مع عودة الحوار الاجتماعي ما بين النقابات المركزية والحكومة، ترتقب الطبقة الشغيلة ما سيؤول إليه الأمر، متسائلين عما يمكن تحقيقه بعد اتفاق 30 أبريل، وعن قدرة هاته المنظمات النقابية في الدفاع عن حقوقهم والنجاح في تحقيق مزيد من الملفات المطلبية.
وفي خضم هذا الحوار الاجتماعي، تبقى بعض الفئات غير متفائلة بدور هذا النقاش في تحقيق المطالب المرجوة منه، إذ عبر عدد من الأجراء والموظفين في تصريحات متفرقة لجريدة “شفاف” عن ضعف ثقتهم في النقابات، مبرزين أن التجارب السابقة أثبتت لهم أن هاته المنظمات المهنية تبقى خطاباتها مجرد شعارات وأن لا شيء مما تقوله يتم تفعيله على أرض الواقع.
“الثقة في العمل النقابي والسياسي.. لكن ليس في النقابات”
وفي هذا السياق، قال سفيان، وهو أجير بأحد المقاولات الخاصة، إن “لديه ثقة في العمل النقابي والسياسي، لكن ليس في النقابات، خصوصا وأن المغرب منذ زمن بعيد يقع تحت وطأة الشركات الخاصة”.
وأضاف المتحدث ذاته، أنه حتى “النقابات المغربية لديها أزمة ديمقراطية، ولا يتم تداول السلطة فيها بشكل سلس، حيث تجد شخصا على رأس نقابة معينة منذ الأزل، ولم يتم تغييره أو تبديله على سبيل المثال الراحل المحجوب بن صديق، والميلودي موخاريق، وهما فقط من قادا نقابة الاتحاد المغربي للشغل منذ تأسيسه سنة 1955”.
واعتبر سفيان أن هذا الأمر “يضعف ويعمق الهوة الفاصلة بين المجتمع والفاعل السياسي، رغم المجهودات المبذولة من طرف بعض الأفراد داخل الجسم النقابي، التي لا تزال مؤمنة بدورها وواجبها النضالي”.
تجارب سابقة ساهمت في تراجع الثقة
على ذات المنوال، حكى عادل لـ “شفاف” إحدى تجاربه مع النقابة التي ينتمي لها، ذاكرا أنه في أحد الأيام وقع في مشكل مع رب عمله الذي يرفض العمل النقابي، ليقرر طرده بعد أن قام هذا الشاب العامل بإحدى الأسواق الممتازة بالمطالبة بحقوقه، وعند لجوئه للنقابة وجد أن هذه الأخيرة لم تبدل أي مجهود في الوقوف إلى جانبه ودعمه، معتبرا أن “النقابات قد يتواطؤون أحيانا مع رب العمل ويبحثون عن امتيازات ولا يكترثون بالدفاع عن حقوق الشغيلة”.
أما رشيد جدال، وهو باحث في العلوم السياسية وموظف بإحدى الإدارات العمومية منذ ما يزيد عن 20 عاما، فإنه يقول بصريحة العبارة إنه “لا يثق بالنقابات، كون أن جميعها تنتمي للأحزاب”، وأنه لا يمكن اتخاذ أي قرار بدون موافقة الأمين العام للحزب التابعة له هذه المنظمات المهنية”.
ويضيف الشخص نفسه، أن “الأحزاب متواطئة مع الحكومة من أجل الاستفادة من الريع، وأن أمناء النقابات وأولادهم وعائلاتهم يحصلون على حصة الأسد في التوظيفات بالدواوين والوزارات وغيرها”.
النقابات تعيش أزمة حقيقة
يرى حفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن مؤسسات الوساطة في مختلف الأنظمة السياسية تعيش أزمة حقيقية في القيام بأدوارها وأن الأمر يختلف نسبيا من دولة لأخرى.
وأبرز اليونسي أن هذه الأزمة تعزى لعوامل ذاتية وموضوعية، مرتبطة بمصداقية المركزيات النقابية، التي تحولت من “دور الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية لمن تمثلهم، إلى القيام بأدوار الزبونية والمحسوبية لمنخرطيها، ثم غياب الديمقراطية الداخلية بها، مما أدى إلى حدوث أزمة داخل هذه النقابات”.
ويضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أنه في الجانب الموضوعي هناك عوائق مرتبطة بإضعاف هذه النقابات والهجوم عليها وتبخيسها، إضافة إلى أن الطبقة العاملة والموظفين يحلون مشاكلهم بآليات أخرى، والتي إما ينص عليها القانون أو أنها أمر أصبح في حكم الواقع”.