اعتبر محمد الغلوسي، المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “مجلس المنافسة يظل ضعيفا ورهينة بيد لوبي المحروقات الذي يجني أرباحا طائلة”، مشيرا إلى أن ذلك هو “السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار العديد من المواد الاستهلاكية”.
وقال الغلوسي في منشور له على حسابه في “فيسبوك”، إن إصدار مجلس المنافسة لبلاغ مطولا حول مهمة التحقيق التي باشرها بخصوص وجود ممارسات محتملة منافية لقواعد المنافسة في سوق المحروقات، يوحي لأول وهلة أن المجلس حريص على إعلام الجمهور بتفاصيل هذه القضية التي أثارت نقاشا مجتمعيا كبيرا.
وتابع حديثه، “لكن وعلى خلاف هذا الانطباع الأولي، فإن المجلس ومن خلال بلاغه أضفى غموضا على مهمة التحقيق التي باشرها بخصوص سوق المحروقات، وهكذا فإنه ورغم حديثه عن ممارسات منافية للمنافسة فإنه لم يكشف عن طبيعة وحجم هذه الممارسات، كما أنه لم يخبر الرأي العام عن المدة التي استغرقتها هذه الممارسات، وكيف سعت هذه الشركات الى هذه الممارسات رغم وجود نصوص قانونية تجرمها؟”.
وأردف أن “إقرار المجلس بارتكاب هذه الشركات لممارسات مخلة بالتنافس، يفيد حتما أن تلك الممارسات مكنتها من جني أرباح كبيرة، لكن المجلس تحاشى ذكر ذلك ولا حتى الإشارة الى حجم هذه الأرباح غير المشروعة، وتحديد حجم هذه الأرباح غير المشروعة يقتضي تحديد المدة الزمنية التي لجأت فيها هذه الشركات إلى التدليس وتقويض قواعد المنافسة، مع العلم أن لجنة برلمانية سبق لها خلال سنة 2018 أن حددت حجم هذه الأرباح في 17 مليار درهم”.
وتابع أنه “ورد في ذات البلاغ الصادر عن المجلس يوم 23 نونبر 2023، أن هذه الشركات ملزمة باحترام قاعدة التناسب بين الأسعار الدولية والأسعار المحلية عند البيع وهو ما يكذبه الواقع؛ إذ أنه ورغم انخفاض سعر النفط على المستوى الدولي، فإن لوبي المحروقات لا يتوانى عن رفع الأسعار ضدا على كل التعهدات والاتفاقات الواردة في بلاغ مجلس المنافسة”.
ويرى الغلوسي “أن غول المحروقات ببلادنا يتمتع بنفوذ كبير، فإنه حرص المجلس في البلاغ ذاته أن يهدم ” قاعدة التناسب ” أعلاه وحشر في فقرة موالية والتي تحدثت عن ((التناسب)) أو ما سماه البلاغ ((الترابط)) بين الأسعار الدولية في سوق النفط والأسعار المحلية: ((كما تتعهد الشركات المعنية، علاوة على ما سبق، بتغيير أسعارها، كلما اقتضت الحاجة ذلك، وفقا لتطور العرض والطلب في السوق، وحسب دورة التموين وإكراهات التخزين والسياسة التجارية الخاصة بكل شركة))”.
ولفت إلى أنه “هكذا يتمكن لوبي المحروقات وفي انتصار واضح لسياسة ((تحرير السوق)) أن يربط تغيير الأسعار بالعرض والطلب، وحسب السياسة التجارية للشركات المهيمنة على السوق، تغيير ربطه البلاغ أيضا بـ ((كلما اقتضت الحاجة ذلك))، أي أن تغيير الأسعار رهين بإرادة تلك الشركات المتوغلة والتي امتصت دماء المغاربة دون ان تجد من يردعها”.
واستطرد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام قائلا إنه “في سعي مجلس المنافسة إلى إظهار الردع، فإنه أخبرنا بأن تلك الشركات ستؤدي مجتمعة ما يفوق مليار درهم دون أن يبين بشكل واضح كيف تأتى له تحديد هذا المبلغ؟”.
وأشار إلى أنه “يتضح من بلاغ مجلس المنافسة أن هذا الأخير حاول أن يقدم نفسه كمؤسسة قوية للحكامة بعد تغيير إطاره القانوني، لكن الصيغة التي صيغ بها البلاغ والحشو الزائد الذي تضمنه، وعدم رضوخ شركات المحروقات لقاعدة الترابط، بخصوص تحديد أسعار بيع المحروقات، وترك ذلك لمنطق العرض والطلب ومنطق ((كلما اقتضت الحاجة ذلك))، فضلا عن سكوت المجلس عن حجم الأرباح غير المشروعة التي جنتها هذه الشركات بسبب لجوئها إلى ممارسات منافية لقواعد المنافسة”.
وعبر الغلوسي عن تعجبه من خطوة هذه الهيئة الضبطية، قائلا: “تبشير مجلس المنافسة للمواطنين بخبر سعيد، مفاده استعداد هذا اللوبي لاحترام التعهدات والالتزامات والخضوع للقانون، كأن احترام القانون يحتاج إلى إشهاد رسمي بذلك وتوقيع من طرف تلك الشركات المتوغلة”.
جدير بالذكر أن مجلس المنافسة قرر في وقت سابق الموافقة على محاضر صلح مبرمة مع تسع شركات للمحروقات ومنظمتها المهنية، والتي نصت على دفع تسوية تصالحية بقيمة مليار و840 مليون و410 آلاف و426 درهم، وذلك كتسوية لقضايا نزاع بشأن ممارسات منافية لقواعد المنافسة في الأسواق.