عقب وقوع الزلزال الذي شهدته مجموعة من المناطق بالمملكة المغربية، كان من بين أبرز الأمور التي تم التركيز عليها هو مدى تأثر القطاع السياحي وقدرته على تجاوز الآثار المرتقبة لهذه الكارثة الطبيعية على المديين القريب والمستقبلي، الذي يُشغل يدًا عاملة كبيرة، والتي تشكل 5 % من الساكنة النشيطة، ويساهم بما نسبته 7 % في الناتج الداخلي الخام الوطني.
•طمأنة وإشادة بالمميزات السياحية
ركزت مجموعة من وسائل الإعلام والصحافة الدولية في تغطيتها المستمرة لوقائع وآثار زلزال الحوز، على جانب تأثر المدن السياحية في المغرب بما وقع، وخصوصا مراكش التي لا تبعد سوى 75 كيلومترا عن مركز الزلزال بجماعة إيغيل، التابعة لإقليم الحوز، حيث أشادت الكثير من التقارير بالمؤهلات والتدابير المغربية في هذا الجانب، وأشارت إلى عدم تأثر مرافق السياحة من فنادق ونزل الإيواء وغيرها من المنشآت الخاصة بذلك.
♦“أتالايار”: تواصل ازدهار صناعة السياحة
في هذا السياق، ذكرت مجلة “أتالايار – Atalayar” الإسبانية، أن ازدهار صناعة السياحة في المغرب يتواصل بعد الزلزال، مبرزة أن هذه الكارثة الطبيعية التي أحلت بإقليم الحوز والمناطق المجاورة له، لم توقف صناعة السياحة المغربية.
La próspera industria turística de Marruecos continúa tras el terremoto
El reciente terremoto no detuvo la industria turística marroquí, según la Oficina Nacional de Turismo de Marruecos (ONMT)@MoroccoInESP @MarocDiplomatie#ONMT #Marruecos
✍️ @Enriik_https://t.co/KdvacQ2FMl
— Atalayar (@Atalayar_) September 21, 2023
ولفتت “أتالايار” إلى أن تم العمل من خلال مبادرة مشتركة بين كل من الكونفدرالية الوطنية للسياحة والمكتب الوطني للسياحة والعديد من خبراء السياحة على طمأنة مجتمع السياحة الدولي من خلال فيديوهات ومنشورات بأن المغرب يظل منفتحا أمام الأعمال التجارية وملتزما بتزويد جميع الزوار بتجربة ممتعة.
وأضافت أنه بمساعدة رؤساء مجالس السياحة الجهوية، اجتمع مختصون من الكونفدرالية الوطنية للسياحة، بما في ذلك أصحاب الفنادق ووكلاء السفر وأصحاب المطاعم والمرشدون السياحيون، لتوصيل رسالة موحدة في مقطع فيديو تم نشره على قناة المكتب الوطني للسياحة على”يوتيوب”.
وأوضحت أن هذا الفيديو الترويجي يسلط الضوء على كيفية قيام المرشدين السياحيين بإجراء الجولات وتبادل الخبرات مع السياح، ومدى الجهد الذي تبذله وكالات السفر المغربية وسلسلة القيمة السياحية بأكملها لضمان تنظيم لا تشوبه شائبة مع زوار المملكة.
♦“بي بي سي”: مراكش تغوي مشاهير العالم
عبرت شبكة “بي بي سي – BBC“ البريطانية، عن إعجابها وإشادتها بما تزخر به “المدينة الحمراء” من مؤهلات وجمال آخاذ، والذي يخطف أنظار وقلوب وعقول من يزورها، وذلك في إطار مقال أبرز سحر وتميز مراكش بمجموعة من المآثر التاريخية وكذا الأشكال والعناصر الثقافية والتراثية.
