أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الجمعة الماضية، بالرباط، أن المغرب هو البلد الأكثر تأهيلاً والأجدر بتمثيل القارة الإفريقية كعضو دائم في مجلس الأمن.
وأوضح هلال، خلال مشاركته في الدورة الـ13 للمؤتمر الدولي السنوي “الحوارات الأطلسية”، أن المملكة، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، تملك القدرة على الدفاع عن مصالح إفريقيا وقضاياها الحيوية.
وأشار السفير إلى أن تأهل المغرب ينبع من دوره المحوري في دعم السلم والأمن الدوليين، خاصة من خلال مساهماته الفعالة في عمليات حفظ السلام. مشددا على أن معيار العضوية الدائمة يرتبط بالقدرة على الإسهام في استقرار العالم، وهو ما أثبته المغرب عبر أدواره الإقليمية والدولية.
كما تتزامن تصريحات هلال مع تزايد الدعوات لإصلاح مجلس الأمن، الذي يضم حالياً 15 عضواً، منهم 5 دائمون يتمتعون بحق النقض (الفيتو). خصوصا بعد إعلان الولايات المتحدة مؤخراً دعمها لإضافة مقعدين دائمين لإفريقيا، ما يعزز الجهود نحو تمثيل القارة بشكل عادل ضمن هيئات اتخاذ القرار الدولي.
♦تغيرات جيواستراتيجية
أكد الحسين كنون، المحلل السياسي ورئيس المرصد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن الحديث عن ترشح المغرب للحصول على العضوية الدائمة في مجلس الأمن يندرج في إطار التحولات التي يشهدها النظام الدولي، ولا سيما إعادة هيكلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأوضح أن هذه الهيكلة تأتي استجابة للمتغيرات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، حين أُنشئ المجلس ليضم خمسة أعضاء دائمين يتمتعون بحق النقض (الفيتو)، لكن مع مرور الزمن، أصبحت الحاجة ماسة إلى تعديل هذه التركيبة لضمان تمثيل أكثر عدالة للدول، خصوصاً قارة إفريقيا التي ظلت غير ممثلة في هذه العضوية رغم أهميتها الجيوسياسية.
وأضاف كنون أن هناك إجماعاً دولياً على ضرورة إضافة عضوين دائمين جديدين إلى مجلس الأمن ليصبح المجموع سبعة، على أن يكون أحدهما ممثلاً للقارة الإفريقية بالشكل الذي يليق بمكانتها وحجم تحدياتها.
♦المغرب أفضل ممثل لإفريقيا
وفي هذا السياق، يعتبر المحلل السياسي المغرب مرشحاً قوياً لهذه العضوية، نظراً لعدة اعتبارات تتعلق بموقعه الجيوسياسي، ودوره الرائد داخل القارة، وقدرته على المساهمة الفعالة في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
وأشار كنون إلى أن المغرب يتميز بمقومات استثنائية تجعل منه مؤهلاً لتمثيل القارة الإفريقية والدفاع عن قضاياها، حيث يعتبر وفق المتحدث، المستثمر الأول في غرب إفريقيا والثاني على مستوى القارة، وهو ما يعكس التزامه بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا.
إلى جانب ذلك، يضيف المحلل السياسي، إلى أن المغرب يتمتع بنعمة الأمن والاستقرار، ولديه مؤسسات دستورية حديثة تضمن الفصل بين السلطات واحترام حقوق الإنسان. مردفا على أن المملكة تعتبر رائده في مكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود، وهو ما يجعلها شريكاً موثوقاً على الصعيد الدولي.
وفيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، شدد كنون على أن المغرب تمكن من تحقيق مكاسب دبلوماسية كبرى بفضل رؤية جلالة الملك محمد السادس، مضيفا أن هذه الديبلوماسية مكنت المملكة من اعترافات متتالية على صحرائها، حيث بدأ الأمر باعتراف من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن بلغت اليوم فرنسا، ويرتقب وفق المتحدث، أن تتزايد تلك الاعترافات مستقبلا.
وأكد أن قضية الصحراء المغربية باتت تحظى بإجماع دولي واسع، وهو ما يعزز مصداقية المغرب كمدافع عن القضايا العادلة في القارة الإفريقية وخارجها. مضيفا إلى أن المغرب نجح في ترجمة هذا الدعم إلى شراكات استراتيجية مع القوى الكبرى، مما يجعله في موقع متميز للحصول على العضوية الدائمة.
♦نموذج رائد
من جهة أخرى، أشار كنون إلى أن المغرب يقدم نموذجاً رائداً في البنية التحتية على مستوى القارة الإفريقية، من خلال مشروعات كبرى مثل ميناء طنجة المتوسط، الذي يعد من بين الأضخم في العالم، وميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُنتظر أن يلعب دوراً استراتيجياً في تعزيز الربط التجاري بين إفريقيا وأوروبا. مضيفا إلى أن خط أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا وأوروبا عبر المغرب يجسد رؤية المملكة لتحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز الأمن الطاقي في القارة.
وعلى الصعيد الدولي، شدد كنون على أهمية العلاقات الاستراتيجية التي تربط المغرب بدول كبرى مثل فرنسا، الصين، وروسيا. موضحا على أن هذه الدول لم تعترض يوماً على المصالح المغربية، بل دعمتها بشكل غير مباشر، من خلال مواقف إيجابية في مجلس الأمن.
كما أن المغرب، وفق المتحدث، يتمتع بعلاقات متينة مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وهو ما يُترجم إلى دعم ملموس في الملفات الكبرى، بما في ذلك ترشحه لمجلس الأمن.
وأكد كنون أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017 كانت خطوة محورية عززت مكانة المملكة كفاعل رئيسي داخل القارة. إذ منذ عودته، قدم المغرب رؤية متقدمة لتعزيز التعاون الإقليمي والتنمية الاقتصادية، من خلال مبادرات تتعلق بالأمن الغذائي، مكافحة التغير المناخي، والتعاون في مجال الصحة. مشيرا إلى أن المملكة تُعد من بين الدول القليلة التي تجمع بين مكونات ثقافية ودينية متعددة، تشمل العربية، الأمازيغية، الحسانية، والرافد العبري، ما يجعلها نموذجاً فريداً في التعايش والانفتاح.
♦وسيط موثوق
وفي حديثه عن دور المغرب في تعزيز السلم والأمن الإقليميين، أشار كنون إلى أن المملكة لطالما كانت وسيطاً موثوقاً في حل النزاعات، كما هو الحال في الملف الليبي، حيث استضافت جولات حوار مهمة بين الأطراف الليبية. إضافة إلى ذلك لعبت دوراً بارزاً في دعم القضية الفلسطينية، من خلال ترؤس جلالة الملك محمد السادس لجنة القدس، وتقديم الدعم الإنساني والسياسي للشعب الفلسطيني.
ولفت كنون إلى أن المغرب بفضل سياسته الحكيمة تحت قيادة جلالة الملك، قادر على تمثيل إفريقيا بشكل فاعل داخل مجلس الأمن. مشيرا إلى أن المملكة لا تمثل فقط نموذجاً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضاً في الدفاع عن القيم الإنسانية والعدالة الدولية.
وأكد في الأخير على أن العضوية الدائمة للمغرب ستعزز من قدرته على الدفاع عن قضايا القارة الإفريقية، بما في ذلك مكافحة الفقر، تعزيز الأمن الغذائي، والتصدي للتحديات المناخية. مضيفا على أن الأخير سيظل رائداً في تقديم الحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة والأمن والسلم في العالم.