كشف صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، أن الاقتصاد المغربي سيعرف انكماشا طويل الأمد، خلال السنوات القادمة، وذلك بسبب تباطؤ نمو النشاط الاقتصادي، وارتفاع نسبة التضخم التي تجاوزت 8 في المئة.
وجاء في التقرير، إلى أن معدل النمو في المغرب لن يتجاوز 0.8 في المائة عند متم العام الحالي، بينما في عام 2023 سيعر الاقتصاد نموا بـ 3.1 في المائة، وفي أفق عام 2027 لن يتجاوز 3.4 في المائة.
وحسب التنبؤات، سيرتفع التضخم العالمي من 4.7 في المائة في 2021 إلى 8.8 في المائة في 2022 ليتراجع لاحقا إلى 6.5 في المائة في 2023 و4.1 في المائة في 2024.
ويوصي خبراء صندوق النقد الدولي السلطات المالية بمواصلة العمل على استعادة استقرار الأسعار، مع توجيه سياسة المالية العامة نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة، على أن يظل موقفها متشددا بدرجة كافية اتساقا مع السياسة النقدية.
وارتباطا بالموضوع، قال الخبير الاقتصادي المهدي لحلو، في تصريح لـجريدة “شفاف”، أن المعطيات التي أوردها صندوق النقد الدولي لا تحمل طابع المفاجأة على اعتبار أن هذا الوضع تمت الإشارة إليه منذ سنوات.
مضيفا “نبهنا في أكثر من مرة وعلى مدار سنوات خلت أن المغرب سيعرف أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة مستقبلا”.
وأبان لحلو، أن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت مع الأزمة الصحية التي عرفها المغرب منذ سنة 2020، بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، ثم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة من طرف الحكومة الحالية، التي لم يظهر عليها أنها ستعمل على حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي نعيشها حاليا.
وأضاف المحلل الاقتصادي، “زيادة على قضايا ضعف الدخل ونسبة النمو الضعيف وارتفاع نسبة البطالة هذه السنة بمستويات عليا، والتي زادت من نسبة التضخم، وكما نعلم أن هذه الظاهرة رفعت من عدد الفقراء وقلصت من موارد الطبقات المتوسطة، وزادت من الفوارق الطبقية بين المواطنين الذين لديهم مداخيل وثروات عليا وبين الأشخاص الذين لا دخل لهم أو يوجدون في وضعية بطالة أو يملكون مداخيل بسيطة جدا”.
أما عن الحلول، يقول لحلو، “على الحكومة أن تتخذ حلول بعيدة المدى، وحلول مرتبطة بتغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، وكذلك بالفصل بين السياسة والاقتصاد والعمل على منع تقلد رجال المال والأعمال لمناصب قيادية في الدولة وعلى رأسها رئاسة الحكومة ، وتغير العقلية المتعلقة بتسيير الاقتصاد الوطني، ثم إصلاح التعليم بشكل عميق كي يكون التعليم في خدمة الاقتصاد الوطني والرفع من المنتوجية، ومن القدرة الخاصة باليد العاملة.
وكشف المتحدث، أن الوضعية الاقتصادية الحالية، أبانت أن المغرب قدرته الإنتاجية ضعيفة جدا، وذلك عائد بالدرجة الأولى لضعف المنظومة التعليمية وعدم مواكبتها للتطورات الاقتصادية والتقنية على المستوى العالمي.
وأبرز المحلل الاقتصادي، أن الحكومة الحالية ليس لديها أي مشروع أو رؤية مستقبلية كي تخرج المغرب اليوم من الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي يعيشه، لافتا إلى أن دور الحكومة بات مقتصرا فقط على تتبع الأحداث، و أصبحت بالتالي فاقدة للبوصلة ولاتمتلك الحلول التي تهم الإشكالات الطاقية وعلى رأسها مشكل شركة لاسامير، وهذا يعني أنها لن تستطيع في الظرفية الراهنة مواجهة عواقب التضخم، أو إيجاد حلول للمشاكل المتراكمة.
وختم لحلو حديثه بالتأكيد، على أن المواطن العادي يبقى هو الحلقة الأضعف في المعادلة الاقتصادية بالمغرب وبالتالي وجب على قيادات الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية والمدنية أن يقوموا بدورهم التوعي للمواطنين، وكذا أن يلعبوا دور المراقب للحكومة، خصوصا وأن الجميع يرى كيف تخلت هذه الأحزاب بالمغرب عن أدوارها الدستورية وتنصلت من مسؤولياتها اتجاه الشعب، وتركت رئيس الحكومة يتخد مجموعة القرارات اللاشعبية بعيدا عن الرقابة والمساءلة .
واتهم لحلو أحزاب المعارضة بالتخلي عن الدفاع عن المواطنين والطبقات المسحوقة داخل البرلمان وخارجه .