#Marrakech au #Maroc : l’histoire magique de la ville qui a séduit célébrités et artistes du monde entier – BBC News Afrique https://t.co/wibykBgvEQ
— AlexisDussol (@DussolAlexis) September 24, 2023
وأبرزت “بي بي سي” أن مراكش التي يطلق عليها “باريس الصحراء” لطالما ولا تزال تغوي وتسقط المشاهير والفنانين من جميع أنحاء العالم في حبها، مشيرة لعدد من المآثر التي تأسر القلوب والأنظار كمسجد الكتبية وقصر البديع وقصر الباهية، وجامع الفنا المليء بالرواة وأكشاك الطعام ومروضي الثعابين والبهلوانيين والتجار والسكان المحليين، والتي يدور حولها كل شيء فيما يسمى بـ “المدينة الحمراء”.
وأوردت أنه منذ القرن الحادي عشر، عندما جاء المحاربون الإسلاميون (المرابطون) الذين يرتدون الحجاب على وجوههم لحماية أنفسهم من الرمال في الصحراء الكبرى عبر جبال الأطلس وأسسوا إمبراطورية عاصمتها مراكش، ظلت المدينة مركزا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.
واستحضرت الشبكة مجموعة من الشخصيات ومشاهير العالم الذين سكن حب وعشق مراكش أفئدتهم منذ عقود طويلة، منهم من رحل وأخرين لا يزالون يقبلون على القدوم أو المكوث فيها كلما سنحت لهم الفرصة، ومن بينهم رئيس وزراء بريطانيا الراحل ونستون تشرشل، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ومصمم الأزياء الفرنسي إيف سان لوران، ومواطنه رجل الأعمال والسياسي بيير بيرجي، وقطب النفط الأمريكي جون بول جيتي جونيور، وأعضاء فرقتي موسيقى “الروك” البيتلز ورولينج ستونز.
ولفتت إلى أن سكان “المدينة الحمراء” الذين يقل عددهم عن مليون نسمة يستقبلون حوالي 3 ملايين سائح سنويا، بما في ذلك النجوم مثل المغنية الأمريكية مادونا، التي احتفلت بعيد ميلادها الستين في مراكش، وأسطورة كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو، والنجم الهوليوودي الأمريكي روبرت دي نيرو، والذين قرروا جميعا بناء فنادقهم الخاصة في المدينة، مشيرة إلى أن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، موضحة أن عدد كبير من النجوم والمشاهير في العالم يعملون على الانتقال للعيش فيها.
وأكدت على أنه بالرغم من هذا الزلزال المدمر، والذي سيستغرق وقتًا لتضميد الجروح الجسدية والنفسية، فإنه لحسن الحظ تتمتع مراكش بتراث غير ملموس من الفنانين والحرفيين الذين حافظوا على مدى عقود على تراثها المادي، مبرزة أن المدينة التي يحبها الكثير من الناس ستستمر في نشر سحرها وبهائها على كل من يراها حتى بعد الفاجعة وفي المستقبل.
♦“تاون آند كانتري”: الوقت الأفضل لزيارة مراكش
على المنوال ذاته، طرحت مجلة “تاون آند كانتري – Town & Country“ الأمريكية، -المختصة في تناول مواضيع نمط وأسلوب الحياة-، تساؤلات حول الكيفية التي يمكن من خلالها مساعدة مراكش الآن، مبرزة أنه هذا أفضل وقت من أجل رؤية هذه المدينة والتعرف عليها.
وأوضحت كلارا جلوفيتشيسكا، كاتبة المقال ومحررة السفر بالمجلة، -التي زارت المغرب وخصوصا مراكش من قبل في تسع مناسبات-، أن التوجس الحاصل لدى البعض من التوجه لـ “المدينة الحمراء” قد يكون عاديا في اللحظات الأولى، لكن سرعان ما ستعود الأمور إلى طبيعتها مثلما ما وقع بعد حرائق جزيرة ماوي الأمريكية، التي عادت فيها الحركة السياحية سريعا إلى طبيعتها.
