في خطوة تعكس التوجهات النقدية لدعم النمو الاقتصادي والتشغيل، قرر بنك المغرب خلال اجتماعه الفصلي الأول لسنة 2025 تخفيض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثانية على التوالي، والثالثة منذ يونيو الماضي، بواقع 25 نقطة أساس؛ ليصل إلى 2.25%.
ويأتي هذا القرار في سياق اقتصادي يتسم بتباطؤ ملحوظ في معدل التضخم، الذي انخفض من 6% إلى 0.9% في 2024، مع توقعات باستقراره عند 2% خلال العامين المقبلين، لتتار تساؤلات عديدة حول إن كان هذا القرار يشكل فرصة لتعزيز الانتعاش الاقتصادي، وكذا التحديات التي قد تؤثر على فعاليته.
بنك المغرب يعزز دعمه للاقتصاد ويخفض سعر الفائدة للمرة الثالثة خلال أقل من عام
♦ تأثير خفض الفائدة
أبرز رشيد ساري، الخبير والمحلل الاقتصادي، ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن قرار تخفيض سعر الفائدة جاء في توقيت مناسب، خاصة مع حاجة المغرب إلى تسريع إنجاز مجموعة من المشاريع الكبرى المقررة في أفق 2025-2030.
وذكر ساري في تصريح لجريدة “شفاف”، أن هذا القرار سيكون له تأثير إيجابي مباشر على المقاولات، خصوصًا فيما يتعلق بتوفير التمويلات وتعزيز السيولة المالية، مما يساهم في دعم استمراريتها وقدرتها على الاستثمار في مشاريع جديدة.
وأشار ساري إلى أن خفض سعر الفائدة سيؤدي إلى تقليل تكلفة الاقتراض، وهو ما يشكل فرصة هامة للمقاولات، لا سيما الصغيرة والصغيرة جدًا، التي تعاني من صعوبة في الحصول على التمويلات اللازمة.
وأوضح رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن برنامج دعم المقاولات الصغرى والصغيرة جداً سيتيح لهذه الفئة الحصول على قروض بفوائد أقل؛ بمقدار يصل إلى 0.25% مقارنة بالفترة السابقة، مما يعزز قدرتها على التوسع والتطوير.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن هذه الخطوة ستساهم في رفع القيمة المضافة للاقتصاد، عبر زيادة نسبة التشغيل، حيث يشكل نقص التمويل أحد العوائق الرئيسية التي تعيق نمو المقاولات الصغيرة.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن تشجيع هذه الفئة من المقاولات من خلال القروض الميسرة من شأنه أن يفتح المجال أمام خلق فرص عمل جديدة، مما سينعكس في الأخير إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
♦ القدرة الشرائية والاستثمار
حول تأثير هذا القرار على القدرة الشرائية للمواطنين، أوضح رشيد ساري أنه لن يكون له تأثير مباشر وكبير على جميع الأفراد، بل سينعكس بشكل غير مباشر من خلال زيادة فرص العمل الناتجة عن دعم المقاولات.
وأكد أن تحسن التشغيل سيساهم تدريجيًا في رفع القدرة الشرائية، لكنه شدد على أن هذا القرار بالأساس هو قرار اقتصادي ومالي موجه لدعم المقاولات والاستثمارات أكثر من كونه موجهًا للمستهلكين بشكل مباشر.
التضخم ينهك القدرة الشرائية للمغاربة.. هل تنجح التدابير الحكومية في إنعاش السوق والتشغيل؟
وعن مدى تأثير خفض سعر الفائدة على جذب الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية، أبرز الخبير والمحلل الاقتصادي أن القرار يشكل عاملاً مشجعاً للاستثمار، خصوصًا في ظل المشاريع الكبرى التي يطلقها المغرب.
وأردف أن توفير بيئة تمويلية مناسبة للمستثمرين، من خلال تخفيض تكلفة الاقتراض، يعزز جاذبية السوق المغربية، خاصة في القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة والرقمنة، التي يمكن أن توفر قيمة مضافة عالية وفرص تشغيل جديدة.
وشدد رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، على أن هذا القرار يعكس وعيًا بالمتغيرات الاقتصادية الراهنة، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، ويأتي كخطوة لتعزيز دينامية الاقتصاد الوطني.
الحكومة تخطط لزيادة معدل النمو إلى 4.6 % في 2025.. فهل يجد هذا الرقم صدا له على أرض الواقع؟
واستطرد أن تزامنه مع مستجدات اقتصادية مثل تحسن التساقطات المطرية وإلغاء بعض الإجراءات التنظيمية في قطاعات معينة، قد يسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي بشكل عام، مما يجعل هذا القرار جزءًا من استراتيجية متكاملة لدعم النمو والتنمية.ش