على أطلال بيت ابنته التي توفيت بدوار تكاديرت جماعة تلوات عمالة ورزازات، برفقة زوجها وثلاث من أبنائها وجدة أطفالها، أمغار حساين يذرف الدموع وحاله يظهر على أنه مصدوم ولم يتقبل الفاجعة التي وقعت لابنته وأسرتها.
قصة أمغار حساين بدوار تكاديرت مأساوية بمعنى الكلمة، حيث الزلزال أجهز على الأرواح والمنازل بشكل تدمع العين معها، عندما ترى المشهد المؤلم، ويعتصر القلب معها كذلك ألما عندما تسمع الأذن الأحداث المؤلمة لليلة الجمعة الماضية، وكيف تفاجأ السكان بواقعة الزلزال التي تركتهم واقفين في أماكنهم لعدم درايتهم بما يقع.
كاميرا جريدة “شفاف”، وطاقهما عاين الدمار الذي تعرض له دوار تكاديرت، وجلس مع الساكنة، التي سرد لنا بعضهم كيف عاش الواقعة المؤلمة، والألم والحزن الذي خلفه الزلزال في نفوسهم ونفوس أطفالهم، والأضرار التي تسبب بها لمنازلهم التي لم تعد صالحة للعيش وجعلتهم يلتحفون السماء ويفترشون الأرض خصوصا أن فصل الشتاء دخل في هذه المناطق الجبلية، وهو ما زاد من معاناتهم.
عودة لبداية القصة الإنسانية التي يعيشها الشيخ الكبير والطاعن في السن أمغار حساين، فالرجل عندما عمل شباب القرية على إخراج المنكوبين تحت الأنقاض، وتبين أن ابنته وأسرتها المكونة من ستة أفراد من بين المتوفين أغمي عليه من هول الصدمة، ولم يتقبل الفاجعة التي حلت على رأسه بدون سابق إنذار.
الشيخ الطاعن في السن كلما استيقظ من غيبوبته يذهب إلى جثامين أسرته ويقوم بنزع الغطاء على رؤوسهم طمعا في أن يعودوا من موتهم، حيث ينادي كل شخص باسمه على أمل أن يجيبه أي واحد منهم.
لليلة كاملة والشيخ أمغار حسين وهو يكرر نفس العملية ويتمنى أن يجد نفسه يعيش في حلم ويستيقظ منه، لكن للأسف الواقع غلب وأجبره على تقبل الوضع وتحمل الألم الذي يعصر قلبه ويسمح بدفن أسرته ويودعهم إلى مثواهم الأخير.
الشيوخ والشباب الذين كانوا برفقة طاقم جريدة “شفاف” وصفوا لنا حالة عمي أمغار، إذ هذا الرجل المكلوم كان في لحظات سيفقد عقله من شدة الفاجعة، ولولا الدعم الذي تلقاه من طرف سكان الدوار لكان الوضع أسوأ، فهو الآن بين أن ينسى الفاجعة ولا يتذكر منها شيئا وعودة تلك الأحداث إلى ذاكرته بين الحين والآخر بسرعة البرق والعودة إلى حالته الأولى التي عاشها ليلة الزلزال.
وبالرغم من أن الزلزال الذي ضرب المغرب مر عليه أكثر من أسبوع، إلا أن عمي أمغار لا زال يذهب بين الفينة والأخرى إلى منزل ابنته الذي دُمر بالكامل ويقف على أطلاله باكيا على فقيدته وزوجها وثلاثة من أطفالها وجدتهم، كلما تذكر الحدث الأليم.
أمغار الرجل الذي ملأ وجهه التجاعيد واحمرت عيناه من شدة البكاء لم يجد ونيسا في فاجعته إلا شباب وشيوخ القرية، الذين يعملون على تخفيف وطء الفاجعة على قلبه، ويذكرونه أن له حفيدين من ابنته الراحلة؛ ما زالا في حاجة ماسة إليه بعدما فقد كل منهما السند الرئيسي في الحياة.

