نشرت مجلة فورين بوليسي ، مقالا للصحفي سايمون سبيكمان كوردال، تناول فيه “تحول موازين القوى” في دول شمال أفريقيا، مع تعدد الأزمات التي يشهدها العالم،
واعتبر الكاتب أن نجم الجزائر بدأ في الصعود، تزامنا مع الطلب الأوروبي على غازها الطبيعي وتراجع النفوذ المغربي، وصولا إلى قرار تونس دعوة زعيم جبهة جبهة البوليساريو، في مؤتمر استثماري، وهي خطوة على ما يبدو مصممة لإزعاج المغرب.
وعلى مدى عقود، ظلت تونس تنظر إلى الأمام، وحافظت على موقفها الحيادي من قضية الصحراء .
ومن خلال دعوة قيس سعيد لإبراهيم غالي، زعيم البوليساريو ، إلى مؤتمر كانت تعقده جنبا إلى جنب مع اليابان، فإن هذا الحياد أصبح موضع تساؤل.
وأكدت الدعوة، بالنسبة للعديد من المراقبين، ما اشتبه فيه الكثيرون: أن تونس تزداد قربا من الجزائر، ربما على حساب علاقاتها الوثيقة تاريخيا مع المغرب، في حين أن علاقات الرباط مع اليابان، التي تتمتع تونس بعلاقة جيدة معها، أصبحت موضع شك.
وبالاعتماد على الجزائر كمورد رئيسي للطاقة خلال الأزمة الاقتصادية التي لا نهاية لها في تونس على ما يبدو، ومع دعم الجزائر الصريح لشرعية الرئيس، من المحتمل أن يكون النفوذ المتزايد للجزائر بارزا في أفكار سعيد.
على الرغم من أن حساسية المغرب تجاه موضوع الصحراء المغربية قد تبدو مفاجئة، إلا أن مصير المنطقة أصبح ركيزة أساسية لنظرة المملكة للعالم.
وأدى انتقاد صفقة الرباط بشأن المنطقة مع إدارة ترامب وكذلك السماح بالوصول إلى المرافق الطبية في البلاد إلى انهيار دبلوماسي مع ألمانيا وإسبانيا.
في حديثه قبل المؤتمر مباشرة، استخدم العاهل المغربي الملك محمد السادس خطابا متلفزا لإرسال ما قال إنه رسالة واضحة للعالم، حيث قال للمشاهدين، “قضية الصحراء هي المنظار الذي يرى المغرب من خلاله بيئته الدولية”.
في الآونة الأخيرة، في دجنبر 2020، بدا موقف المغرب مؤكدا. ووافقت واشنطن على الاعتراف رسميا بمطالبة الرباط بالصحراء المغربية مقابل إيماءة مماثلة تجاه إسرائيل. تصالحت إسبانيا وألمانيا مع المملكة، ودعمتا خطة الرباط لتأسيس شكل من أشكال الحكم شبه الذاتي داخل المنطقة، وهي خطوة قاومها الانفصاليون ، الذين يصرون على إجراء استفتاء، لتحديد مصير المنطقة.
ومع ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، تتمتع الجزائر – ثالث أكبر مورد للغاز لأوروبا (بعد روسيا والنرويج) والداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو – بنهضة دبلوماسية.
ويتمتع كل من السياسيين الأوروبيين والمتنفذين الإقليميين باهتمام متجدد بالجزائر، ومن بينهم سعيد التونسي.
وضمنت زيارته في يوليوز إعادة فتح الحدود البرية، التي تم إغلاقها قبل عامين لاحتواء انتشار كورونا، مما سمح للأسر الجزائرية بالسفر إلى تونس ودعم صناعة السياحة المنكوبة في تونس.
كما تعتمد تونس أيضا على الجزائر في الحصول على الغاز الخاص بها، حيث تشتريه بسعر مخفض، فضلا عن تلقي إيرادات لنقل الغاز الجزائري المتجه إلى صقلية ثم إلى بقية أوروبا عبر أراضيها.
وقال رؤوف فرح، المحلل البارز في “غلوبال إينيسياتيف”، لموقع فورين بوليسي: “الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على أوروبا من حيث إمدادات الغاز تعيد وضع الجزائر كلاعب مهم في غرب البحر الأبيض المتوسط. والرباط قلقة بشأن هذا أكثر من قدرتها على الحصول على إمدادات الغاز بأسعار تنافسية بعد إغلاق خط أنابيب [المغرب العربي- أوروبا]، الذي كان يمد إسبانيا عبر المغرب”.
وبالنسبة لجوناثان هيل، وهو مؤرخ من كينجز كوليدج لندن، فإن مصير الصحراء المغربية والصحراويين، على مدى عقود، قد تحول من مشكلة واقعية إلى موقف سياسي ثابت، وعلى هذا النحو، هناك خطر بأن يصبح صعب الحل.
وقال: “المشكلة في الحقيقة هي مشكلة القيادة. في عام 1976، في وقت المسيرة الخضراء، كانت هناك مشكلة عملية أدرك الجميع أنها بحاجة إلى حل. ومع ذلك، مع وجود قيادات ثابتة نسبيا في كل من الجزائر والمغرب، حيث لا يوجد تغيير كبير في الموظفين، تم السماح للنزاع بالاندفاع إلى النقطة التي أصبح فيها مصير الصحراويين حقا مسألة إيمان”.
وخلص كاتب المقال إلى أنه “من غير الواضح إلى متى قد يستمر التمحور التونسي”.
ومع ذلك، فإن حقيقة قيام تونس بهذا التمحور أصلا تشير مباشرة إلى نظام جديد بصدد التشكل داخل المنطقة.