قلة هم من يلتزمون بالغناء الهادف، ولا يكترثون بمسألة العرض والطلب في إطار الموسيقى التجارية، التي لا يهتم أصحابها إلا بمسألة تحقيق الأرباح المادية، بعيدا عن الإبداع وجودة المنتوج الفني، وخاصة في العقد الأخير الذي شهد بروز أنماط موسيقية مشوّهة تفتقد للذوق وتشكل تهديدا للناشئة.
في خضم الحديث عن الفن الهادف والعودة لزمن تألق الموسيقى المغربية بمختلف أشكالها، حاورت جريدة “شفاف” المغني حميد بوشناق؛ ابن مدينة وجدة، وصاحب 53 عاما، والذي قضى جل سنوات عمره بين دروب الموسيقى، بداية من انخراطه في مجموعة “الإخوان بوشناق”، أو بعدها الاستقلال عنهم في 1992، لينجح في خلق نمط موسيقي متميز خاص به، تجمع فيه بين الإيقاعات والنغمات الموسيقية الأندلسية والعربية والإسبانية والفرنسية والراي و”البوب”.
لماذا نلاحظ غياب حميد بوشناق عن المهرجانات؟
قبل مرحلة “كورونا” كنت أشارك في المهرجانات، لكن فيما يخص بعد الجائحة هنا أسأل المنظمين عن سبب عدم النداء على حميد، وأوكد لك أني بدوري اشتقت للجمهور، وعديد الناس لما ألتقيهم يسألوني عن الأمر.
ما هو رأيك في المستوى الغنائي بالمغرب والمغنيين الشباب؟
المستوى الغنائي بالمغرب متميز، من خلال وجود شباب يسعون لإعلاء بالأغنية المغربية الشبابية، لكن في جانب آخر هناك فئة الأرقام الكبيرة التي تحصدها فئة معنية والتي تبقى مضللة فيما يخص القيمة الفنية التي تأتي بها، لاسيما أن مستوى هؤلاء لا يسعفهم للتميز أو أن يكون لهم رصيد غنائي أو هَوية فنية.
والإنترنت خلق مفهوم المستوى الغنائي، حيث نجد أغاني تصنع الحدث لكنها في الأصل لا ترقى للمستوى الفني المطلوب، وهناك مغاربة يبحثون عن الاستماع لأغاني جميلة بالرغم من إشكاليات قلة المعروض الفنية في هذا الجانب.
والمستويات تختلف بين من له ذوق عالي يركز على جمالية الأعمال الفنية، وطرف آخر يفتقد لهذا الأمر، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى انتشار الأغاني غير الهادفة، والتي تنشر أحيانا رسائل تضر بالمجتمع.
الجماهير اشتاقت للاستماع لجديدك الموسيقي، ما أسباب غيابك؟
منذ 2017 لحدود سنة 2022 أصدرت عديد الأغاني، وعدم معرفة الكثيرين بها لا يعني أنها غير ناجحة، وشخصيا لست فنان “البوز” بل فنان له مسار يسعى للحفاظ عليه، بدأته مع أشقائي في إطار مجموعة “الإخوان بوشناق”، لأستقل بذاته بعد.
وأول ألبوم لي كان في 1984، ودائما في أعمالي لا أتسرع بل أبحث فيها عن الإبداع وأشتغل وفق ما أراه جيدا، ولست مهتما بالتقاط صدى السوق الموسيقي وما يطلبه في هذا الإطار.
مشكلة الوقت الحالي يرتبط بالذوق الفني الذي لم يعد كما كان، إضافة لكثرة الفنانين الذين يحمل كثير منهم هذه الصفة دون توفره على المعايير التي تؤهله لكي يكون فنانا في الأصل.
