برز اسم العالمة المغربية كوثر حفيظي، وذاع صيتها بعدما أصبحت أول امرأة مغربية وعربية وعالمية تترأس قسم الفزياء النووية في واحد من أكبر مختبرات العلوم بالعالم وهو مختبر “أرغون” الوطني بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 2017.
وقدمت حفيظي بإنجازاتها صورة مشرقة للمرأة المغربية، بعدما اقتحمت مجالات كانت حكرا على الرجال، بالإضافة أنها تغلبت على واقعها في سبيل بلوغ أحلامها، في حين رفعت اسم المملكة عاليا وأثبتت أن المغرب بلد معطاء على صعيد الكفاءات العالية.
وولدت كوثر حفيظي عام 1972، ونالت شهادة البكالوريا بثانوية مولاي يوسف بالرباط سنة 1990، في تخصص شعبة الرياضيات والفيزياء، وتابعت دراستها في فرنسا عام 1995 وحصلت على الدكتوراه عام 1999 من جامعة باريس الجنوبية في مجال الطاقة الذرية وقررت بعدها الذهاب إلى الولايات المتحدة حيث انضمت إلى المختبر الأمريكي ” أرغون” للبحث والتطوير، وبعد ثلاث سنوات، شغلت منصب عالمة فيزياء مساعدة، قبل أن تحصل في عام 2006 على درجة فيزيائية، كذلك عملت في وزارة الطاقة في جيرمان تاون بولاية مريلاند في عامي 2013 و2004..
وأصبحت في يناير 2017 أول امرأة مديرة لقسم الفيزياء في مختبر “أرغون” الوطني، وهو أول مختبر في الولايات المتحدة الأمريكية، أخذت مسؤوليته لأنها مؤمنة أن الاستثمار في الأشخاص هو أحسن وأكبر شيء للنجاح.
ومن أجل تقريب المغاربة من الإنجاز الذي حققته في أمريكا، بالإضافة إلى إنشائها لجمعية تعمل على مساعدة الطلاب المغاربة لإكمال دراستهم في الخارج ، أجرت جريدة “شفاف” هذا الحوار مع العالمة المغربية كوثر حفيظي.
كوثر حفيظي، هل تلقيت الدعم الأسري عندما قررت الذهاب إلى ديار المهجر لتكملي دراستك بداية في فرنسا وبعدها الولايات المتحدة الأمريكية؟
الجميع يعرف أنني تحصلت على شهادة الإجازة سنة 1995 تخصص فيزياء، ولم تكن لدي الفرصة لإكمال الدكتوراه في المغرب، لأن المملكة في تلك المرحلة قررت إقفال السلك الثالث من التعليم العالي بسبب إضراب الدكاتره العاطلين عن العمل، ولهذا كنت مجبرة للذهاب إلى فرنسا لأكمل ما تبقى من دراستي.
والدي كان موظفا من عائلة بسيطة لم تكن له الإمكانية ليقوم بتأدية نفقاتي في فرنسا رغم أن الدراسة فيها مجانية، وفي تلك المرحلة قررت عمتي الصغرى بيع ذهبها وبثمنه ساعدت نفسي به لأتجاوز السنة الأولى باستحقاق، ثم بعدها تحصلت على منحة من الحكومة الفرنسية لمدة ثلاث سنوات كي أقوم بدراسة الدكتوراه الخاصة بي.
وبهذا فالعائلة ساندتني في السنة الأولى وبعد حصولي على منحة الحكومة الفرنسية، استطعت من خلالها أن أستقل ماديا وأرسل المال لوالدي في المغرب وزوجته التي كانت مثل أمي واثنان من إخواني من جانب الأب، وبعد وفاته في سنة 1998 أديت نفس الدور إلى أن وصل كل واحد منهم إلى مبتغاه.
كيف راودتك فكرة إنشاء الجمعية الوطنية كوثر حفيظي للنهوض بالعلوم والتكنولوجيا؟
كوثر إنسانة طموحة وتحب الدراسة وحياتها أحلام كبيرة، وأنا كأي شخص واجهتني عوائق في بداياتي رغم ذلك كنت متيقنة أنني سأتغلب عليها لأن عزيمتي وإرادتي كانت مرتفعة بالإضافة إلى تميزي وتحصيلي العلمي الجيد ومن تتوفرت فيه هذه الشروط سيجد من يقدره إذا وضع في المكان المناسب، وهذا ليس متوفر لجميع أبناء المغاربة.
وفكرة استقدام طلاب مغاربة حائزين على شهادة الدكتوراه من جامعة محمد الخامس بالرباط، للاشتغال معي، تبقى جيدة إلا أن العدد يبقى محدود، وأنا طموحي أن يكون العدد كبير جدا ومن خلاله سأكون ساعدت بلادي بطريقتي الخاصة.
بداية عندما كنت أتابع أخبار المغرب من المهجر لم يرقني الوضع بتاتا كون أن المملكة دولة لها إمكانيات كبيرة بإمكانها أن تجعلها في مسار الدول المتقدمة، لكن للأسف المغرب لازال يعرف جميع أنواع الهدر البشري والمادي، ورغم ذلك البلاد توجد فيها أشياء جميلة تساعدها للوصول إلى ما هو أفضل.
أكيد أن الأزمات الاقتصادية لم تساعد وزادت الهوة بين الفقير والغني، لكن أنا ككوثر حفيظي أريد مساعدة بلادي عبر دعم مجموعة من الطلاب الذين أرى نفسي فيهم وسأعمل على فتح الباب لهم من أجل تحسين وضعهم المعيشي، خصوصا للأشخاص الذين تتوفر فيهم شروط التفوق والرغبة والالتزام في الدراسة وليس لهم القدرة المادية لذلك.
عرفينا بجمعية كوثر حفيظي للنهوض بالعلوم والتكنولوجيا، ودورها، وأهدافها؟
هذه الجمعية هي جمعية فريدة من نوعها لأنها بشراكة مع الجامعة المغربية، وأهدافها متعددة، ويتجلى دورها في القيام بتوفير المساعدات المادية للطلاب الذين تم انتقائهم.
وستكون هناك منح اجتماعية للذين تم قبولهم في جامعة وجدة أو الناظور في العلوم والتكنولوجيا وليس لديهم إمكانيات مادية كي يكملوا دراستهم في الخارج.
كما أن طلاب الماستر والدكتوراه سنوفر لهم منح الامتياز للمتفوقين، بالإضافة إلى ذلك سنعمل في المجالات التي تهم المغرب مثلا الطاقات المتجددة الهيدروجين البطاريات، الماء.
وتسعى الجمعية، إلى القيام بشركات مع جامعات ومراكز بحث عالمية عامية، من قبيل مختبر “أركون” وعلى إثر ذلك سيعمل المشروع على تأدية ثمن التدريبات للطلاب إما لمدة 6 أشهر أو سنة كي يستعطون التسريع في بحث الدكتوراه خاصتهم ويتعلمون كيف يشتغلون في المختبرات العالمية.
من بين الأهداف المسطرة كذلك، الجمعية في المستقبل ستحاول أن تدعم الطلاب الذين تحصلوا على شهادة الدكتوراه أو الماستر في العلوم والتكنولوجيا ولديهم أفكار ويتوفرون على الرغبة لفتح شركات خاصة، إذ ستعمل الجمعية على مساعدتهم عبر شركات مع شركات عالمية.
بالإضافة إلى ذلك الجمعية تسعى إلى جعل الطلاب الذين استفادوا من المنح خلال عودتهم للمغرب في فصل الصيف يعملون على تقديم برامج تثقيفية وتعليمية مركزة على العلوم لتحبيب هذا المجال للأطفال.
هل تلقيت الدعم من أي جهة في المغرب وخارجه بخصوص جمعية كوثر حفيظي للنهوض بالعلوم والتكنولوجيا؟
أنا حاليا لم أتلقى الدعم من أي جهة وننتظر، بالإضافة أن المشروع يتواجد معي فيه عالم البطاريات خليل أمين، وهناك بعض المعارف والأصدقاء أبدوا استعدادهم للمساهمة في المشروع، إلى جانب متتبعي القناة الخاصة بي، إضافة إلى ذلك هناك عدد كبير من المغاربة المتواجدين في الخارج الذين يريدون تقديم يد المساعدة.
كما أن أمين خليل لديه اتصالات بشركات عالمية، بإمكانها أن تقدم الدعم للجمعية، ثم سنعمل على أن تمول الدولة الأمريكية الطلاب الذين يريدون القيام بتدريبات في الولايات المتحدة الأمريكية ثم الرجوع إلى المغرب.
إضافة إلى ذلك نتوفر على أفكار متميزة ومتعددة وأتمنى أن نجد مساعدة، ومرحليا بدأنا بجامعة وجدة والناظور ونريد تعميم الفكرة على ربوع المملكة، ونهدف في غضون عام أو أقل من ذلك أن نجد شراكات مع جامعات أخرى وأن تقوم الدولة وأغنياء المغرب بتقديم المساعدة في هذا المشروع.
وإذا استطعنا مساعدة 100 طالب في السنة الأولى، السنة الثانية سيكون العدد مضاعف أكثر من مرة أو اثنين، وهذا يحتاج إلى مصاريف كثيرة من أجل تقديم المنح للطلاب الذين يستحقون الحصول عليها.
ماهي المعاير التي ستعتمدون عليها لاختيار الطلبة الذين سيستفدون من المنح؟
هناك معيارين الأول اجتماعي، إذ ستعمل الجمعية على معرفة الأحوال الاجتماعية لطلاب المسجلين في مدينتي وجدة والناظور عبر أساتذتهم الذين يدرسونهم، وسنقوم على إثرها بتحديد اللائحة وهذه الأخيرة ستعطي الأولوية أكثر للنساء وللذين يقطنون خارج مدن الجامعات المتعاقد معهما.
بالنسبة لمنح التميز الشروط ستعتمد على النقط خاصتهم وكذلك الأبحاث التي قاموا بها وأنا شخصيا سأراجع جميع الملفات.