يعيش المشهد السياسي المغربي على وقع دينامية غير عادية على كافة المستويات، سواء فيما يخص التدبير الحكومي وما يخلفه من قرارات وردود أفعال متباينة، أو في الجانب المتعلق بالنقاش العمومي بين مختلف الفرقاء السياسيين سواءً على مستوى الأغلبية أو المعارضة عبر المؤسسات والأجهزة الرسمية كالبرلمان، كما تعيش مجموعة من الأحزاب لحظات مفصلية في سيرورتها السياسية بمتم هذه السنة حين انعقاد مؤتمراتها الوطنية، ومن أبرزها حزب الحركة الشعبية.
في واجهة حزب الحركة الشعبية تبرز شخصية حزبية وقامة سياسية خبرت الحياة السياسية وسلكت دروب النضال داخل حزب “السنبلة”، إنه محمد أوزين، البرلماني والوزير السابق والذي شغل مجموعة من مناصب المسؤولية الحكومية، والتي يبقى أهمها توليه حقيبة وزارة الشباب والرياضة بين 2012 و2015، ليقترب اليوم من قيادة حزب الحركة الشعبية وفق التوقعات التي تربطه بخلافة الأمين العام الحالي امحند العنصر، خلال المؤتمر الرابع عشرة للحزب الذي سينعقد يومي 25 و26 نونبر المقبل بالرباط.
أوزين المرشح الأبرز لكي يكون ثالث شخص يقود “الحركة الشعبية” منذ تأسيسه عام 1957، لا يمكن أن نراه بعيدا عن موقع الأحداث التي تعرفها المملكة، ومن أجل استجلاء رأيه والإحاطة بتصوراته ورؤيته السياسية لمجموعة من التطورات التي تعرفها الساحة الوطنية ومستقبل وتوجه “السنبلة” فيما هو قادم، أجرت جريدة “شفاف” هذا الحوار مع الأمين العام المرتقب لحزب الحركة الشعبية.
باعتبارك وزيرا سابقا، كيف ترى تدبير الوزير المهدي بنسعيد لقطاع الشباب الذي تعرفه جيدا؟
صعب الحكم على تدبير القطاع في غياب رؤية واضحة، وغير مقرونة باعتمادات صريحة وآجال للتنزيل محددة، بمعنى أنه يصعب الحكم على العدم في ظل غياب أي مؤشرات تخدم أساسيات سياسة الشباب.
وأما فيما يخص سياسة الشباب، فهناك أسئلة جوهرية حول أمور تشكل المنارة الواضحة لإرساء سياسة شبابية ناجعة، أهمها تمكين الشباب من المواطنة الفاعلة من خلال دعم إدماجهم في المجتمع بهدف تنزيل وتحقيق التطلعات والغايات المنشودة في هذا الجانب.
وكونيا سياسة الشباب تعد منظورا استراتيجيا تنفذه الحكومة عبر توفير الآليات والخبرات بتسيير عملية الاندماج، والذي يجب أن تكون طبعا عبر برامج ثقافية وفنية ورياضية، كمسرح الشباب وموسيقى الشباب، والتنشئة الفنية، ونشر ودعم ثقافة رياضية منذ الصغر من خلال أنشطة الكشفية والمخيمات، وكذا برامج التطوع، وإعطاء دينامية وجاذبية لدور الشباب من خلال برامج تلفزية شبيهة لتجربة “Big Up” وغيرها.
وكل هذا لابد أن يأتي ضمن رؤية قابلة للقياس الكمي (Quantitative)، حتى يتسنى التقييم بهدف مراكمة هذه التجارب، والعمل على تجويدها بشكل متواصل.
في هذا الإطار، كيف ترى الأنشطة والبرامج التي أطلقتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل؟
اليوم ما نراه هو اختيار غير مناسب لإطلاق المهرجانات بالتزامن مع الدخول المدرسي، وهو ما يؤكد غياب منظور محدد في الزمان والمكان.
والتنشيط في حد ذاته ليس أمرا اعتباطيا، بل يجب أن يتمركز ويهدف إلى تنشئة وتفتيق الطاقات وصقل المواهب، وليس فقط تجميع الحشود لتأثيث فضاء المنصات للترفيه بشكل مناسباتي.
ويمكن القول إن ذلك لا بأس به، لكن لا يجب أن نحول شبابنا إلى مجرد مستهلكين للمنصات، بل نريدهم مبدعين فوق المنصات في الفن والأدب والشعر والثقافة العامة والألعاب الذهنية كالشطرنج، وذلك في انسجام تام مع القيم المغربية الأصيلة.
ومع كامل الأسف أجزم أننا أخلفنا الموعد مع كل هذا خلال 20 % الأولى من عمل الحكومة في هذا الجانب.
كونك أحد أبرز المرشحين لقيادة حزب الحركة الشعبية، كيف ترى مستقبل الحزب وتوجهه فيما هو قادم؟
مستقبل إيجابي إن شاء الله، نريده حزبا متجددا بنفس وطموح جديدين، يعيد الثقة للانخراط الحزبي السليم المبني على تبني مشروع مجتمعي يجد فيه المغاربة ذواتهم وحلولا لمشاكلهم.
وليس الإنصات الانتخابي العابر، وإنما بناءً على استراتيجية كاملة تروم وتقوم على جعل الإنصات لنبض الشارع ومطالب المواطنين عنوانا عريضا للبرنامج الحركي (حزب الحركة الشعبية).
في حالة وجود تعديل حكومي، وعُرض عليكم الانضمام لحكومة أخنوش، هل ستقبلون بذلك؟
الانضمام إلى الحكومة هو قرار يصادق عليه برلمان الحزب أي المجلس الوطني، علما أن هناك إجماع من لدن الكل للانكباب على بناء الحزب بدل الدخول إلى الحكومة.
وموقفنا في المعارضة اليوم هي مناسبة سانحة لبناء حزب قوي، وأعدك بإذن الله أنه سوف نبصم على تنظيم جديد بوجوه جديدة، نساءً ورجالاً وشبابًا وشابات يحملون هم الوطن، وليس هوس المواقع، ولا يهمنا اليوم المشاركة في الحكومة، بقدر ما نسعى إلى الخروج بحزب قوي خلال المرحلة المقبلة.