حميد بوشناق وبعض الفنانة المغاربة عندهم “ستايل” موسيقي مميز قريب من الراي، لماذا لم يصل أو يبرز هذا النوع على المستويين العربي والعالمي؟
لا يمكن لي الحديث عن النمط الموسيقي الخاص بالفنانين المغاربة، أكثر من التطرق إلى “الستيل” الموسيقي الخاص بي أو الذي أسست له مجموعة “الإخوان بوشناق”، والتي وقعت عام 1991 مع الشركة العالمية “كولومبيا للتسجيلات – سوني الموسيقية” (Columbia Records – Sony Music) الأمريكية، وهو الأمر الذي يبدو أن الكثيرين لا يعرفونه.
وإضافة لذلك سبق لي أن فزت عام 1991، بجائزة أفضل أغنية ناطقة بالفرنسية عن أداء قطعة “لم يبقى لدينا أمل”
(Il ne nous reste plus d’espoir) والتي كانت عبارة عن دويتو مع المغني مالك، والتي تم تقديمها من طرف الشبكة التلفزيونية “MCM International” الفرنسية.
كما حصلت من نفس القناة التلفزيونية الفرنسية على الجائزة ذاتها عن أغنية “نغني” (Je Chante)، التي كانت هي كذلك عبارة عن دويتو مع الفنان مالك، إضافة لألبومي “MAROCAN’ROCK” الذي صدر في 1995 واحتل المركز 12 عالميا في مسابقة فنية تضم مختلف الأنماط الموسيقية العالمية تحت اسم “World Music”.
وأذكر كذلك أني شاركت في المهرجان العالمي “Franco-Vision” المنظم عام 1991 بقاعة “زينيت” (Zénith)، والذي تم نقل مجرياته وقتها على 25 قناة عالمية، وهذا ما يبرز أن مسارنا الفني عرف مشاركات مهمة بعدة محطات غنائية عالمية، والتي لا يعرف الجيل الصاعد عنها الكثير، وهي فرصة من خلالكم لإبراز وإظهار هذه الأمور.
Voir cette publication sur Instagram
ابنك وليد يشق مساره الموسيقي بخطى ثابتة، هل يمكن أن نرى “دويتو” بينكما؟
بالنسبة لوليد فهو أصدر ثالث أغنية له، وأشجعه على العمل خطوة بخطوة وعدم التسرع في بلوغ الأهداف، فأحيانا النجاح السريع قد يؤثر سلبا على الفنان ويدمر مساره في حالة عدم قدرته أو معرفته بالكيفية الصحيحة للتعامل معه.
وأن أتابع عمل وليد داخل الأستوديو وخارجه، ودائما ما أقف مساندا له في أفكاره وما يختار وأقدم له النصائح كأب وفنان له خبرة طويلة في المجال الموسيقي، كما أستفيد منه كثير في “الراب” ويقربني كثيرا من هذا النوع الموسيقى.
وأعمل على منحه بعض الأفكار التي تهم تجويد الموسيقى التي يؤديها، وخصوصا أن كتاباته الموسيقية متميزة للغاية، لذلك أوصيه بأن تكون موسيقاه مختلفة عن غيره وأن تكون أصلية، وأن تكون له لمسة خاصة به تميزه عن غيره.
بخصوص وجود “دويتو” غنائي بيني وبين وليد مستقبلا، فهو مشروع يراودني ولما سيحن وقته سنقوم بإصدار عمل مشترك يجمع الأب والابن بوشناق، والذي لابد أن يركز على مسألتي الإبداع والتميز من الجانبين الموسيقي والموضوعاتي.
ما هو جديدك الفني؟
حاليا أحضر لألبوم جديد من 10 أغاني تحت عنوان “بلا بيك” والذي أصدرت منه أغنية واحدة تحمل نفس الاسم (بلا بيك)، وستكون فيه ألوان إفريقية ومن التراث المغربي وباستخدام إيقاعات عالمية، كما أني وفق ما هو مبرمج مقبل على جولة في المغرب وإفريقيا وأوروبا.