الملك محمد السادس في خطابه الموجه للأمة، يوم أمس الأربعاء، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، وجه رسائل وإشارات قوية وواضحة لأطراف النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
كما اختار جلالته في الخطاب تسمية الأشياء بمسمياتها من خلال فضح أطماع ومآرب كل الأطراف التي تلعب على وتر القضية الأولى في البلاد.
ومن أجل الوقوف على دلالات الخطاب الملكي وماهية الرسائل والإشارات الملكية الموجهة لمختلف الأطراف المتداخلة في ملف الصحراء، أجرت جريدة “شفاف ” هذا الحوار مع الدكتور المصطفى بنعلي، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية.
س: الدكتور الأمين العام المصطفى بنعلي، ما دلالات الرسائل الملكية والنبرة القوية المستعملة في خطاب المسيرة الخضراء تجاه كل من الجزائر والأمم المتحدة؟
ج: أود أن أؤكد أن خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء أبرز التحول الاستراتيجي في التعامل مع قضية الصحراء المغربية، حيث انتقل المغرب من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم الحازم.
كما أن جلالة الملك استعمل لغة مباشرة وصريحة مع الجزائر والأمم المتحدة، داعياً كلاً منهما إلى تحمل مسؤولياتهما تجاه هذا الملف.
والرسائل التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى الجزائر تعكس كذلك إصرار المغرب على أن تكون الجارة الشرقية واضحة في مواقفها، وأن تتحمل دورها كطرف مباشر في هذا النزاع.
أما بالنسبة للأمم المتحدة، فقد أشار جلالة الملك بوضوح إلى ضرورة أن تبدي المنظمة موقفاً أكثر جدية وفعالية تجاه هذه القضية، بما يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما أن النبرة القوية للخطاب تدل على أن المغرب لن يقبل بالحلول المؤقتة أو التأجيل، بل سيواصل الدفاع عن وحدته الترابية بكل الوسائل المتاحة.
س: لماذا صعد الملك من لهجته تجاه الجزائر؟
ج: تصعيد لهجة جلالة الملك محمد السادس تجاه الجزائر يعكس إصرار المغرب على التعامل بجدية مع مواقف الجزائر وعدم الاكتفاء بسياسة الانتظار.
كما أن جلالته وجه رسالة واضحة مفادها أن المغرب لن يقبل بالمواقف الملتبسة أو المماطلة، خاصة في قضية حيوية كقضية الصحراء المغربية التي تعتبرها المملكة قضية وجودية.
والتصعيد هنا لا يعني عدائية، بل يٌعبر عن نهج صريح وحازم يهدف إلى وضع الجزائر أمام مسؤولياتها كطرف مؤثر ومباشر في هذا النزاع، ويدفعها نحو موقف أكثر وضوحاً وشفافية.
س: هل تصعيد اللهجة ضد الجزائر يفيد أن صبر المغرب نفذ تجاه الجارة الشرقية خصوصا وأنها ظلت ترفض التفاعل مع سياسة اليد الممدودة للمغرب؟
ج: كما قلت سابقا إن موقف المغرب الحازم لا يعني العداء، بل يعكس إصراراً على تحميل النظام الجزائري مسؤوليته التاريخية في هذا الملف.
كما أن سياسة اليد الممدودة التي ينهجها المغرب بقيادة جلالة الملك هي اختيار واعٍ ينتصر لحقيقة التاريخ والجغرافيا التي تربط البلدين، وهي حقائق ثابتة لن تتغير.
والمغرب يريد أن يؤكد أن هذه المبادرات ليست ضعفاً، بل رغبة صادقة في فتح باب التعاون والتكامل بما يحقق مصالح الشعبين.
كما أن الحزم الذي يَظهر في خطابه جلالة الملك الأخير هو دعوة للجزائر لموقف مسؤول وجاد، وليس تخلياً عن خيار الحوار، وإنما تحفيز على تجاوب عملي يعزز الاستقرار في المنطقة.
س: هل النبرة الحازمة في خطاب الملك تحيل على قرب إخراج الملف من اللجنة الرابعة وإنهاء هذا الصراع بشكل كلي؟
ج: النبرة الحازمة في خطاب جلالة الملك تشير إلى رغبة المغرب الواضحة في إنهاء هذا النزاع بشكل نهائي.
ومن الجدير بالذكر أن المغرب هو من أدخل ملف الصحراء إلى اللجنة الرابعة أصلاً في سياق تصفية الاستعمار الإسباني الفرانكوي، وذلك بما يعكس سعيه منذ البداية إلى حل النزاع المفتعل بطرق سلمية ومتوافقة مع القانون الدولي.
واليوم، ومع التوجه الدولي المتزايد نحو دعم مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي، يُظهر المغرب عزمه على إخراج الملف من اللجنة الرابعة، بهدف طي هذه الصفحة نهائياً وترسيخ الاستقرار في المنطقة.
س: هل ترون أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تخدم قضية الصحراء؟
ج: هذا السؤال مشروع تماماً، خاصةً أن الرئيس ترامب كان قد اتخذ قراراً تاريخياً في آخر ولايته السابقة بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.
وعودته المحتملة كرئيس للولايات المتحدة قد تُعزز من حماس الرأي العام الوطني نحو دور أمريكي أكثر حزماً في إنهاء هذا النزاع الإقليمي المفتعل وغير الجاد.
كما أن إعلانه رئيساً للولايات المتحدة (الرئيس 47) يمكن أن يعطي دفعة قوية للجهود الرامية إلى إيجاد حل نهائي ومستدام.
ومن المهم أيضا التأكيد هنا على أن علاقات الصداقة بين الولايات المتحدة والمغرب عميقة وثابتة عبر التاريخ، ما يجعل من دعم الولايات المتحدة لمبادرة الحكم الذاتي المغربية فرصةً لتعزيز استقرار المنطقة وتحقيق تسوية سلمية لهذا النزاع.