كشف تقرير صادر عن مجلة “جون أفريك ” الفرنسية، عن استعداد فرنسا لتسليم المغرب ما لا يقل عن 2.5 مليون وثيقة تتعلق بالفترة الاستعمارية.
وحسب ما أورده التقرير، فإن الوثائق الاستعمارية التي ستعيدها فرنسا إلى المغرب تتعلق بسجلات تاريخية ستدعم موقف المغرب في المحافل الدولية بخصوص مشروعية قضية وحدته الترابية.
مقدوفات البوليساريو في المحبس .. هل يتحرك المغرب دبلوماسيا وعسكريا لحماية أراضيه ؟
♦تعزيز الموقف المغربي
أكد الدكتور حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، على الأهمية الكبيرة للوثائق الفرنسية التي تستعد فرنسا لتسليمها إلى المغرب، والتي تتعلق بالفترة الاستعمارية.
ويرى المحلل السياسي، أن هذه الوثائق تحمل بعدًا استراتيجيًا مهمًا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، إذ تعزز الموقف المغربي في المحافل الدولية وتدحض الرواية الجزائرية حول تاريخ وأحقية المغرب في بعض المناطق الحدودية.
وقال بلوان لـ”شفاف” : “تأتي هذه الخطوة في سياق العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بفرنسا، وهي علاقات تعود لعدة عقود منذ أن كانت فرنسا قوة استعمارية في منطقة شمال إفريقيا.”
بوريطة يحذر من محاولة الجزائر جر المنطقة للحرب.. فماهي احتمالات نشوب حرب بين المغرب والجزائر؟
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية، بـ”النظر إلى التاريخ الاستعمار الفرنسي في المغرب، فإن أغلب الأرشيف المتعلق بمختلف القضايا المغربية لا يزال بحوزة السلطات الفرنسية. وبالتالي، فإن قرار فرنسا بالكشف عن جزء من الأرشيف المغربي المتعلق بقضايا حساسة، من شأنه أن يثبت العديد من الحقائق التاريخية التي تؤكد مشروعية الحقوق المغربية في الصحراء”.
وأوضح بلوان أن هذه الوثائق ستساعد في توضيح مجموعة من الحقائق التاريخية والقانونية التي ترتبط بالحدود والسيادة المغربية على عدد من المناطق التي انتقلت إلى السيطرة الجزائرية بعد الاستقلال.
♦خطوة مهمة
وأشار إلى أن “هذه الخطوة من فرنسا قد تكون ضربة قاضية للرؤية الجزائرية حول الصحراء ومناطق الحدود، حيث إن الأرشيف الفرنسي يحتوي على العديد من الوثائق التي تؤكد أن هذه المناطق، بما في ذلك تندوف وبشار وتوات، كانت تابعة تاريخيًا للإمبراطورية المغربية، ولا سيما قبل استقلال الجزائر”.
واستطرد بلوان قائلاً: “إنه من المعروف أن قضية الصحراء كانت ضمن أهم القضايا التي واجهت فرنسا قبل استقلال الجزائر، وقد أكد الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول أن هذه القضية ستكون أحد التحديات الكبيرة التي ستواجهها فرنسا بعد انتهاء الاستعمار.”
وأورد بلون؛ “أن قصد ديغول هنا ليس فقط الصحراء الغربية المغربية، بل يشمل أيضًا الصحراء الشرقية والامتدادات الجغرافية التي كانت تحت السيادة المغربية، والتي تضمنتها مراسلات ومراسيم سلطانية تثبت ولاء هذه المناطق للمغرب”.
وزاد بلوان أن النقود والبريد المغربي كانا يستخدمان في تندوف حتى عام 1963، وهذا دليل آخر على العلاقة التاريخية بين هذه المناطق والمملكة المغربية.
اقتراح الملك منح الجزائر منفذا على المحيط الأطلسي.. هل تتفاعل الجارة الشرقية إيجابا مع المقترح؟
ولفت بلوان إلى أن “سكان هذه المناطق، مثل تندوف وتوات، تعرضوا لضغوط وقمع شديد من الجزائر بعد الاستقلال عندما حاولوا التعبير عن ولائهم للمغرب أو الاحتفاظ بهويتهم المغربية.