وأضافت أن كل شيء في مراكش يجعلك تحبه؛ بما فيه الأجواء وأناسها ومواقع التراث العالمي الموجودة بها، ومتاجرها والمطاعم والمعارض الأنيقة في حي جليز الأوروبي، وكذا فنادقها ورياضاتها المكتنزة للوحات فنية من بلاط الزليج وأثاث خشبي منقوش وغيرها من الأمور.
You might be thinking “no” to Morocco right now, especially Marrakech. But they need tourist dollars more than ever—and if you’ve never been, you’re in for a treat. https://t.co/vdjD0UUrol
— TOWN&COUNTRY (@TandCmag) September 18, 2023
وأكدت على أنه لا يوجد اليوم مانع من أجل السفر إلى المغرب وخاصة مراكش، موضحا أن الأمور عادية والحياة عادت بسرعة إلى طبيعتها، مشيرة إلى أن مطار المنارة الدولي يعمل بكامل طاقته، وأن المدينة نفسها، التي تقع على بعد 43 ميلاً من مركز الزلزال في الجبال، لم تتضرر بشكل أساسي، وأن السياح الذين كانوا في مراكش قبل الزلزال لم يصابوا بأذى.
•تداعيات الفاجعة
أبرز الزبير بوحوت، الخبير في قطاع السياحة، أن فاجعة من هذا الحجم لا بد أن يكون لها تأثير كبير على المجال السياحي ببلادنا، لاسيما في مدن مراكش وأكادير اللتان تمثلان 60 % من النشاط السياحي في المغرب.
وأضاف أن وكالات الأسفار لجأت إلى طرح مجموعة من الاقتراحات على زبائنهم، والمتمثلة إما في العودة إلى دولهم أو تقليص مدة الحجز أو تأجيل أو إلغاء بالنسبة للأشخاص الذي قاموا بالحجز سابقا ولم يحلوا بعد بالمملكة.
واعتبر الخبير في قطاع السياحة أنه من الأمور الإيجابية هي أن الفنادق والمجموعات السياحية قدمت تسهيلات وساعدت زبائنها خلال هذه الفاجعة، حيث وفرت لهم جميع السبل الممكنة من أجل الإحساس بالراحة والطمأنينة وعدم التأثر بما وقع، لا سيما وأن هذه الواقعة لم تكن منتظرة.
وأوضح ان العامل المهم فيما يخص قطاع السياح، هو أنه لم يقع أي ضرر في المجموعات الفندقية، حيث ظلت سليمة وكانت بها الأجواء عادية بالرغم من قوة الهزة الأرضية، التي وصلت لـ 7 درجات على سلم ريختر.
وزيرة السياحة: العديد من المؤسسات أبانت عن صمود ومرونة كبيرين في مواجهة الزلزال
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن إلغاء الحجوزات أو تقليل عدد أيام المبيت يمكن أن يؤدي إلى أزمة اقتصادية واجتماعية داخل هذا القطاع، الذي يشغل يدا عاملة مهمة بشكل مباشر، إلى جانب استفادة عديد النشاطات التجارية والصناعات التقليدية من المجال.
•أرقام السياحة
قال بوحوت إنه إلى حدود نهاية شهر يوليوز وصل إلى المغرب لـ 8 ملايين و640 ألف وافد، منهم 4.4 من مغاربة العالم، وهو ما يبرز أن المواطنين القادمين من بلدان المهجر، هم الذين يتصدرون قائمة السياح الوافدين على المملكة، وذلك على حساب السائحين الدوليين، مشيرا إلى أن هذا الأمر يشكل استثناء على المستوى العالمي.
وأردف أن تركيا استقبلت في 2019 ما يناهز 51 مليون سائح؛ 6 ملايين منهم فقط هم أتراك قادمين من الخارج، أما المغرب فلديه العكس، حيث إن السياحة الدولية الوافدة على المملكة أقل عددا من نظيرتها المرتبطة بمغاربة العالم.
•سُبل التعافي
يرى بوحوت أن تأثير الزلزال بعد مرور أسبوع أو إثنين على انتهاء هذه الفاجعة يبدو أن غير كبير، موضحا أن مجموعة من وكالات الأسفار والمنشآت الفندقية تتحدث عن إلغاء عدد بسيط من الحجوزات، لكن حجمها حتى الآن ليس كبيرا، مبرزا أن عامل الزمن هو الذي سيحدد مستقبل نشاط القطاع.
واشار إلى وجود مبادرات متميزة فيما يتعلق بتجنب تضرر القطاع، ومن بينها الحملة الترويجية التي أطلقها المكتب الوطني للسياحة لطمأنة المجتمع السياحي الدولي، وقيام عدد من التنظيمات المهنية السياحية بتقديم تسهيلات لتأجيل الزبناء لحجوزاتهم من أجل تفادي إلغائها، كإعفائهم من تحمل مصاريف إعادة الحجز في حالة تغيير الزمن أو الوجهات المحددة بالمغرب مسبقا.
وأوضح أنه من الأمور المطمئنة في هذا الجانب، هو إعلان الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية بأنه بفضل المعايير والتدابير الصارمة الجاري بها العمل في جل المنشآت الفندقية، لم يتم تسجيل أي وفيات في فنادق المغرب، مشيرا إلى أن ذلك سيتيح استئناف القطاع لعمله.
•دور الإعلام ومسؤولي القطاع
شدد بوحوت على ضرورة قيام الإعلام بتغطية لما يرتبط بالسياحة والسياح، وتبديد المخاوف لدى الأجانب فيما يخص القدوم للمغرب، من خلال إظهار سلامة المنشآت الفندقية وقدرة القطاع على استئناف خدماته، والاستعانة بشهادات حية للمسؤولين وعدد من السائحين الذين لا يزالون بأرض الوطن.
وأكد أيضا على ضرورة انفتاح وتواصل المسؤولين في القطاع، بكل من وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة وغيرها من المؤسسات المرتبطة بذلك، على الصحافة والإعلام الأجنبي من أجل تقديم الإيضاحات اللازمة وتقريب السياح الراغبين في القدوم إلى المغرب مما يقع.
ودعا إلى التركيز على الدول التي تتصدر قائمة السياح الوافدين على المغرب، وفي مقدمتها فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا، مشيرا إلى أنه يجب استهداف هذه الأسواق في البداية، وإبراز سلامة المطارات والمنشآت الفندقية وما يتعلق ببنية هذا المجال.
“نتلقاو فمراكش”.. إطلاق حملة للترويج للسياحة الداخلية مع اقتراب الأعياد والعطل
وأوضح أن اليوم يعيش القطاع السياحي نسبيا أزمة التواصل، وأوضح أن هذا الأمر سيؤثر في حالة عدم التعامل معه بسرعة على استقبال السياحة الاجنبية، التي ازدادت فقط هذه السنة بـ 1% مقارنة بـ 2019.
ولفت إلى أن بعض السياح الأجانب بالمغرب كشفوا لإعلام بلدانهم أن الأمور عادية في المناطق التي يتواجدون بها، داعين لضرورة عدم إلغاء الزيارات والحجوزات المسبقة للمملكة، معتبرين أن ذلك جزء من المبادرات الإنسانية لرد الجميل لهذا البلد الذي يفتح يده دائما لاستقبالهم بحفاوة.
وأضاف أن بلاغ الديوان الملكي أشار إلى أن الملك محمد السادس خلال انعقاد المجلس الوزاري عقب هذه الفاجعة، على ضرورة العمل على إنعاش واستمرار النشاط الاقتصادي وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن ﺑﮭدف اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻔوري ﻟﻸﻧﺷطﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ، لافتا إلى أن ذلك كان بمثابة دعوة للمسؤولين على القطاعات الاقتصادية لمباشرة العمل وعدم الاكتفاء بالتفرج.