تتصاعد الانتقادات تجاه السياسات التشريعية التي تنتهجها الحكومة، وذلك في ظل الجدل الواسع الذي أثاره كل من مشروع قانون الإضراب، والتقاعد، ومشروع قانون مالية 2025.
كما اتهمت المعارضة الحكومة بالتسرع في تمرير القانون الإضراب دون فتح نقاش واسع مع النقابات والفاعلين الاجتماعيين، على الرغم من التعديلات المقترحة التي كان من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية.
وفي سياق متصل، أشعل مشروع إصلاح أنظمة التقاعد حالة من الغضب وسط المتقاعدين والنقابات، الذين وصفوه بالحل الجزئي وغير المنصف في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف السياسات الحكومية لدعم هذه الفئة.
أما مشروع قانون المالية لسنة 2025، فقد تعرض لانتقادات لاذعة، إذ اعتبرته المعارضة استمرارًا لسياسات لا تراعي أولويات المواطنين، مثل تحسين القدرة الشرائية ومكافحة البطالة.
العسري لـ“شفاف”: المغرب يحتاج لثورة ضريبية وحكومة أخنوش مطالبة بتقييم ذاتي لسياساتها
♦عجز حكومي
أكد الحسن لشكر، نائب رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، أن الحكومة الحالية أظهرت عجزًا واضحًا في تحقيق التزاماتها التي قطعتها أمام المغاربة.
وفي حديثه لـ “شفاف”، أوضح نائب رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، أن ما وعدت به الحكومة من إخراج مليون مغربي من دائرة الفقر، وترقية الطبقة المتوسطة وتوسيعها، وتعزيز القدرة الشرائية، وخلق فرص الشغل، ما زال حبرًا على ورق ولم ينعكس بأي شكل ملموس على الواقع.
وأضاف المتحدث، أن تقييم السياسات الحكومية لا يجب أن يعتمد على الأرقام والميزانيات المعلنة، التي غالبًا ما تكون معدة للاستهلاك الإعلامي، بل يجب أن يكون مبنيًا على أثرها المباشر على تحسين الحياة اليومية للمواطنين.
وأشار لشكر إلى أن المغرب يعاني من نسب نمو اقتصادي ضعيفة جدًا مقارنة بالدول المماثلة، مع تسجيل معدلات بطالة مرتفعة بشكل غير مسبوق.
وقال الحسن، إن هذه المؤشرات الاقتصادية السلبية تؤكد فشل الحكومة في تحقيق أي تقدم في هذا المجال، خاصة أنها تفتقر إلى رؤية واضحة وخريطة طريق متماسكة لإصلاح القطاعات الحيوية.
التامني لـ شفاف :أخنوش يروج لصورة وردية عن الأوضاع الاجتماعية في وقت يواجه فيه المغاربة أزمات خانقة
♦أزمة متفاقمة
لفت الحسن لشكر إلى أن قطاعي التعليم والصحة، على وجه الخصوص، يعانيان من أزمات متفاقمة، إذ لم تتمكن الحكومة من وضع خطة شاملة لإصلاحهما أو تحسين الخدمات المقدمة في هذين القطاعين الأساسيين.
وتابع المتحدث أن التغطية الاجتماعية، التي تعتبر من أبرز الأوراش الكبرى التي تعهدت بها الحكومة، ما زالت تعاني من اختلالات كبيرة.
وأوضح أن الحكومة لم تنجح في إدماج الفئات المستهدفة بشكل كامل في منظومة الحماية الاجتماعية، مما أثر سلبًا على ثقة المواطنين في قدرتها على إدارة هذا المشروع الوطني الكبير.
وأكد أن هذه الإخفاقات تجعل من الصعب تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعد ركيزة أساسية لأي تنمية مستدامة.
ومن جهة أخرى، شدد لشكر أن الحكومة تتجاهل التقارير الصادرة عن المؤسسات الوطنية، التي تقدم بيانات دقيقة ومعطيات موضوعية حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
وبيّن إلى أن الحكومة بدلاً من الاستناد إلى هذه التقارير لإعادة تقييم سياساتها وتصحيح مسارها، تختار تقديم أرقام مبالغ فيها لتضليل الرأي العام.
وأبرز أن غياب الواقعية في السياسات الحكومية يعكس ضعفًا في القدرة على إدارة الأزمات وتحقيق التحول المطلوب.
أخنوش يشيد بحكومته ويقول أنها “أوفت بوعودها” للمغاربة.. فأين الحقيقة؟
♦تسرع حكومي
وبخصوص مشروع قانون الإضراب، أعرب لشكر عن رفضه للصيغة التي تم تمريرها داخل لجنة العمل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنها لا تحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأرباب العمل.
وجزم الحسن على أن الحكومة تسرعت في دفع هذا القانون نحو المصادقة دون تخصيص الوقت الكافي للنقاش مع الفاعلين الاجتماعيين والنقابات المهنية.
وكشف المتحدث، أن الفريق الاشتراكي قدم 112 تعديلًا بخصوص مشروع القانون بُغْيَةَ تحسينه وضمان حقوق العمال، إلا أن هذه التعديلات لم تحظ بالاهتمام الكافي من الأغلبية البرلمانية.
واعتبر أن هذا النهج يضر بمصداقية العمل التشريعي ويضعف دور البرلمان كمؤسسة رقابية وتشريعية.
وتطرق لشكر إلى الطريقة التي تدير بها الحكومة الأغلبية البرلمانية، معتبرًا أنها تعتمد على تمرير القوانين بسرعة دون خلق نقاش عمومي حقيقي.
وقال إن هذا الأسلوب يقوض ثقة المواطنين في المؤسسات التشريعية ويُضعف المسار الديمقراطي.
وأضاف أن الحكومة بحاجة إلى إعطاء الوقت اللازم لمناقشة مشاريع القوانين بشكل شامل، خاصة تلك التي تمس حقوق المواطنين ومكتسباتهم.
♦المعارضة الاتحادية ملتزمة بالقيام بدورها الرقابي والتشريعي
وفيما يخص ارتفاع الأسعار وغياب الدعم الكافي للشرائح الهشة، مثل المتقاعدين، شدد لشكر على أن الحكومة لم تقدم حلولًا عملية للتخفيف من الأعباء المعيشية.
وأوضح أن السياسات المتبعة لم تساهم في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، بل زادت من معاناتهم في ظل ارتفاع تكاليف الحياة.
وأشار إلى أن إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة، على الرغم من أنه خطوة إيجابية، لا يزال إجراء غير كافٍ في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية.
وأكد لشكر أن الحكومة لم تحقق تقدمًا يُذكر في مجالات أخرى، مثل إصلاح الإدارة وتبسيط المساطر الإدارية، ومكافحة الفساد.
وبين الحسن على أن هذه المجالات تشكل شروطًا أساسية لأي تحول اقتصادي واجتماعي ناجح، إلا أن الحكومة لم تُظهر أي التزام حقيقي بمعالجتها. معتبرا غياب التقدم في هذه الملفات يعكس عجزًا عن تحقيق أي إنجازات تذكر في فترة ولايتها.
كما أكد لشكر على أن المعارضة الاتحادية ستواصل الدفاع عن حقوق المواطنين ومكتسباتهم، وستعمل على تقديم مقترحات بديلة تسهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
ودعا الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها والاستماع إلى مطالب الشعب، مشددًا على ضرورة تجاوز أسلوب التسرع والارتجال في إدارة الشأن العام.
وفي الأخير، شدد لحسن على أن المعارضة الاتحادية ملتزمة بالقيام بدورها الرقابي والتشريعي، وستواصل العمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.