“في الجزائر.. بالنسبة لنشطاء حقوق الإنسان.. المنفى أوالسجن“، توقفت صحيفة “لوموند” عند الأسباب التي دفعت سعيد صالحي وعيسى رحمون وصلاح دبوز، وهم ثلاث شخصيات من الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى الفرار إلى فرنسا وبلجيكا هربًا من السجن وإنقاذ أرواحهم، كما يروي النشطاء الثلاثة للصحيفة.
فر سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بهدوء، في 23 يونيو، وهو الذي لم يكن “يفكر قط في مغادرة الجزائر”، كما يروي للصحيفة. وجد “السلام” مع زوجته وطفليه في بلجيكا، ورغم حصوله على “الهدوء” إلا أن “المنفى هو تمزق” كما يقول هذا الأخير بحزن”.
وتابعت “لوموند” القول إنه بينما تخضع الجزائر اليوم للمراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث ستقدم تقريرها الدوري الشامل، تستنكر المنظمات غير الحكومية الجزائرية التراجع غير المسبوق في الحريات في البلاد. سعيد صالحي هو رمز لهذه النكسة التي تعيشها الجزائر حاليًا.
من جهته يقول حكيم عداد، أحد مؤسسي منظمة راج (تجمع، عمل، شبيبة)، والذي اضطر أيضًا إلى مغادرة البلاد إلى فرنسا، في ديسمبر 2020: “الصحافيون والقضاة والمحامون ونشطاء حقوق الإنسان يغادرون أو يحاولون المغادرة للتمكن من التحدث والعمل من مكان آخر”، في ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا وإسبانيا وفرنسا بالطبع. بتأشيرة طالب أو سياحة، أو في حالة عدم الحصول عليها، عن طريق ركوب قارب للوصول إلى إسباني. ووفقًا لفرونتكس، دخل أكثر من 13 ألف جزائري إلى إسبانيا بشكل غير قانوني منذ بداية العام. ووبحسب المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وغير الفرنسيين (Ofpra)، فإنه تم في عام 2021 تقديم 1514 طلب لجوء من قبل مواطنين جزائريين، وحصل 139 منهم على الحماية. وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، تم تسجيل 901 طلب لجوء.
في بلجيكا – تشير “لوموند”- طلب سعيد صالحي اللجوء أيضًا وهذا القرار يعذبه، كما يروي للصحيفة: “اللجوء لم يكن أبدا مشروعا. أشعر أحيانًا بالذنب. فيما يتعلق بأسرتي ووالدي… أناضل من أجل بلد حتى تتمكن بناتي من العيش في المنزل وأتركه ورائي. لكن علينا أن نواصل النضال”.
من جهته، اضطر عيسى رحمون إلى المغادرة إلى فرنسا، الذي يروي: “كان لدي وضع جيد في البلاد. لا يمكنك إعادة بناء حياتك في مثل عمري، لم يكن لدي خيار آخر: اضطررت إلى الفرار للبقاء على قيد الحياة”. وأوضحت “لوموند” أن هذا المحامي اللامع، ونائب رئيس رابطة حقوق الإنسان، غادر الجزائر يوم 27 أبريل الماضي مع ابنه وزوجته، وهي حامل بتوأمين، أولا عبر تونس، حتى لا يثير شكوك السلطات، ثم إلى فرنسا في يوم السادس من ماي. وبعد أيام قليلة، تقدم هذا الأخير البالغ من العمر 40 عامًا بطلب اللجوء.
يؤكد عيسى رحمون أن لديه حلماً برؤية الجزائر حرة وديمقراطية، وتحقيق التحول الديمقراطي، موضحاً أن لديه بالفعل حدسًا مفاده أن العدالة المستقلة هي وحدها القادرة على السماح لبلده “بفتح الأبواب على المستقبل”.
أما صالح دبوز، الذي وصفته ”لوموند” بأحد رموز المحاماة في الجزائر، فهو ينشط الآن في بلجيكا منذ أكثر من ثلاث سنوات. مثل سعيد صالحي وعيسى ورحمون، فإن الرئيس السابق لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزائر (2013-2018)، الذي رفض مقايضة لغته ومعتقداته لمنصب، اضطر أيضًا إلى مغادرة بلاده هربًا من السجن أو القبر. ويقول: “غادرت حتى لا أموت. ليس من باب الجبن ولكن لإنقاذ حياتي”.
وأوضحت “لوموند” أنه بالنسبة لرموز حقوق الإنسان الثلاثة المذكورين أعلاه، فإن الوضع الحالي في الجزائر “أسوأ” مما كان عليه في عهد بوتفليقة. كما أن السياق الدولي المتمثل في أزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا يسمح للحكومة الجزائرية بالتطرف وإدارة ظهرها للآليات الدولية لحقوق الإنسان.
ويعبر النشطاء الثلاثة عن تشاؤمهم مما يحدث في بلادهم ويحذرون من مآلات الوضع. ويقول سعيد صالحي: “يشعر الناس بأنهم محاصرون في هذا السجن المكشوف”.