على إثر الزلزال الذي ضرب المغرب منذ أسبوعين، بادرت مجموعة من الدول الصديقة والشقيقة إلى عرض مساعداتها على المملكة، ومن بينها دولة إسرائيل التي كانت سباقة لعرض طلب تقديم الدعم والمساعدة اللازمة للمغرب.
وفي هذا الصدد حاورت جريدة “شفاف” الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين، بخصوص التفاعل السريع لدولة إسرائيل مع الزلزال الذي ضرب المملكة وعرضها تقديم الدعم والمساعدة للمنكوبين بالمغرب، وسائلته كذلك عن دور البعثات الإسرائيلية المدنية التي حلت بالبلاد من أجل تقديم يد العون للمتضررين في تعزيز الثقة بين البلدين، بالإضافة للرسائل التي وجهها الشعب المغربي للعالم وهو ما يظهر مدى التضامن والتآزر بين مكوناته وأطيافه ومن ضمنهم اليهود المغاربة.
إيدي كوهين من مواليد عام 1972، هو إعلامي إسرائيلي ودكتور أكاديمي وباحث أول في مركز بيغين السادات للدراسات والابحاث الاستراتيجية.
س: كيف رأيتم مدى التضامن والتآزر الذي عبر عنه الشعب المغربي مع ضحايا الزلزال؟
ج: أول شيء على العالم أن يتعلم معنى الإنسانية من الشعب المغربي، ويشاهد كيف أن مختلف مكوناته وأطيافه تضامنت وتكاثفت في هذا المصاب الجلل الذي ضرب المملكة المغربية.
زد على ذلك فمظاهر التضامن والتآزر برزت من أعلى سلطة في البلاد عبر التفاعل السريع والذكي لجلالة الملك محمد السادس والذي شمل الضحايا والناجين من الكارثة.
وزلزال الحوز الذي ضرب المغرب، أعطى للإنسانية معنى آخر وقيمة أسمى وأكبر لدى كل من تتبع الحدث والأخبار التي تناقلتها كاميرات العالم من عين المكان.
س: دولة إسرائيل كانت من بين أولى الدول التي اقترحت تقديم الدعم والمساعدة للمغرب؟
ج: الثقة المتبادلة بين البلدين والعلاقات القوية والتاريخية بينهما، هو ما جعل دولة إسرائيل من أولى الدول التي عملت على عرض مساعداتها على المغرب في فاجعة زلزال الحوز.
وهذا الفعل الإيجابي الذي قامت به دولة إسرائيل يعتبر أمر طبيعي بين البلدين، وليس جديدا على اعتبار أن الدولتين تربطهما علاقات تاريخية قوية، ضف عليها يوجد في إسرائيل أكثر من مليون يهودي مغربي.
وفي الحقيقة إسرائيل والمغرب ليستا بحاجة إلى الكوارث الطبيعية من أجل تعزيز العلاقات بين الدولتين، وتأكيد الثقة بينهما، وعلى أساسها تقديم الدعم والعون للشعب المغربي.
كما أن التاريخ وثق كيف ساعد المغرب الشعب اليهودي، وكيف أن المرحوم الملك محمد الخامس أنقذ اليهود إزاء قراره الشجاع ورفضه تسليم 250 ألف يهودي مغربي لحكومة فيشي الألمانية، حيث بهذا القرار حماهم من اضطهاد وهمجية ألمانيا النازية.
وخلال فترة السبعينات كذلك لايمكن أن ننسى ما قام به الملك الحسن الثاني لليهود المغاربة، بالإضافة إلى ذلك لم يسبق للمملكة المغربية أن عملت على اضطهاد أي يهودي مغربي كما وقع في القرن العشرين في جميع الدول العربية التي عملت على اضطهاد اليهود وهدم المعابد الدينة الخاصة بهم، وخطف وقتل الآلاف منهم مثل ما حدث ليهود ليبيا وسوريا والعراق ومصر وكذلك الجزائر التي حصل فيها تطهير عرقي لليهود وهذه المآسي كما قلت سابقا لم تحدث في المغرب، وهذا الشي لا يمكن أن ننساه، وهذا ما جعل إسرائيل من الدول الأولى التي عرضت مساعداتها على المملكة.
ورغم أن إسرائيل لم تشارك بشكل رسمي عبر الجيش الإسرائيلي في مساعدة المنكوبين في جبال الأطلس بالمملكة، إلا أن هناك بعثات إسرائيلية مدنية تتوفر على جميع التجهيزات اللازمة كانت في الميدان وقامت بواجبها الإنساني المطلوب منها.
س: صادفنا خلال تواجدنا بالمناطق المنكوبة أفرادا من البعثات الإسرائيلية للإغاثة من أصل مغربي، هل هذا يعكس ارتباط مغاربة إسرائيل بوطنهم الأم؟
ج: كما قلت سابقا يوجد في إسرائيل ما يفوق من مليون مغربي يهودي، ومن الطبيعي أن نشاهد إسرائيليين من أصل مغربي يقدمون المساعدات في المناطق المنكوبة والمتضررة من الزلزال.
إضافة إلى ذلك فالشعب المغربي والشعب الإسرائيلي هما شعب واحد ومن الطبيعي أن نشاهد بعثات إسرائيلية في المناطق المنكوبة يوجد فيها إسرائيليون من أصل مغربي، وذلك لأن آباءهم وأجدادهم من المغرب.
وهذه البعثات قدمت ما في وسعها من أجل تقديم المساعدات للمنكوبين في الزلزال وهذا يعتبر أقل شيء يمكن أن يقوم به الشعب الإسرائيلي مع نظيره المغربي الشقيق.
وارتباط الإسرائيليين المغاربة ببلد أجدادهم ليس وليد اليوم، فهم دائما يوزرون المغرب في رحلات سياحية سنوية، ويعملون على إحياء صلة الرحم دائما، وهذا يعتبر أكبر دليل على ارتباطهم بالأرض التي ولد فيها آبائهم وأجدادهم.
س: كيف تقيمون جهود السلطات الحكومية المغربية في التعاطي مع الكارثة؟ وكيف تفاعل المسؤولين داخل إسرائيل مع الخطوة الملكية لإطلاق ورش ضخم للتنمية بالمناطق الجبلية؟
ج: في الواقع على العالم أن يتعلم من المغرب ملكا وحكومة وشعبا، وأن يشاهدوا كيف حركوا الجبال من أجل الوصول إلى كل المنكوبين في المناطق المتضررة من الزلزال في المملكة.
كما أن التعاطي الملكي الجدي والسريع مع هذا الحدث الجلل الذي تألم معه المغاربة وكامل شعوب العالم، عبر إطلاق أوراش بملايير الدولارات من أجل إعادة إعمار المناطق المنكوبة وتأهيليها اقتصاديا وسياحيا يعتبر من الدروس الكثيرة التي قدمها المغرب للعالم.
وإضافة إلى ما ذكر سلفا، فقد شاهدنا بعد أسبوع من الزلزال، أن المغرب بدأ يعمل مباشرة على إعادة إنشاء طرق جديدة وترميم الشوارع والأماكن التي تضررت من الزلزال، وهذا يعتبر تعاطي جيد مع الكارثة وعلى دول العالم أن تحذوا حذو المملكة المغربية في أي كارثة طبيعية تضربها وأن تستفيد من تجربتها.
س: المغرب رفض طلب فرنسا لتقديم الدعم ورأينا مارافق ذلك من جدل امتد لحد تسخير الإعلام الفرنسي الرسمي وغير الرسمي لمهاجمة المغرب، كإعلامي إسرائيلي ماهي قراءتك للمشهد على ضوء توتر العلاقة بين البلدين؟
ج: صراحة لا أتوفر على أي معلومات بخصوص الطلب الفرنسي للمغرب، لكن الأخيرة قصرت كثيرا مع المملكة المغربية ودائما ما انحازت مع الجزائر، وهذا توجه في السياسة الخارجية لفرنسا له ماله وعليه ماعليه.
س: هل تعزيز الثقة بين البلدين يمكن أن يكون لها أثر مستقبلا على جميع المجالات خصوصا الاقتصادية منها؟
ج: أنا أعتقد أن القادم أفضل للبلدين في جميع المجالات، وهذا يحتاج فقط إلى بعض الوقت حتى تتعزز الثقة أكثر بين التجار المغاربة والتجار الإسرائيليين، وتتحرك عجلة السياحة قليلا بين البلدين ويزور المغاربة إسرائيل كما يقوم بذلك اليهود اليوم.