في خضم التصعيد العسكري المستمر على قطاع غزة، عبر المغرب عن موقفه الرافض لكل أشكال العدوان الذي يستهدف المدنيين بقطاع غزة ويخلف وضعاً إنسانياً مأساوياً.
كما أدانت المملكة عبر وزير خارجيتها، ناصر بوريطة، الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار وتيسير دخول المساعدات الإنسانية.
ويأتي هذا الموقف في انسجام تام مع الدور التاريخي للمغرب في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، حيث يولي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، أهمية خاصة لحماية المدنيين والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة.
وفي الوقت ذاته، يجدد المغرب دعمه لحل الدولتين كخيار لا بديل عنه لتحقيق السلام العادل والدائم، على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
♦دعم متواصل للقضية الفلسطينية
أعرب مشيج القرقري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، وعضو لجنة العلاقات الخارجية للحزب، عن بالغ قلقه تجاه التصعيد العسكري المروع الذي تشهده غزة، محذرًا من تداعياته الإنسانية والسياسية على مستقبل المنطقة برمّتها، ومؤكدًا أن الموقف المغربي من القضية الفلسطينية “ثابت لا يتغير، وراسخ لا يتأثر، ولا يخضع لأي شكل من أشكال الابتزاز أو التوظيف السياسي”.
وفي تصريح لجريدة شفاف، شدد القرقري على أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لم يتردد يومًا في إعلان دعمه الكامل وغير المشروط للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأضاف عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، أن المملكة المغربية ظلّت لعقود من الزمن صوتًا نزيهًا وصادقًا في المحافل الدولية، نصرةً للقضية الفلسطينية، ومطالبةً بإنصاف هذا الشعب الأعزل في وجه آلة الاحتلال العسكرية.
وأوضح القرقري أن الموقف المغربي لا ينبني فقط على التزامات ديبلوماسية أو مواقف رسمية، بل يستمد جذوره من وعي وطني عميق، وإجماع شعبي واسع، مؤكداً أن “الأحزاب السياسية، والنقابات، والفعاليات المدنية، والضمير الجمعي للمغاربة، ظلوا موحدين حول مركزية القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية كرامة وهوية وعدالة”.
♦إدانة خرق الهدنة
وفي سياق حديثه عن التطورات الأخيرة، عبّر القرقري عن استنكاره الشديد لما وصفه بـ”الخرق الفاضح لوقف إطلاق النار”، معتبراً أن “ما يجري في غزة لا يمكن وصفه إلا بكونه انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وامتهاناً لكرامة البشر، وخرقاً لكل الأعراف والمواثيق الدولية، التي تجرّم استهداف المدنيين، لا سيما النساء والأطفال”.
وأبان المتحدث، أن هذه المجازر التي تُرتكب يوميًا أمام مرأى ومسمع العالم، تشكّل جريمة مستمرة، وأي صمت عنها هو تواطؤ أخلاقي وقانوني، يجب ألا يُغتفر. مؤكدا أنه لا يمكن أن تمرّ هذه الانتهاكات مرور الكرام، أو أن تظل آلة الحرب الإسرائيلية تفتك بأرواح الأبرياء دون أي محاسبة أو ردع دولي حقيقي.
وأشار القرقري إلى أن موقف المغرب ظل واضحًا منذ بداية هذا العدوان، مبرزًا أن تصريحات وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، عبّرت بدقة عن موقف المملكة، من خلال التأكيد على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار بشكل فوري، باعتباره خطوة لا غنى عنها قبل الشروع في أي مسار سياسي أو إنساني جديد. ومعتبرا أن تجاهل هذا المطلب يعكس إصرارًا على التصعيد، وتماديًا في استهداف المدنيين العزّل.
