نظم حزب “جبهة القوى الديمقراطية”، الأحد، بالرباط، مائدة مستديرة حول مشروع قانون المالية لعام 2025، حيث استعرض الأخير رؤيته حول تأثيرات هذه السياسة المالية على الجانب الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
♦قانون المالية مسؤولية الجميع
أوضح المصطفى بنعلي، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، أن دراسة ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 ليست مسألة نخبوية بل يتجاوزه إلى المواطن، وذلك لكون تأثيرات القانون السالف الذكر لا تقتصر على الجوانب التقنية أو الاقتصادية وحدها، بل تمتد إلى تفاصيل الحياة اليومية للمغاربة.
وأكد بنعلي أن أي تعديل ضريبي تضمنه مشروع قانون المالية 2025، سينعكس بشكل مباشر على مستوى معيشة المواطنين اعتباراً من مطلع العام المقبل.
وعن تداعيات قانون المالية على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، قال بنعلي إن السياسة المالية للحكومة تؤثر بشكل مباشر على المواطن من خلال تأثيراتها على الضرائب، والدعم الحكومي للقطاعات الحيوية، ومستوى الخدمات العامة المقدمة.
وشدد الأمين العام للحزب، على أن أي تغير يحدث في هذه المجالات يجب أن يأخذ بعين الاعتبار قدرات المواطن المادية، لضمان عدم تفاقم الأعباء الاقتصادية على الفئات الضعيفة والمتوسطة.
ودعا بنعلي جميع المغاربة إلى الانخراط في هذا النقاش الوطني حول قانون المالية 2025، مشدداً على أن بلوغ التنمية المستدامة يتطلب قرارات سياسية واقتصادية مدروسة تتماشى مع طموحات المغاربة في تحقيق عدالة اجتماعية ورفاه اقتصادي.
♦غياب العدالة الضريبية
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي محمد الرهج، على أن قانون المالية لسنة 2025 لم يحقق بعد الإصلاح الضريبي المرجو، ولم يرسخ العدالة الضريبية بالشكل الذي يتطلبه الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي.
وأشار الرهج إلى أن النظام الضريبي في المغرب لا يزال يعتمد على ترقيعات مؤقتة عوض إصلاحات هيكلية، مما يساهم في تكريس فجوة في العدالة الضريبية ويزيد من الفوارق بين الفئات الاجتماعية المختلفة.
وأوضح الرهج أن قانون المالية الحالي يفتقر إلى التوازن المطلوب في فرض الضرائب، حيث يُعفى عدد من القطاعات ذات الدخل المرتفع، مثل الدخولات الفلاحية وأرباح الأسهم، من الضرائب، معتبرا أن هذا الأمر يتناقض مع مفهوم العدالة الجبائية، التي تتطلب توزيعاً عادلاً للأعباء الضريبية بما يتناسب مع الدخل، ما يجعل النظام الجبائي في حاجة ماسة إلى تحديث حقيقي يعالج هذا التفاوت.

وتساءل الرهج عن أسباب تراجع الإصلاحات الضريبية، مشيراً إلى أن العديد من القوانين المالية التي توالت على مدار السنوات لم تتبنى تحديثاً شاملاً للنظام الضريبي، لافتا إلى أن توصيات الإصلاح الضريبي السابقة، والتي تم اقتراحها في مناسبات عدة مثل مؤتمرات الصخيرات، لم تجد طريقها إلى التطبيق الكامل في القوانين المالية، مما يعكس ضعف التفاعل مع الإصلاحات المقترحة.
ودعا الرهج إلى ضرورة أن يكون قانون المالية انعكاساً حقيقياً للعدالة الاجتماعية، مطالباً بتبني إصلاحات ضريبية جذرية تشمل كل القطاعات، بما يساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وتقليص الفوارق الاجتماعية بين المواطنين.
♦غياب رؤية استراتيجية طويلة الأمد
بدوره، أكد الطاهر الشاكر، عضو المكتب السياسي لحزب جبهة القوى الديمقراطية، أن مشروع قانون المالية لعام 2025 يفتقر إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد، مشيراً إلى أن إعداد الأرقام السنوية وعرضها دون سياق شامل لا يخدم تعزيز العدالة الجبائية ولا يضمن توزيعًا عادلاً للأعباء الضريبية بين مختلف الفئات الاجتماعية.
وأوضح الشاكر أن غياب التخطيط المالي الاستراتيجي يجعل النظام الضريبي يعتمد أكثر على الضرائب غير المباشرة، وهي سياسة تمثل عبئًا أكبر على الفئات ذات الدخل المحدود، بينما يستفيد منها أصحاب الدخل المرتفع.
كما انتقد الشاكر غياب سياسات لامركزية فعالة تعزز التنمية الجهوية، حيث يرى أن الخيارات الاقتصادية الحالية تعزز المركزية في العاصمة الرباط، مما يقلل من فرص التنمية الاقتصادية في الجهات الأخرى. مشيرا إلى أن هذا التمركز لا يخدم مبدأ العدالة المجالية ويزيد من الفوارق التنموية بين المناطق، مما ينعكس سلباً على توازن التنمية الشاملة في البلاد.
وتطرق الشاكر إلى مصير بعض المشاريع الوطنية الهامة التي تواجه تحديات كبرى، مثل توقف مصفاة “لا سامير” ، معبرا عن أسفه لما اعتبره إهدارًا لفرصة حيوية لدعم الاقتصاد الوطني عبر تكرير النفط محليًا وتوفير منتجات الطاقة للمستهلكين بأسعار مستقرة، مستفسرًا عن جدوى هذه القرارات وتأثيرها على السيادة الاقتصادية للبلاد.
وفي الأخير، دعا الشاكر إلى إعادة النظر في سياسات قانون المالية، مقترحاً ضرورة تبني استراتيجيات لامركزية تدعم التنمية الجهوية وتوزيع الموارد بطريقة عادلة، مطالبا بإصلاح شامل للنظام الضريبي يُعزز العدالة الجبائية ويقلل من الفوارق الاجتماعية بين الفئات المختلفة.