وبين بلوان أن تلك المناطق كانت تعتبر جزءًا من المملكة، وأن الوثائق التي ستسلمها فرنسا قد توضح ذلك وتعيد الحقائق إلى الواجهة، ما سيسهم في تعزيز الموقف المغربي أمام المجتمع الدولي”.
♦دحض الرواية الجزائرية
وعلى صعيد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، شدد بلوان على أن “المغرب يتعامل مع هذه الوثائق الوطنية بحساسية ودقة، حيث يسعى إلى الاستفادة منها دون اللجوء إلى استغلالها بشكل شعبوي سواء في الداخل أو في الخارج.”
ويرى بلوان،” أن النظام السياسي الجزائري يستند إلى روايتين تعتبران جزءًا من تاريخ مضى؛ الأولى هي سردية الذاكرة المتعلقة بالحرب التحريرية، والثانية هي سردية ثورة التحرير التي لم تعد تخدم المصالح الحقيقية لشعوب المنطقة”.
وزاد بلوان أن “المغرب لا يسعى إلى التصعيد، بل يتبع سياسة هادئة ومدروسة، تهدف إلى كشف الحقائق التاريخية وتعزيز مشروعية حقوقه بعيدًا عن أي توتر مع الجيران”.
رسائل الملك لخصوم الوحدة الترابية .. هل تلتقط الأطراف المعنية الإشارات الملكية ؟
وأكمل بلوان تصريحه بالقول إن “الكشف عن هذه الوثائق التي لدى فرنسا سيدعم لا محالة الحقوق المشروعة للمغرب في الصحراء المغربية. إضافة إلى توضيح الوضع القانوني والحدودي لبعض المناطق التي استحوذت عليها الجزائر بعد الاستقلال بمساعدة من فرنسا، خاصة منطقة الصحراء الشرقية، بما فيها تندوف وتوات وبشار وغيرها من المناطق التي كانت جزءًا من الأراضي المغربية حتى عام 1934”.
وأردف بلوان، أن “الخطوة الفرنسية تعكس التوجهات الإيجابية في موقف باريس تجاه قضية الصحراء المغربية، وهي تعزز من دور فرنسا كداعم للقضايا العادلة للمملكة المغربية”.
♦معطيات قانونية وتاريخية
وأشار المتحدث إلى أن هذه الوثائق تحتوي على مجموعة كبيرة من المعطيات التاريخية والقانونية، بما في ذلك معاهدات دولية، وتقارير رسمية لضباط فرنسيين عن الأوضاع الإدارية والعسكرية في المنطقة، بالإضافة إلى مراسلات سلطانية تؤكد ولاء تلك المناطق لسلاطين المغرب.
واستطرد المحلل السياسي، أن هذه الوثائق قد تسهم في توثيق الصِلات التاريخية بين تلك المناطق والمغرب، مما سيشكل دفعة قوية للمغرب في مواجهة الأطروحات الانفصالية.
وأكد بلوان أن هذه الخطوة “تشكل مرحلة حاسمة في تطور العلاقات المغربية الفرنسية، كما تسهم في تدعيم الموقف المغربي الرافض للمشروع الانفصالي الذي لطالما استند إلى سردية لا تستند إلى حقائق تاريخية موثقة”.
وختم بلوان بأن “الأرشيف الفرنسي يحمل أهمية كبيرة للمغرب، إذ يحتوي على وثائق تعزز الرواية المغربية وتفضح الممارسات الجزائرية في استغلال قضايا تاريخية وسياسية لخدمة أجنداتها الخاصة”.
ويرى أن هذه الخطوة قد تكون “نقطة تحول في ملف الصحراء المغربية، خاصة إذا تم الكشف عن تفاصيل جديدة تدعم سيادة المملكة، وتكشف بوضوح مدى عمق الروابط التاريخية بين المغرب وهذه المناطق”.
انتقاد شديد اللهجة من المغرب لدي ميستورا .. هل تتجه المملكة لتبني نهج جديد تجاه المبعوث الأممي؟