صعّدت جبهة “البوليساريو” من لهجتها تجاه موريتانيا، ملوحة باندلاع مواجهة محتملة في حال المضي قدمًا في مشروع معبر تجاري جديد يربط المملكة المغربية بالجمهورية الموريتانية.
ووردت التحذيرات على لسان البشير مصطفى السيد، الرجل الثاني في الجبهة، الذي دعا، من خلال بيان تداولته منصات إعلامية مقربة من “البوليساريو”، السلطات الموريتانية إلى اتخاذ موقف صارم ضد المشروع.
وحذر من أن عدم معارضة موريتانيا للخطة سيؤدي، حسب تعبيره، إلى “تورطها في حرب بين الأشقاء”، معتبراً أن رفض هذا المشروع يمثل الوسيلة الوحيدة لتفادي التوترات الإقليمية.
وفي ذات السياق، اعتبر مصطفى السيد أن المشروع المزمع تنفيذه سيؤدي إلى “تحويل حدود الشعب الصحراوي إلى حدود مغربية”، الأمر الذي قد يضع موريتانيا أمام احتمال النزاع المسلح مع المملكة المغربية. مضيفا، أن لدى موريتانيا الوسائل الكفيلة بإيقاف هذه الخطوة إذا ما أبدت موقفًا حازمًا وواضحًا.
♦تهديد هدفه ثني موريتانيا من الانخراط في المبادرات الكبرى
أكد محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، على أن السياسات العدائية التي ينتهجها خصوم المغرب ضد الموقف الموريتاني، والتي تتجلى في محاولات الابتزاز المالي وتوظيف الملفات الأمنية لزعزعة استقرار البلاد، هدفه ثنيها على الانخراط في المبادرات التنموية الكبرى التي تقودها المملكة في المنطقة.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، أوضح عبد الفتاح أن هذه السياسات تهدف إلى عزل موريتانيا عن محيطها الإقليمي. مؤكدا أن فشل هذه المحاولات يعكس قوة العلاقات المغربية-الموريتانية، وقدرتها على مواجهة التحديات المشتركة.
وأظهر المتحدث، أن افتتاح المعبر الحدودي المزمع إنشاؤه بين المغرب وموريتانيا يحمل دلالات استراتيجية هامة من شأنها أن تقوض أي إمكانية لاستغلال الأراضي الموريتانية من طرف الجبهة الانفصالية أو شنها لأي أعمال عدائية ضد البلدين.
وأبان عبد الفتاح أن هذا المعبر، الذي يهدف إلى تعزيز الربط بين المناطق الجنوبية للمغرب وشمال موريتانيا، يمثل أهمية استراتيجية كبرى، كونه يتيح ربطًا مباشرًا بين شمال موريتانيا والمناطق الجنوبية للمغرب.
البوليساريو تعزل سكان مخيمات تندوف عن عائلاتهم بالمغرب.. هل تتخوف الجبهة من هروب جماعي للمحتجزين؟
♦موريتانيا قريبة من الاعتراف بمغربية الصحراء
أضاف عبد الفتاح، أن هذا المشروع يعكس تطورًا إيجابيًا في الموقف الموريتاني إزاء قضية الصحراء المغربية، حيث يشير انخراط موريتانيا في هذه المبادرة إلى تحول عملي يدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وأبان أن موقف موريتانيا، الذي يتبنى رسميًا الحياد الإيجابي، أصبح في الواقع أقرب إلى دعم المملكة المغربية، مشيرًا إلى الدور الذي لعبته موريتانيا في تنسيق تشغيل معبر الكركرات بعد تأمينه من طرف القوات المسلحة الملكية المغربية في نوفمبر 2020.
كما أكد عبد الفتاح، أن موريتانيا رفضت الاعتراف بأي تواجد للجبهة الانفصالية في المناطق العازلة، وسارعت إلى تعزيز قدراتها العسكرية ونصب أنظمة الرصد في شمال البلاد لمواجهة أي تهديدات محتملة، وهو ما يعكس رغبتها في حماية استقرارها الإقليمي وتجنب استغلال أراضيها من قبل الجبهة الانفصالية.
وفي سياق متصل، اعتبر عبد الفتاح أن انخراط موريتانيا في مشاريع استراتيجية بقيادة المغرب، مثل مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، يعزز من التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة.
وشدد المتحدث أن توقيع موريتانيا على اتفاقيات تتعلق بهذه المشاريع، التي تشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة، يمثل اعترافًا ضمنيًا بمغربية الصحراء، ويعكس التقدم الكبير الذي تشهده العلاقات بين البلدين.
وأورد أن التطورات التي شهدها ملف الصحراء المغربية، خاصة منذ تأمين معبر الكركرات، كرست حالة من الحسم الميداني والسياسي لصالح المغرب.
♦تراجع للدعاية الانفصالية
أشار عبد الفتاح إلى التراجع الكبير للدعاية الانفصالية والفشل الذريع لمشروع الانفصال، خاصة في ظل المواقف الدولية الداعمة للمملكة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا، إلى جانب الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء من قبل العديد من الدول الإفريقية والافتتاح المتزايد للبعثات الدبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة.
كما تطرق عبد الفتاح إلى تطور المقاربة الأممية التي باتت تتبنى المزيد من الواقعية من خلال دعم مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، مشيرًا إلى أن هذه التحولات تعزز من فرص الحل السياسي للنزاع بما يكرس السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.
وأكد أن هذه التطورات تفرض على موريتانيا مواكبة الدينامية الإيجابية التي يشهدها الملف من خلال مقاربة تدعم الاستقرار الإقليمي وتعزز التعاون الثنائي مع المغرب.
في حوار مع “شفاف”.. محمد سالم عبد الفتاح يكشف سياقات حالة التمرد والانقسام داخل مخيمات تندوف
ولفت عبد الفتاح إلى أن مشروع الربط القاري بين المغرب وموريتانيا يعزز من موقع البلدين كبوابات استراتيجية للتجارة الإقليمية والدولية.
وختم عبد الفتاح تصريحه، بأن هذا المشروع من شأنه أن يسهم في فك العزلة عن المناطق الشمالية لموريتانيا ومعالجة التحديات الأمنية من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية ومكافحة الهشاشة الاجتماعية، مما يرسخ الاستقرار الإقليمي ويدعم الحلول المستدامة للنزاع في الصحراء المغربية.
البوليساريو تقاتل في حلب إلى جانب نظام بشار الأسد.. هل آن الأوان لتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية؟