خَلُص الاجتماع الرسمي الذي انعقد يوم الخميس الماضي، بمقر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالرباط، إلى جملة من التوافقات الهامة بين وزير الصحة ومسؤولي الوزارة من جهة، ووفد الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل من جهة أخرى، وذلك في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي المتزامن مع الذكرى السبعين لتأسيس الاتحاد.
وانطلق الاجتماع الذي ترأسه وزير الصحة، بحضور الكاتب العام للوزارة ومدير الموارد البشرية، ومشاركة الكاتب العام الوطني للجامعة وممثلين عن فئات مهنية ومواقع عمل متعددة، بتأكيد الطرفين على مرجعيات الحوار، في مقدمتها محضر الاتفاق الثلاثي الموقع يوم 29 دجنبر 2023 بين الحكومة والنقابات، ومحضر 26 يناير 2024 الموقع بين الوزارة والجامعة، إضافة إلى الملف المطلبي الذي تقدمت به هذه الأخيرة.
وخلال الاجتماع، جدد وفد الجامعة الوطنية للصحة مطلب تقديم اعتذار رسمي للأسرة الصحية بشأن التدخل الأمني الذي رافق مسيرة 10 يوليوز 2024، والذي أسفر عن إصابات واعتقالات في صفوف مهنيي الصحة، معتبرًا أن إنصاف هذه الفئات مدخل أساسي لإعادة بناء الثقة.
وعلى المستوى الاعتباري، تم الاتفاق على الحفاظ على صفة الموظف العمومي لنساء ورجال الصحة، واعتماد النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كمرجع للإطار المهني الجديد، إلى جانب عقد لقاء لاحق لمناقشة تعديل القانونين 08.22 و09.22، استنادًا إلى مراسلة رسمية من الوزارة موجهة إلى الأمانة العامة للحكومة.
كما خلُص الاجتماع إلى إشراك الجامعة الوطنية للصحة في إعداد النصوص التطبيقية الخاصة بهذين القانونين، وكافة النصوص المؤطرة لإصلاح المنظومة الصحية، خاصة تلك المرتبطة بالوضع النظامي والقانوني لموظفي القطاع، مع تشكيل لجنة تقنية ثنائية بين الطرفين تُنهي أشغالها قبل نهاية أبريل 2025.
وفي موضوع مركزية الأجور، تبنت الوزارة موقف الجامعة، وأكدت أن الصيغة المؤقتة المعتمدة في قانون المالية 2025 غير نهائية، مشددة على ضرورة أداء الأجور من الميزانية العامة للدولة تحت بند نفقات الموظفين، مع الحفاظ على المناصب المالية القارة، وهو ما تعهدت بالترافع بشأنه أمام الجهات الحكومية المعنية.
وعلى مستوى المؤسسات التابعة للقطاع، تم التأكيد على أحقية موظفي المراكز الاستشفائية الجامعية في الاستفادة من مكتسبات نظام الوظيفة العمومية، بما يشمل صفة الموظف العمومي ومركزية الأجور والتقاعد، مع فتح حوار اجتماعي داخلي بالوكالة المغربية للدم ومشتقاته، والوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية لإنصاف العاملين بهما.
كما توقف الاجتماع عند الصعوبات التي تعرفها تجربة المجموعات الصحية الترابية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، حيث أقرت الوزارة بوجود إكراهات في التنزيل، بينما عبرت الجامعة عن رفضها لاستمرار التجربة في غياب الحوار، مطالبة بتجميد تنفيذها إلى حين مراجعة الإطار القانوني وإصدار النصوص التنظيمية.
وعلى المستوى المادي، عبّرت الجامعة عن رفضها الالتفاف على مطلب الزيادة العامة في أجور العاملين بالقطاع، معتبرة الزيادات الحالية غير منصفة، خاصة في ما يتعلق بالتعويض عن الأخطار المهنية، والتي لم تتجاوز 500 درهم للممرضين والتقنيين و200 درهم للأطر الإدارية والتقنية، مقابل ما استفادت منه قطاعات أخرى.
وانتقدت الجامعة ما وصفته بـ”تسويق زيادات وهمية”، مؤكدة تشبثها بزيادة حقيقية وعادلة، بينما أعلنت الوزارة عن برمجة زيادات جديدة لفائدة الفئات التي لم تتحسن أوضاعها، من خلال مراجعة وضعياتها الإدارية أو أطرها القانونية، مع الالتزام بتقديم تفاصيل هذه الإجراءات في بلاغ لاحق.
كما تم الاتفاق على رفع قيمة التعويضات عن الحراسة والإلزامية، ومراجعة التعويضات الزهيدة عن المداومة المحددة في خمسة دراهم للساعة، إلى جانب الزيادة في تعويضات المسؤولية لفائدة الأطباء والممرضين رؤساء الأقسام والأقطاب والمواقع الإدارية.
وبخصوص تعويضات البرامج الصحية، تم الاتفاق على صرفها لكافة الموظفين المستحقين، سواء بالوزارة أو بالمؤسسات التابعة لها، وتسويتها مؤقتًا على شكل تعويضات عن التنقل للمواقع غير المستفيدة، مع إعداد مرسوم تنظيمي لتحديد كيفيات ومعايير صرف هذه التعويضات في أجل أقصاه 15 يومًا، وإصداره قبل نهاية يونيو 2025.
كما خلُص الاجتماع إلى تسوية الملفات المالية المتعلقة بالترقيات الداخلية، إلى جانب صرف مستحقات الشطر الثاني الفردية والجماعية خلال الأشهر المقبلة، بعد تجاوز الإشكالات المرتبطة بالمراقبة المالية.
وعلى مستوى الملفات الفئوية، طرحت الجامعة مجموعة من المطالب الخاصة بالفئات المتضررة، مع الدعوة إلى تحسين شروط الترقية، وتجويد مقترحات السنوات الاعتبارية، بما يضمن العدالة المهنية، فضلًا عن مراجعة الأطر القانونية لعدد من الفئات المهنية بما يتلاءم مع طبيعة مهامها ومسؤولياتها.
ومن المرتقب أن تُصدر اللجان الوطنية التابعة للجامعة الوطنية للصحة بلاغات تفصيلية بشأن نتائج الاجتماع، على أن تصدر بلاغات مشتركة بخصوص بعض الملفات والمخرجات.
واختُتم الاجتماع بالاتفاق على تفعيل مضامين محضر 26 يناير 2024، وتنظيم لقاءات إضافية بمعدل اجتماع أو اثنين في الأسابيع المقبلة، من أجل مواصلة مناقشة الملفات العالقة وتقديم المقترحات، مع تحديد نهاية شهر أبريل 2025 كأجل أقصى لحسم كافة القضايا المطروحة وعرضها على الجهات الحكومية المعنية.