استعرض المجلس الوزاري المنعقد أمس الأربعاء، برئاسة الملك محمد السادس، من خلال عرض قدمه فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ورئيس لجنة كأس العالم 2030؛ الجهود المبذولة والتطورات المتعلقة بملف المغرب المشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم هذا الحدث الدولي، مبرزا أن التنظيم المنتظر يشكل فرصة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتطوير البنى التحتية، وتحقيق تكامل بين التنمية الرياضية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن أجل رفع تحدي تنظيم يكون في مستوى تطلعات الملك محمد السادس، أبرز الوزير لقجع أنه سيتم تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، إحداث لجنة بتركيبة موسعة تضم على الخصوص، ممثلي المجتمع المدني والمغاربة المقيمين بالخارج وكفاءات إفريقية، والعمل على الرفع من مستوى التعبئة بتنسيق مع كل الأطراف المعنية، لتسريع تنزيل جميع الأوراش الاستراتيجية والمهيكلة المتعلقة بتنظيم هذه التظاهرة الدولية.
♦ المونديال والتنمية
يشير على الغنبوري، المحلل والخبير الاقتصادي، ورئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، إلى أن تنظيم كأس العالم 2030؛ يمكن أن يساهم بشكل كبير في تسريع التنمية في المغرب، وخاصة في المناطق الأقل حظًا من خلال عدة آليات.
وقال الغنبوري في تصريح لجريدة “شفاف”، إن الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية مثل بناء الطرق والمطارات والفنادق ستؤدي أولا إلى تحسين الربط بين المناطق، وبالتالي تعزيز التنقل والربط الاقتصادي بين المناطق الحضرية والقروية.
وأوضح المحلل والخبير الاقتصادي، أن ذلك سيساهم في تحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية وتعزيز النشاط الاقتصادي في المناطق التي قد تكون أقل استفادة من التنمية الاقتصادية في الوقت الراهن.
تنظيم “كان 2025” بالمغرب.. ماهي المكاسب التي ستجنيها المملكة؟
وتابع أنه ثانيا من المتوقع أن يتم توزيع مشاريع تأهيل البنية التحتية على مختلف المناطق، بما في ذلك المناطق النائية أو الأقل تطورا، وهو ما سيساهم في توفير فرص عمل جديدة في تلك المناطق، مما يقلل من نسب البطالة ويساهم في تحسين مستوى المعيشة.
وأردف أنه بالإضافة الى ذلك، فإن إنشاء مرافق جديدة وتحسين الخدمات العامة مثل النقل والمرافق الرياضية يمكن أن يعزز من تطوير القطاع السياحي المحلي، مما يخلق فرصا اقتصادية مستدامة ويجذب الاستثمارات في تلك المناطق.
ولفت إلى أن ثالث المظاهر المتوقعة في جانب المكتسبات، تتجلى في أن تنظيم كأس العالم سيشجع على تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالات البناء والخدمات والسياحة في المناطق الأقل حظًا، من خلال توفير الدعم للشركات المحلية والمقاولات الصغيرة، حيث يمكن تعزيز تكامل هذه المناطق في دورة النشاط الاقتصادي الوطني.
وأوضح رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، أن هذه المشاريع ستساهم في تعزيز القدرات البشرية المحلية، بما في ذلك توفير التكوين وفرص العمل للشباب، خاصة في القطاعات المرتبطة بالبناء والسياحة والخدمات اللوجستية.
ولفت إلى أنه يمكن اعتبار الاستثمار في الفعاليات الكبرى، مثل كأس العالم 2030، وسيلة فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل، شريطة أن يكون هذا الاستثمار مدروسا ومصمما بشكل يتجاوز الحدث نفسه، إذ أن الفعاليات الكبرى تقدم فرصا استثنائية لتعزيز النمو في مختلف القطاعات، ولكن يجب أن يستثمر هذا الزخم بشكل مستدام.
واستطرد أنه اقتصاديا، توفر الفعاليات الكبرى دفعة قوية للنشاط الاقتصادي من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية، مثل الطرق والمطارات والمرافق الرياضية والفنادق، مما يعزز الطلب على المواد والخدمات ويحفز التوظيف في مختلف المجالات.
وأضاف المحلل والخبير الاقتصادي، أن هذه الفعاليات تجذب الاستثمارات الأجنبية وتزيد من تدفق السياح، مبرزا أن ذلك سيساهم في تحسين الإيرادات الحكومية وزيادة النشاط التجاري في مختلف القطاعات.
♦ التوزيع العادل للمنافع
يرى علي الغنبوري أنه لكي تضمن سياسات التنمية المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030 توزيعا عادلا لمنافع هذا الحدث على جميع مناطق المغرب، يجب أن يتم تبني مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الخاصة بكل منطقة؛ من خلال استراتيجيات واضحة تركز على تعزيز البنية التحتية وتطوير الخدمات في المناطق الأقل استفادة من التنمية.
وأبرز المحلل والخبير الاقتصادي، أنه على سبيل المثال يمكن تخصيص مشاريع تطوير المرافق الرياضية والطرق والمطارات في مختلف المناطق بما في ذلك المناطق النائية، وتوزيع الاستثمارات بشكل عادل بحيث تشمل جميع الأقاليم.