كما استحضر المتحدث الدور الفعّال الذي لعبه المغرب خلال الحروب السابقة على غزة، حين تمكّن، بتعليمات ملكية سامية، من إيصال مساعدات إنسانية عاجلة إلى السكان الفلسطينيين، رغم الظروف الميدانية المعقدة، قائلاً: “لقد جسّد المغرب، في لحظات الشدة، معنى التضامن الحقيقي، بعيدًا عن الشعارات الجوفاء أو المواقف الانفعالية”.
وحذر القرقري من المنحى التراجيدي الذي اتخذه الوضع الإنساني في غزة، بعد قطع الكهرباء والماء والمساعدات الإنسانية، معتبراً أن ما يجري هو عملية تجويع ممنهجة، وتنكيل جماعي، يرتقي إلى جريمة ضد الإنسانية، ويهدد بأزمة إنسانية غير مسبوقة في القرن الحادي والعشرين.
♦حل الدولتين أساس السلام
وفي الإطار ذاته، دعا القرقري إلى تحرك عربي وإسلامي عاجل، بقيادة المغرب، للضغط من أجل وقف العدوان واستعادة مسار السلام. مردفا، أن المغرب بما له من مكانة جيوسياسية، وتاريخ دبلوماسي حافل، قادر على لعب دور قيادي في إطلاق مبادرات بناءة لإحياء عملية السلام، شرط أن تُبنى على أسس واضحة، أولها وقف العدوان، وثانيها إنهاء الاحتلال.
وفيما يخص الحلول السياسية، أكد القرقري أن المغرب متمسك بشكل لا لبس فيه بحل الدولتين، مضيفا أنه لا يمكن لسلام أن يتحقق دون قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ومردفا أن هذا الموقف ليس نتاج ظرف سياسي طارئ، بل هو تعبير عن التزام تاريخي وإنساني راسخ لدى المملكة.
واستطرد القرقري قائلا: “المغرب لم يساير الضغوط، ولم ينخرط في الخطابات التي تعمل على تصفية الحقوق الفلسطينية. بل ظل صوتًا متزنًا وملتزمًا في الدفاع عن جوهر القضية، وفي رفض أي مشاريع أحادية تلتف على حل الدولتين أو تنتقص من الحقوق الفلسطينية المشروعة”.
♦العدوان يجب أن يتوقف
هاجم القرقري محاولات إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض، معتبراً أن “التوسع الاستيطاني، والتهجير القسري، والعدوان المتواصل، كلها مظاهر لإستراتيجية ممنهجة تهدف إلى إنهاء أي أفق للحل السياسي، وفرض منطق القوة والعقاب الجماعي”.
وفي المقابل، عبّر المتحدث عن يقينه بأن “إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن عدالة القضية الفلسطينية ستظل قادرة على حشد الضمائر الحية، مهما اشتد الحصار أو طالت الحرب”.
وتوجّه القرقري بنداء صريح إلى المجتمع الدولي، قائلاً: “لا يمكن للعالم أن يواصل صمته أمام ما يحدث. ولا يمكن للضمير الإنساني أن يقبل بإبادة شعب بأكمله، على مرأى من الكاميرات، دون أن يحرّك ساكنًا. كما على الأمم المتحدة، وعلى كل القوى الكبرى، أن تتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية، وأن تضع حدًا لهذه المجازر المتواصلة”.
ودعا القرقري إلى لتكثيف الجهود الدبلوماسية، قائلاً: “اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج فلسطين إلى أصدقاء حقيقيين، وإلى حلفاء صادقين. والمغرب، بتاريخه النضالي، ومكانته المرموقة في إفريقيا والعالم العربي، قادر على المساهمة في فرض وقف إطلاق النار، وإعادة الاعتبار للمسار السياسي، بما يضمن حقوق الفلسطينيين، ويؤسس لسلام حقيقي يعيد التوازن والاستقرار للمنطقة برمتها”.
وزاد المتحدث، أن القضية الفلسطينية ليست فقط قضية شعب يناضل ضد الاحتلال، بل هي مرآة لما تبقّى من ضمير في هذا العالم”، ومضيفا أن المغرب سيظل، كما كان دائمًا، في مقدمة الدول التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني.