من المرتقب أن يتم إحداث خط بحري جديد يربط ميناء أكادير بنظيره في العاصمة السنغالية داكار، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب ودول غرب إفريقيا، حيث يهدف هذا المشروع إلى توفير وسائل نقل أكثر أمانا وكفاءة للربط بين الوجهتين مقارنة بالنقل البري، الذي كان يعتمد على المرور عبر موريتانيا، التي رفعت خلال المرحلة الماضية من الرسوم الجبائية لهذه العملية، وهو ما سيساهم في تخفيض التكاليف وتحسين ظروف نقل الركاب والبضائع بين الرباط وعدد من البلدان الأخرى بالقارة مثل السنغال ومالي وموريتانيا وكوت ديفوار.
وأعلنت شركة “أطلس مارين” البريطانية بداية هذا الشهر عن إبرام اتفاقية شراكة مع الحكومة المغربية، من أجل تقديم خدمات النقل البحري لشاحنات البضائع من ميناء أكادير إلى العاصمة السنغالية داكار، حيث يستهدف هذا المشروع نقل المنتجات الطازجة مثل الفواكه والخضروات إلى دول جنوب الصحراء الكبرى، وتأتي هذه المبادرات في سياق الجهود المبذولة لتعزيز الربط بين المملكة ودول القارة السمراء، في أفق تحقيق التكامل الاقتصادي في القارة.
???? ???????????????????????????? ???????????????????????????????? ???????????????????????????????? ???????????????????? ???????? ???????????????????? ???????? ???????? ????????́????????́???????????? !
Atlas Marine annonce un partenariat avec le marocain et le lancement d’une liaison maritime directe entre Agadir et Dakar.???? Départ prévu : fin décembre 2024.
????… pic.twitter.com/tstTACkQrq
— Vie-Publique.sn (@ViePubliqueSN) December 10, 2024
♦ الأهمية والمكاسب
يرى محمد الشيكر، الخبير والمحلل الاقتصادي، أن مشروع إطلاق الخط البحري الجديد الذي سيربط بين مينائي أكادير وداكار في السنغال يشكل خطوة إيجابية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين المغرب ودول غرب إفريقيا.
وشدد الشيكر في تصريح لجريدة “شفاف”، على ضرورة التفكير خلال المرحلة المقبلة في استراتيجيات أوسع لاستغلال الإمكانات البحرية الهائلة التي يمتلكها المغرب، والمقدرة بأكثر من 3000 كيلومتر من السواحل.
وأشار الخبير والمحلل الاقتصادي، إلى أن الرباط تأخرت في استغلال مواردها البحرية كثيرا، موضحا أن التجارب الدولية أثبتت أن الدول الصغيرة مثل بلجيكا وهولندا، حققت تقدمًا اقتصاديًا كبيرًا بفضل اعتمادها على النقل البحري.
وأضاف أن هذا المشروع سيساهم في تخفيف العبء عن النقل البري، الذي يعاني من تحديات مرتبطة بالسلامة وتكاليف الطاقة، ويساعد في تقليل الحوادث على الطرق وتحقيق اقتصاد في استهلاك الطاقة، ما سيعود على المهنيين والاقتصاد المغربي بمنافع عديدة.
وأردف أنه يجب في نفس الإطار العمل على إقامة خط بحري بين الناظور والداخلة لاستفادة المصدرين وكذا المهنيين العاملين في مجال المنتجات الفلاحية وغيرها، سواء أولئك الذين تكون وجهة سلعهم الأقاليم الجنوبية للمملكة أو التي ستمر عبر موريتانيا برا لباقي بلدان غرب إفريقيا.
♦ الدور الموريتاني
يشير محمد الشيكر إلى أن الخط البحري الجديد هو رابط يوازي المسار المعتمد اليوم من طرف المصدرين المغاربة وليس بديلا عن الطريق البري المار عبر موريتانيا، مبرزا أن التركيز الأساسي يجب أن يكون على الربط بين المغرب ودول غرب إفريقيا، والذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العبور عبر هذا البلد الجارة سواءً برا؛ أو بحرا عن طريق توقف السفن قبل وصولها لداكار في مينائي نواكشوط ونواذيبو.
وتابع أن موريتانيا تلعب دورًا أساسيًا في هذا الربط البحري، مشددا على أنه يجب أن يكون هناك خط نقل بري موازٍ يمر عبر نواكشوط، مؤكدا على أنه لا يمكن تجاهل أهمية هذا المسار الاستراتيجي بالنسبة للمغرب.
وأبرز أن المشاريع التنموية والاقتصادية التي أطلقتها المملكة كالمبادرة الأطلسية، تفرض ضرورة التعاون بين المغرب وموريتانيا لتحقيق أهدافها، ومواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، بما في ذلك الدور الجزائري الرامي لعرقلة هذه الجهود، مشددا على أن ذلك يستدعي العمل المشترك.
المبادرة الأطلسية.. ما هي الأهداف والمكاسب وما سر غياب موريتانيا والسنغال عن اجتماع مراكش؟
ولفت إلى أن موريتانيا تجد نفسها تسعى لتحقيق توازن في علاقاتها بسبب ضعف إمكانياتها الاقتصادية أمام الجزائر، التي حاولت في وقت سابق السيطرة الكاملة على نواكشوط، موضحا أنه ومع ذلك يبقى مستقبل المغرب في إفريقيا معتمدًا بشكل كبير على التعاون مع نواكشوط للوصول إلى إفريقيا الغربية بأكملها.
♦ الاستدامة والكفاءة
يبرز محمد الشيكر أن استدامة ونجاح هذا الخط البحري مرتبط بمدى تكامله مع استراتيجية المغرب لتعزيز الربط البحري مع دول إفريقيا الأخرى، مشيرًا إلى إمكانية فتح أسواق جديدة في دول غير ساحلية مثل مالي وتشاد.
وأضاف الباحث والمحلل الاقتصادي، أن تطوير صناعة النقل البحري بالمغرب سيؤدي إلى إحياء قطاعات حيوية مثل صناعة السفن وصيانة البواخر، مما سيساهم في خلق ديناميكية اقتصادية جديدة داخل البلاد.
وأشار إلى أن المغرب كان في وقت سابق رائدًا في صناعة السفن، مشددًا على ضرورة العمل على استعادة هذا الدور، مبرزا أن المغرب فيما مضى كان يملك شركة قوية في مجال النقل البحري؛ ألا وهي الشركة المغربية للملاحة البحرية، المعروفة اختصارا بـ”كوماناف”.
وفيما يتعلق بالشراكة مع شركة “أطلس مارين” البريطانية التي ستتولى إدارة هذا الخط البحري، أوضح الشيكر أن الاعتماد على الشركاء الأجانب أمر لا مفر منه في البداية لنقل المعرفة والخبرة، مشددا على ضرورة ضمان حصة مغربية في هذا المشروع بنسبة لا تقل عن 60% لضمان الاستفادة الوطنية القصوى.
الاقتصاد المينائي .. كيف عزز المغرب ريادته العالمية في الشحن البحري؟
وأردف أنه إذا استحوذ الأجانب على الحصة الكبرى من المشروع، فإن الاستفادة الاقتصادية للمغرب ستكون محدودة للغاية، مشددا على أن المملكة مطالبة خلال المرحلة القادمة على تعزيز صناعتها البحرية، وبناء اقتصاد أزرق مغربي قوي؛ تتحكم من خلاله في الحركة التجارية المرتبطة بهذا المجال بشكل تام.
وذكر أن مستقبل المغرب في إفريقيا يمر عبر تحسين علاقاته الاقتصادية مع موريتانيا، داعيًا إلى التفكير بشكل استراتيجي لضمان استدامة الخطوط البحرية وربطها بتطوير الصناعات المرتبطة مثل صناعة وصيانة السفن.
واستطرد الباحث والمحلل الاقتصادي، أن الاستثمار في القطاع البحري لا يحقق فقط فوائد اقتصادية مباشرة، بل يخلق قطاعات جديدة وحيوية شبيهة بتجربة صناعة السيارات التي تفوق فيها المغرب بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين.