يعزم المغرب، ولأول مرة، التصويت بالإيجاب على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، المزمع مناقشته يوم 15 دجنبر الجاري.
وأكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن هذه الخطوة تعد تحولاً هاماً في الموقف المغربي، الذي امتنع لسنوات عن التصويت على قرارات مشابهة، وتعتبر إيذاناً بمسار جديد لتعزيز الحقوق والحريات بالمملكة.
وأوضح وهبي، خلال جلسة بمجلس النواب، أن التصويت لصالح القرار يتماشى مع التوجه المغربي في عدم تنفيذ أي حكم بالإعدام منذ عام 1993، معتبراً هذه الخطوة بمثابة إطار قانوني لتعزيز الحق في الحياة.
كما أشار الوزير إلى أن النقاش حول إلغاء العقوبة مستمر منذ عقود داخل المجتمع، وأن التصويت يشكل بداية نحو إنهاء الجدل وإلغاء العقوبة مستقبلاً.
وقد حظي هذا القرار بإشادة واسعة من فرق المعارضة والأغلبية، التي وصفته بانتصار للحق في الحياة، ودعت إلى استمرار الإصلاحات الحقوقية التي تحترم الكرامة الإنسانية.
بالتّزامن مع اليوم العالمي لمناهضتها.. أين وصلت مطالب إلغاء عقوبة “الإعدام” بالمغرب؟
♦إشادة واسعة
أثنت نزهة الصقلي، الوزيرة السابقة ومنسقة شبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، على قرار عزم المغرب التصويت لصالح إلغاء عقوبة الإعدام، معتبرة هذه الخطوة مؤشراً قوياً على التزام المملكة بتعزيز حقوق الإنسان وترسيخ العدالة الجنائية الحديثة.
وفي حديثها لـ “شفاف”، أكدت الوزيرة السابقة أن هذا القرار يعكس نضجاً حقوقياً وتقدماً كبيراً في مسار انسجام المغرب مع التزاماته الدولية، لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يُلزم الدول بحماية الحق في الحياة.
وأشارت الصقلي إلى أن هذه الخطوة تأتي تتويجاً لسنوات من العمل الدؤوب الذي قادته مختلف الأطراف، بما في ذلك المجتمع المدني، والمنظمات الحقوقية، وشبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، التي عملت باستمرار على دفع النقاش نحو إلغاء هذه العقوبة غير الإنسانية.
وأوضحت البرلمانية السابقة أن المغرب رغم عدم تنفيذه لعقوبة الإعدام منذ عام 1993، ظل محتفظاً بها في قوانينه، مما كان يتطلب إرادة سياسية قوية لاتخاذ قرار تاريخي بحذفها نهائياً.
وأضافت الصقلي أن عقوبة الإعدام لا تتماشى مع القيم الإنسانية الحديثة ولا مع مبادئ الدستور المغربي الذي يكرس الحق في الحياة كحق أساسي، مؤكدة أن الدول التي ألغت العقوبة لم تشهد أي زيادة في معدلات الجريمة، بل عززت منظوماتها القضائية وجعلتها أكثر إنسانية وفعالية.
كما نوهت إلى أن العفو الملكي الذي كان يتم باستمرار يحول أحكام الإعدام إلى السجن المؤبد أو المحدد، وهو رسالة واضحة أن هذه العقوبة أصبحت غير ملائمة لنهج المغرب الحقوقي.
وأثنت الصقلي على الدعم البرلماني الذي لاقاه هذا القرار، مؤكدة أن النقاشات داخل المؤسسة التشريعية أظهرت توافقاً واسعاً من مختلف الأطياف السياسية، سواء من المعارضة أو الأغلبية، وهو ما يعكس وعي المشرّعين المغاربة بأهمية إلغاء العقوبة لضمان عدالة جنائية حديثة.
♦اتخاذ تدابير جديدة
ودعت الحكومة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعديل المنظومة الجنائية بما يتماشى مع هذه الخطوة، وبما يجعل القانون المغربي أكثر توافقاً مع المواثيق الدولية.
كما عبرت عن تقديرها للدور الفاعل للمجتمع المدني في هذا الإنجاز، مشيرة إلى الحملات الواسعة التي قادتها جمعيات حقوقية وثقافية وفنية للتوعية بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام.
وأضافت الوزيرة السابقة أن هذه الحملات لم تكن فقط موجهة للدفاع عن حق الإنسان في الحياة، بل أيضاً لتسليط الضوء على مخاطر الأخطاء القضائية التي قد تفضي إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أبرياء.
وأكدت الصقلي أن هذه الخطوة ستعزز مكانة المغرب كدولة رائدة في مجال حقوق الإنسان في المنطقة، وستضعه في مصاف الدول التي اعتمدت منظومات قانونية عصرية تقوم على احترام الحياة والكرامة الإنسانية.
كما دعت إلى تعزيز النقاش المجتمعي حول هذه القضية، مؤكدة أن التوعية بمضامين هذا القرار وآثاره الإيجابية ستساهم في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان داخل المجتمع المغربي.
واختتمت الصقلي تصريحها بالتأكيد على ضرورة العمل الجماعي بين البرلمان والحكومة والمجتمع المدني لضمان تنفيذ هذا القرار بشكل كامل، معتبرة أن إلغاء عقوبة الإعدام ليس فقط خطوة قانونية، بل هو تعبير عن تطور حضاري وإنساني يعكس طموحات المغاربة في بناء دولة تقوم على العدالة والكرامة.
وقالت البرلمانية السابقة: “هذا القرار هو انتصار للقيم الإنسانية والحقوقية، ويؤكد أن المغرب يسير بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتقدماً”