مع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات ببلادنا، وذلك مقارنة بأثمنتها في السوق الدولية التي شهدت تراجعا ملحوظا، تزداد التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء ذلك، وتأثير عامل التضخم في أثمنة البترول وغيره من المواد الأساسية بالمملكة، وكذلك الكيفية التي يمكن للمغرب الخروج بها من هذه الأزمة الاقتصادية، وذلك في ظل الطلب الأوروبي المرتقب أن يتصاعد على هذه المنتجات النفطية مع حلول موسم الشتاء القادم، والركود الاقتصادي الذي طال مجموعة من القطاعات الحيوية.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، أبرز محمد جذري، الخبير والمحلل الاقتصادي، أن العالم اليوم يعيش بداية ركود اقتصادي لمواجهة موجة التضخم غير المسبوقة، حيث أن رفع سعر الفائدة من طرف البنك الفيدرالي الأمريكي للمرة الثالثة على التوالي، وكذلك البنك الأوروبي.
ولفت جذري إلى أنه بالإضافة للإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الصين من أجل مواجهة جائحة “كورونا”، كلها عوامل أدت إلى انخفاض في الطلب العالمي على النفط، وبالتالي نشهد اليوم هبوط سعر النفط إلى ما دون 80 دولار للبرميل، مضيفا أنه للأسف المغرب يستورد الغازوال والبنزين الصافي وليس برميل النفط الخام، نظرا لغياب بنية تكريرية بالمملكة منذ 2016، وعليه فإنه من المتوقع أن تنزل أسعار الغازوال والبنزين خلال الأسبوعين القادمين إلى ما دون 13,5 درهم على الأقل.
وأكد الخبير والمحلل الاقتصادي، على أنه لو توفر المغرب على بنية تكريرية، كان ليتمكن من استيراد النفط الخام وتكريره بالمملكة، بالإضافة إلى الرفع من قدراتنا التخزينية للمواد البترولية، مشيرا في هذه الحالة إلى إمكانية ربح ما بين درهم واحد ودرهمين للتر الواحد على أقل تقدير.
وفي سياق ذاته، يرى الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز الطبيعي، أن تراجع أسعار المحروقات مرتبط بالحد من الأرباح الفاحشة للموزعين بعد التحرير، وبتراجع أسعار النفط الخام وسعر صرف الدرهم وهوامش التكرير، التي ارتفعت بشكل صاروخي مع اندلاع حرب أوكرانيا وعدم الوثوقية في الانتقال الطاقي.
وأضاف اليماني أن الحل يكمن في العودة لتنظيم أسعار المحروقات، وفي استئناف التكرير بالمغرب والبحث عن الصيغة المناسبة لدعم أسعار المحروقات عبر استرجاع الأرباح الفاحشة من الشركات الموزعة للمواد البترولية بالمغرب، والتي راكمت أزيد من 45 مليار درهم منذ التحرير حتى نهاية 2021.