المغرب يتذيل ترتيب مؤشر التنمية البشرية بشمال إفريقيا.. أين يكمن الخلل وما هو الحل؟
وأردف أنه من خلال تطوير هذه البنى التحتية في كافة المناطق، يمكن ضمان تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة، وتعزيز التكامل بين مختلف الجهات، بما يعزز القدرة التنافسية للمناطق المحلية ويساهم في تحسين جودة الحياة فيها.
وشدد رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، على أن استثمار المملكة المغربية في تحسين الشبكة اللوجستية سيتيح لا محالة للمناطق النائية بها فرصا أكبر للوصول إلى الأسواق المحلية والدولية.
♦ مناصب الشغل
يوضح علي الغنبوري أنه بخصوص التشغيل، فإن تنظيم كأس العالم يوفر فرصا كبيرة لتقليص البطالة، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل البناء والسياحة والنقل والخدمات اللوجستية، فمن المتوقع أن توفر مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالحدث، مثل بناء الملاعب والفنادق وتحديث الطرق والمطارات، عشرات الآلاف من فرص العمل.
وأكد أنه على المستوى الاجتماعي، توفر الفعاليات الكبرى فرصا لتطوير المهارات من خلال توفير آلاف فرص العمل، وتحسين معدلات التشغيل في مختلف الفئات العمرية والمجتمعية، وهو ما يمكن أن يساهم في تقليص معدلات البطالة، خاصة في المناطق الأقل حظا.
محاولات الهجرة الجماعية.. أحداث تسائل مصير التعهدات الحكومية بخلق مليون فرصة عمل للشباب
وأبرز رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، أنه بالإضافة إلى ما سبق، فإن تأثير الفعاليات الكبرى يتجاوز فرص العمل إلى تحسين المستوى المعيشي من خلال تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية.
وأشار المحلل والخبير الاقتصادي، إلى أن المشاريع المرتبطة بالمونديال ستوفر فرص عمل مباشرة وأخرى غير مباشرة، حيث يتوقع أن يتراوح عدد الفرص بين 50 ألف و80 ألف فرصة عمل، مما سيسهم بشكل كبير في تقليص البطالة، خاصة بين الشباب المغربي.
♦ استدامة الاستثمارات
يبرز علي الغنبوري أنه لضمان استدامة الاستثمارات المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030 بعد انتهائه، يجب أن تكون هناك تدابير اقتصادية مصاحبة تركز على استثمار هذه البنى التحتية والمشاريع في الفترات التي تلي الحدث، بما يضمن استمرار الفوائد الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.
وذكر أنه يجب استثمار البنية التحتية بعد الحدث (الملاعب والفنادق والمرافق الرياضية والمطارات) في استخدامات مستدامة؛ سواءً من خلال تنظيم فعاليات رياضية أخرى، أو تحويلها لمرافق ثقافية وتجارية تستفيد منها الساكنة المحلية، موضحا أنه على سبيل المثال؛ يمكن أن تستخدم الملاعب لاستضافة مباريات رياضية محلية ودولية أو فعاليات موسيقية وثقافية، مما يضمن تدفقًا مستمرًا للمداخيل.
تنظيم اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد في موعدها بمراكش.. الدلالات والمكاسب
وشدد على أن استضافة كأس العالم يوفر فرصة هامة للترويج للبلاد كوجهة سياحية على المستوى الدولي، حيث يمكن استغلال الزخم الذي سينتج عن المونديال لتعزيز الاستثمارات في قطاع السياحة، بحيث يجب أن تتضمن استراتيجيات ما بعد البطولة حملات تسويقية تروج للمغرب كوجهة سياحية دائمة، وتستثمر في استدامة الرحلات الجوية وتوسيع السوق السياحي الدولي.
وتابع أنه يجب أن تستثمر المشاريع المرتبطة بكأس العالم في تعزيز قطاعات أخرى مثل صناعة التكنولوجيا والنقل والبناء، مما يسهم في دفع عجلة النمو في القطاعات الصناعية المحلية، حيث يمكن استثمار مخرجات مشاريع البنية التحتية في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تتعامل مع الخدمات اللوجستية أو السياحة مما يسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي.
♦ المخاطر الاقتصادية المحتملة
يبرز علي الغنبوري أنه فيما يتعلق بالمخاطر الاقتصادية المحتملة، هناك عدة تحديات قد تظهر بعد الحدث، مثل ارتفاع الديون، لافتا إلى أن الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية قد تزيد من عبء الدين العام.
وأكد على أن ذلك يتطلب اتخاذ استراتيجيات لضبط الميزانية الحكومية وتعزيز المداخيل العامة بعد البطولة، حيث يمكن إدارة هذه المخاطر من خلال استغلال المداخيل المستدامة من السياحة، أو إعادة هيكلة الدين العام بشكل يضمن الاستدامة المالية، واللجوء الى التمويلات المبتكرة.
استثمارات المونديال.. هل ستضيف أعباءً إضافية على ميزانية الدولة وما أثرها على الاقتصاد الوطني؟
وأضاف أنه يمكن أن يحدث المونديال تأثيرات مؤقتة على الاقتصاد، مثل الزيادة في التكاليف وارتفاع الأسعار، حيث يتوجب وضع خطة لضبط الأسعار في السوق وضمان استقرار الاقتصاد المحلي بعد الحدث من خلال تنويع القطاعات الاقتصادية وتعزيز الإنتاج المحلي.