سلط تقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الضوء على حصيلة مشروع “المدارس الرائدة”، الذي يطمح إلى إحداث تحول في جودة التعليم المغربي عبر استراتيجيات تعليمية حديثة.
ويهدف المشروع، وفق التقرير، إلى تمكين التلاميذ من إتقان الكفايات الأساسية من خلال بيئة تربوية محفزة تعتمد على أساليب بيداغوجية متجددة.
وكشف التقرير أن نسبة التطابق مع الأهداف المسطرة بلغت 79%، مما يشير إلى تحسن ملحوظ في بعض الجوانب، لا سيما على مستوى تفعيل الممارسات التربوية الحديثة.
وأظهر التقرير أيضًا تفاوتًا بين المؤسسات، حيث لا تزال بعض المدارس تواجه صعوبات ترتبط بالبنية التحتية، والموارد البشرية، ومدى جاهزية الأطر التربوية لتطبيق هذه المقاربات الجديدة.
وأشار التقرير إلى أن التأطير البيداغوجي يشكل تحديًا جوهريًا، إذ أن قلة عدد المفتشين تجعل عملية المتابعة غير كافية، خاصة في المناطق القروية التي تحتاج إلى دعم أكبر.
كما لفت التقرير إلى أن الموارد المادية المحدودة تعيق توفير بيئة تعليمية حديثة، خصوصًا في المؤسسات التي تفتقر إلى التجهيزات التكنولوجية الضرورية لضمان تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ.
ومن بين الملاحظات الرئيسية التي سجلها التقييم، وفق التقرير، تباين مستويات التحصيل بين التلاميذ، حيث استفاد البعض بشكل واضح من تقنيات التعلم المبني على المستوى (TaRL) والتعليم الصريح، بينما لم يتمكن آخرون من الاستفادة منها بنفس الدرجة، ما يستدعي إعادة النظر في طرق تنزيل المشروع لضمان أثر أكثر شمولية.
على مستوى النموذج التربوي، انتقد التقرير محدودية الإصلاح، إذ ركز المشروع بشكل أساسي على تحسين التحكم في المعارف التقليدية دون تعزيز مهارات الابتكار والتفكير النقدي، وهو ما يتناقض مع توجهات الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي تؤكد على ضرورة إرساء تعليم شامل ومتنوع يستجيب لمتطلبات المستقبل.
وفيما يخص الحكامة، أكد التقرير أن المشروع لا يزال يخضع لتدبير مركزي، ما يحد من قدرة المؤسسات على تكييف خططها التربوية وفق خصوصيات بيئتها المحلية.
وأوصى بضرورة منح استقلالية أوسع للمؤسسات التعليمية، بما يسمح لها باعتماد نماذج تدبيرية أكثر مرونة واستجابة للحاجيات الفعلية لكل جهة.
ورغم الإيجابيات التي أفرزها المشروع، شدد التقرير على ضرورة تجاوز العقبات المطروحة لضمان نجاحه على نطاق أوسع. داعيا إلى تعزيز آليات التقييم، وتوسيع نطاق الإصلاح ليشمل مختلف جوانب العملية التعليمية، مع توفير الموارد اللازمة لتحقيق تحول حقيقي ومستدام في المدرسة المغربية.