حمل الخطاب الملكي السامي الموجه للشعب بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، مجموعة من الدلالات والمضامين المرسخة لمغربية الصحراء والوحدة الترابية للمملكة، وذلك في إطار تداخلت فيه مجموعة من المجالات المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشرة بالقضية الوطنية الأولى، كالبرنامج التنموي للأقاليم الجنوبية، وأيضا الشراكة المغربية مع بلدان القارة الإفريقية، مثلما هو الحال مع مشروع خط أنبوب الغاز الذي ينطلق من أبوجا نحو الرباط مرورا بـ 15 دولة.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، يرى يونس صبار، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن الخطاب الملكي ركز على الجوانب السوسيو اقتصادية والتنموية، وعلى البعد الإفريقي – المغربي، الذي اعتبره الخطوة الأساسية نحو ترسيخ مغربية الصحراء، كما تجنب الملك الحديث تماما على الجارة الجزائر والاستفزازات التي أقدمت عليها تجاه الرباط خلال القمة العربية الأخيرة.
كما أضاف أن الملك استشرف الأزمة الطاقية العالمية، التي تبرز ملامحها تدريجيا، وهي لا محالة قادمة تجاه المغرب بعد أن برزت تجلياتها اليوم في أوروبا، من خلال التطرق للمصالح والأهداف المشتركة التي يحققها خط أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، لجميع شعوب وبلدان المنطقة.
وأوضح صبار أن هذا المشروع سيحقق للمغرب الأمن الطاقي وأرباحا مادية مهمة، كما سيكون صلة وصل بين المملكة وقارته الإفريقية من جهة، ومن جانب آخر بين إفريقيا وأوروبا، مشيرا إلى أن الأزمة الطاقية التي تبرز حاليا، تفرض على بلدان القارة السمراء الخروج من قوقعة المتفرج والمستهلك إلى فاعل رئيسي في عملية إنتاج الطاقة.
وأوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أن الخطاب الملكي عاد ليؤكد على ترسيخ مغربية الصحراء، عبر تكريم المواطن المغربي في الأقاليم الجنوبية، وذلك من خلال العمل على المستويين السياسي والدبلوماسي، الذين شهد كل منهما دينامية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب تكريس الأهمية لورش التنمية المفتوح بالمنطقة.
وأبرز المتحدث ذاته، أن الملك في خطابه ثمن نتائج البرنامج التنموي المندمج الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته سنة 2015، وخصص له غلاف مالي يتجاوز 77 مليار درهم، والذي بلغت نسبة الالتزام به 80 %، ما حقق دينامية اقتصادية واجتماعية حقيقية، وخلق فرص الشغل والاستثمار، إضافة لتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية من طرق ومشاريع للطاقة المتجددة بالصحراء المغربية.
وعلى المستويين الثقافي والاجتماعي، يبرز الأستاذ الجامعي أن الخطاب الملكي دعا إلى ضرورة تطوير التعليم والنهوض بالقطاع الصحي، مع دعم برامج التشغيل الذاتي، والنهوض باللغة والثقافة الحسانية.
وأشار صبار إلى أن الملك أعاد التأكيد على ضرورة مشاركة القطاع الخاص إلى جانب الحكومة في النهوض بالقطاعات الواعدة بالأقاليم الجنوبية، من خلال خلق استثمارات منتجة وذات فعالية، قصد توفير فرص الشغل لساكنة هذه المناطق.