يشكل عيد الأضحى في تافيلالت،عادةً، أداة لخلق حركة تجارية واقتصادية وثقافية، إضافة إلى انتقال جزء من السيولة من المدن إلى بواديها.
وتعكف ساكنة تافيلالت خلال أيام العيد على مراعاة تقاليد المنطقة في المأكل والملبس ووإحياء طقوس وتقاليد متواثرة أبا عن جد بالمنطقة .
وتعليقا على الموضوع، يفيد الأستاذ زايد جرو، الكاتب والمهتم بالتراث المادي واللامادي بجهة درعة تافيلالت، أن عيد الكبير (عيد الأضحى) يتميز بطقوس خاصة ومختلفة رغم تعدد التركيبات السكانية والثقافات بالمنطقة، مبرزا أن اختلاف العادات والتقاليد هو الذي يعكس ذلك الغنى التراثي والثقافي لتافيلالت ويعطيها التميز عن جهات المملكة الأخرى.
ويرى الكاتب والمهتم بالتراث المادي واللامادي بجهة درعة تافيلالت، في تصريح لجريدة “شفاف”، أن ” العيد لكبير” بتافيلالت له طعم خاص نظرا لصلة الرحم التي تتجدد كل سنة بين الأبناء والأحفاد والأجداد.
ويوضح المتحدث، أن العودة إلى “تمازيرت” وتجديد الصلة بين الأجيال المتعاقبة يُساهم كذلك في الحفاظ على الثقافة والتراث وعدم الخوف من اندثارها مستقبلا، خصوصا أن الأسر تسهر خلال تلك الأيام المباركة على أن يرى الأطفال جميع تفاصيل العيد، وذلك لخلق الفضول في داخلهم ودفعهم إلى استغلال أي فرصة للعودة إلى أصولهم.
ويضيف جرو، أن أهل قصور تافيلالت يعملون على نحر “بقرة” يوم عرفة أمام ساحة القصر، إذ يسهر من كلفوا بهذه المهمة على توزيعها على كافة المنازل بدون استثناء وتسمى هذه العملية بـ ” لوزيعة”، مبرزا أن ليلة العيد الأمهات تسهرن على تزين أطفالهن “بالحناء” وتعطير البيت وتحظير كل ما يلزم لتمر عملية الذبح في اليوم بشكل سلس ودون مشاكل تذكر.
ويسترسل الكاتب والمهتم بالتراث المادي واللامادي بجهة درعة تافيلالت، أن ربات البيوت بعدما يقفن على تحضير أطفالهن وأزواجهن بلباس تقليدي جديد وعطر تصل رائحته لمسافات بعيدة، يذهب الجميع إلى “المصلى” لأداء صلاة العيد، حيث ينتظرون “لفقيه” ليبدأ بمناسك هذه الشعيرة ثم يؤشر لهم بعدها بعملية “النحر”.
ويبرز المتحدث، قبل عملية نحر “الدمان” رب الأسرة وأبناءه ملزمون بتهنئة كل منازل القصر بـ”العيد”، حيث الأذن تلتقط كلمة “مبروك العيد” من كل اتجاه وفي بعض الأحيان قد لا يعرف مصدرها، مبينا أن الأطفال تكمن فرحتهم في هذه المرحلة حينما تغدق أيادي ربات البيوت اللواتي بورك لهن العيد عليهم بقليل من المال أو الحلويات أو الفواكه الجافة.
ويورد الباحث في التراث اللامادي بجهة درعة تافيلالت، بعد مباركة العيد تجد رب الأسرة هو من يقوم بعملية الذبح والسلخ، وظلك بمساعدة من أبناءه وأحفاده في مكان يسمى “الزريبة” قد يكون داخل البيت أو بعيد عنه بأمتار، حيث تجد جميع أفراد الأسرة متواجدة خلال هذه العملية لتوثيق اللحظة وتوزيع المهام، إذ النساء تتكلفن بنظافة أمعاء الأضحية والأعضاء المسموح أكلها، فيما الذكور هم من يتكفلون بشي الرؤوس والأرجل وتفريغ “الكرشة”.
ويُتمم المتحدث، بعد الانتهاء من عملية الذبح تجتمع الأسرة بأكملها على “الميدة أو الطبلة” لشرب الشاي وأكل “بولفاف” وقطبان من اللحم و”الطحال” و”القلب” المشوية على الفحم، حيث يستغل الجميع فرصة اللمة للتداول في أخبارهم وأخبار القصر واسترجاع الذكريات والترحم على من هم في القبور.
ويسترسل المتحدث، بعد أخذ قسط من الراحة يفضل أهل قصور تافيلالت أن يكون غذائهم هو عنق الشاة على خلاف أهل المدن الذين غالبا ما يتركون “كسدة الحولي” حتى اليوم الموالي.
ومن عادات أسر تافيلالت باستثناء الأمازيغ فلا بد من ‘التفْكور’ للبنت المتزوجة حديثا حيث يعمل رب الأسرة على نقل جزء من الذبيحة أي “رجل الحولي ” بمعية الأم في اليوم الموالي للعيد أو ثالثه لها، وذلك لرفع شأنها أمام أهل زوجها. وفق المتحدث ذاته.
ويوضح المتحدث، أن العيد لكبير يختلف عن الأعياد الأخرى حيث يستمر لثلاثة أيام ولن ينتهي حتى تقام طقوس نهاية الاحتفال به في ضريح مولاي علي الشريف الذي يشهد اكتظاظا قطيع النظير.