوساط البيضاوية حول تصريحات نبيلة الرميلي، رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء، على هامش انعقاد أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر الجاري، حيث أبرزت العمدة وجود عديد الإشكاليات التي تؤخر افتتاح حديقة الحيوانات عين السبع، وفي مقدمتها تسجيل عجز مالي يتجاوز 20 مليون درهم، بالإضافة إلى الحاجة لميزانية قدرها 50 مليون درهم لشراء الحيوانات، ومواجهة الجماعة لصعوبات كبيرة في التفاوض مع شركة “دريم فيلاج”، المكلفة بتدبير الحديقة بشأن تحمل تكلفة القيام ببعض التجهيزات داخل هذا الفضاء بقيمة مالية تناهز 18 مليون درهم، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول التراجع عن الوعود السابقة للمسؤولين بالمدينة الذين أشاروا عبرها لقرب افتتاح هذا الفضاء في وجه الزائرين.
♦ الافتتاح بين الوعود والتسويف
عبر مروان الراشدي، عضو فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس جماعة الدار البيضاء، في تصريح لجريدة “شفاف” عن استغرابه من التعامل اللامسؤول لمكتب مجلس جماعة العاصمة الاقتصادية تحت قيادة العمدة الرميلي مع المشاريع الكبرى بالمدينة، وفي مقدمتها حديقة الحيوانات عين السبع، التي كان ينتظر البيضاويين افتتاحها على أحرٍ من الجمر.
وأبرز الراشدي أنه يظهر جليا أن الوعود التي قدمتها رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء في أكثر من مناسبة بخصوص قرب افتتاح هذه الحديقة لا صحة لها وأن الأمر في مجمله يخضع للتسويف والتأخير في التطبيق، وأنها كانت مجرد أقاويل فارغة من الأفعال على أرض الواقع، وهو ما تأكد من خلال طرح المجلس في الدورة الأخيرة لنقطة التوقيع مع إحدى مكاتب الدراسات بمبلغ يصل لـ80 مليون سنتيم من أجل اختيار الشركة التي سيوكل لها مهام تدبير هذا الفضاء.
وشدد الراشدي على أنه كان من المنتظر خلال هذه الدورة مناقشة موعد افتتاح حديقة الحيوانات بعين السبع وكذا تسعيرة الولوج إليها، لا الحديث عن وجود عراقيل وصعوبات تعيد البيضاويين لنقطة الصفر وتجعلهم بعد ثلاث سنوات من الوعود الكاذبة لا يعرفون فعلا تاريخ ولوجهم لهذا المرفق الترفيهي.
المشاريع المتعثرة بالدار البيضاء.. بين تطمينات مجلس الرميلي ومخاوف المعارضة
وأضاف أن ما يحدث من سوء تدبير فيما يتعلق بالمشاريع الكبرى بالعاصمة الاقتصادية وغيرها من تسيير لشؤون ساكنة المدينة يظهر التخبط الذي يغرق فيه مكتب مجلس الجماعة، مبرزا أنه بعد مرور ثلاثة سنوات من ولاية المجلس الحالي يتأكد يوما بعد آخر وجود فشل لدى الأغلبية التي تقود جماعة الدار البيضاء في تدبير أمورها على كافة الأصعدة والمستويات.
وأوضح أنه لولا وصول محمد امهيدية، والي جهة الدار البيضاء سطات، لا استمر طويلا هذا التأخر في افتتاح المشاريع بالعاصمة الاقتصادية، موضحا أنه لولا وقوف الوالي امهيدية بشكل شخصي على الأشغال لما رأت العديد من البرامج النور بالمدينة مؤخرا، وهو الأمر المرتبط بالتدشينات الأخيرة لعدد من الحدائق والمساحات الخضراء ببعض مقاطعات الجماعة.
وأشار عضو فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس جماعة الدار البيضاء، إلى أن كل المشاريع التي أشرف عليها مكتب مجلس العمدة الرميلي تشهد جميعها تعثرات منذ انطلاقتها ولحدود اللحظة، لافتا إلى أن وثيرة الأشغال بها لا تتجاوز في أحسن الظروف والمآلات قبل مجيء الوالي امهيدية 10%.
وتابع أن التأخير الواقع في تدشين حديقة الحيوانات عين السبع يعد فقط أحد أوجه فشل وتخبط مكتب المجلس الحالي، حيث إن العمدة الرميلي قالت سابقا إنه تم انتداب شركة “دريم فيلاج” لتدبير هذا الفضاء والاتفاق مع جمعيتين دولتين للاستفادة من الحيوانات بشكل مجاني، على أن يتكلف مجلس الدار البيضاء بالأمور المتعلقة بنقل هذه الحيوانات إلى أرض الوطن، لكنها سحبت اليوم كل هذا الكلام من منطوق لسانها.
♦ المسؤولية والمطالب
حمَّل مروان الراشدي مسؤولية ما يقع من تأخير في تنزيل البرامج والمشاريع التي تهم الساكنة البيضاوية إلى مكتب مجلس جماعة الدار البيضاء تحت قيادة العمدة الرميلي، مشيرا لغياب الوضوح والشفافية من جانب هذا الأخير في تدبير شؤون العاصمة الاقتصادية، إضافة لضعف كفاءة المدبرين للشأن المحلي بالمدينة المتروبولية.
ولفت إلى أن خير مثال على ما سبق هو قول رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء إنه سيتم التوصل بالحيوانات قريبا وأنه سيعقب ذلك افتتاح الحديقة، لكنها تراجعت عن كلامها وقالت إن المجلس يحتاج لـ50 مليون درهم من أجل اقتناء هذه الحيوانات، وكذا تكليف مكتب للدراسات لاختيار الجهة التي ستشرف على تدبير هذا المرفق.
وأوضح أن المماطلة الموجودة في هذا الملف تثير الاستغراب وغير مفهومة بالمرة، وتطرح تساؤلاً كبيرًا؛ عما كانت الأغلبية المدبرة للشأن المحلي بالدار البيضاء تريد بشكل أو آخر منح الإشراف التام والكامل لجهة ما وإبعاد المسؤولية عنها فيما يخص فشل هذا المشروع أو عدم القدرة على افتتاحه في أقرب الآجال.
لغز حديقة عين السبع.. هل تفتح أبوابها قريبا وما مصير الحيوانات التي كانت بداخلها قبل إغلاقها؟
وأشار إلى أنه في موضوع حديقة عين السبع في كل جلسة ودورة للمجلس تطرح معطيات جديدة مخالفة لسابقاتها وتلغي بشكل شبه تام ما تم التطرق له فيما مضى، مبرزا أن باستثناء أعضاء مكتب جماعة الدار البيضاء، يجهل باقي المستشارين الجماعيين بالعاصمة الاقتصادية حقيقة ما يقع بخصوص هذا الملف؛ الذي تدور حوله شكوك عديدة فيما يخص تدبيره.
وطالب عضو فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس جماعة الدار البيضاء، بضرورة الفتح السريع لحديقة عين السبع باعتبارها المتنفس الوحيد من هذه النوعية للساكنة البيضاوية، والعمل على تحديد تسعيرة مناسبة لولوج الزائرين المغاربة لهذا الفضاء، وذلك في ظل موجة غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، متأسفا في الوقت نفسه لغياب أي أفق يؤشر على قرب افتتاح هذا المرفق.
♦ ميزانية تأهيل الحديقة
رُصد لإعادة تأهيل هذه الحديقة مبلغ 25 مليار سنتيم، والتي لا تزال تنتظر استقبال الحيوانات، التي جرى الاتفاق على استقدامها مع جمعيات وحدائق تعنى بالمجال الحيواني، علما أن هذا الفضاء سيشهد تواجد أزيد من 45 صنفا حيوانيا.
وجرى تمويل هذا المشروع من طرف كل من وزارة الداخلية بـ13 مليار سنتيم، ومجلس جماعة الدار البيضاء بـ8 ملايير سنتيم، وجهة الدار البيضاء سطات بـ 4 ملايير سنتيم، فيما ستعمل جماعة العاصمة الاقتصادية أيضا على توفير دعم سنوي بقيمة 10 ملايين درهم، من أجل صيانة هذه الحديقة.
وصادق مجلس جماعة الدار البيضاء في وقت سابق على تسعيرة ولوج الزوار لحديقة الحيوانات عين السبع، والمحددة في مبلغ 25 درهما للصغار و50 درهما للكبار.
وتبلغ مساحة الحديقة نحو 13 هكتارًا، بما في ذلك 10 هكتارات مخصصة للحيوانات و3 هكتارات لمرافق الترفيه، حيث يتضمن هذا المشروع الجديد ثلاث مناطق جغرافية تمثل إفريقيا وآسيا وأمريكا، إلى جانب تشكيلة من الحيوانات ومزرعة تعليمية، ومصحة بيطرية وفضاءين للنزهة، ومطعم بالإضافة إلى متجر وأكشاك.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة من المشاريع التي يعود تاريخ إعطاء انطلاقتها للمجالس السابقة للدار البيضاء، لم ترى النور بعد رغم مرور السنوات، وعلى رأسها تلك المرتبطة بالمشاريع الملكية التي تم إطلاقها سنة 2014، والتي كان مخططا لها أن تنتهي في 2020، في إطار مخطط تنمية جهة الدار البيضاء الكبرى، والذي تضمن عشر اتفاقيات تتعلق بتنفيذ برنامج تنمية العاصمة الاقتصادية.
ويذكر أن هذا المخطط الذي خصص له تمويل مالي بقيمة إجمالية قدرها 33.6 مليار درهم، يروم دعم المكانة الاقتصادية للجهة بهدف جعلها قطبا ماليا دوليا حقيقيا، وتحسين إطار عيش ساكنتها، والحفاظ على بيئتها وهويتها.