خلفت تصريحات الناخب الوطني وليد الركراكي الأخيرة حول الأسباب الكامنة وراء خروج المنتخب الوطني من ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا تفاعلا كبيرا، حيث برر مدرب المنتخب الوطني المغادرة المبكرة من هذه المسابقة باختلاف اللعب بين أوروبا وإفريقيا وارتكاب “الأسود” لعدد من الأخطاء خلال مبارياتهم، كما دافع عن اختياراته، وفي مقدمتها استدعاؤه لنصير المزراوي بالرغم من إصابته، مبرزا أنه سيعمل على عدد من التغييرات لإعادة المنتخب للمسار الصحيح.
♦ وضع تقييم شامل لـ”أسود الأطلس”
يشير الدولي المغربي السابق والإطار الوطني مولود مذكر، في تصريح لجريدة “شفاف”، أن الركراكي ملزوم اليوم بالاستعانة بتقرير فني شامل عن المشاركة المغربية في الكأس القارية بكوت ديفوار، مبرزا أنه من خلال المعطيات التي تقدم بها الناخب الوطني في حواره الإعلامي يتفق الكل وهو أيضا بأن الأداء كان غير مقنعا، بسبب عدد من الأسباب التي تطرق لها خلال اللقاء المذكور.
وأضاف أنه يجب الاستفادة من هذه التجربة، وأن يتم العمل على إنجاز تقرير متكامل عن الكأس الإفريقية، والأمور التي ساهمت في فشل المغرب الذي كان مرشحا فوق العادة لنيل هذا اللقب، وفي نجاح الكوت ديفوار في نيل كأس أمم إفريقيا الأخيرة، لاسيما نقاط القوة والضعف، وكذا الأشياء التي ساعدت “الفيلة” على تحقيق التحول الذي فاجأ الجميع بعد أن كانوا مرشحين لمغادرة البطولة من الدور الأول.
وشدد على ضرورة وضع تقييم شامل لـ”أسود الأطلس” من جميع الجوانب الفنية والبدنية والتكتيكية والنفسية، وما يرتبط بالمردود على المستويين الفردي والجماعي، من أجل التحضير لكأس إفريقيا للأمم التي ستقام العام المقبل ببلادنا، والتي سيمكن من خلالها تحديد الأساليب والأسس التي تنبني عليها استراتيجية منتخبنا الوطني لحصد لقب هذه المسابقة التي ستقام على أرضنا.
♦ محددات ومعايير اختيار اللاعبين
أوضح مولود مذكر أن المرحلة المقبلة تتطلب الاعتماد على اللاعبين الذين تتوفر فيهم شروط الجاهزية والتنافسية، وغيرها من المعايير المفروضة لحمل قميص المنتخب الوطني؛ وفي مقدمتها الأداء العالي والانضباط داخل المجموعة، مبرزا أنه لا بد على أي عنصر يستدعيه الناخب الوطني أن تكون له مهارات وذكاء تكتيكي وقوة بدنية، لافتا إلى أنه ليس كل لاعب يمتلك هذه المواصفات ملزم الركراكي بالمناداة عليه، مبرزا أن الصلاحية الكاملة في تحديد القائمة تبقى لدى الجهاز الفني.
وأشار إلى أن الوقت حاليا لا يسعف لمزيد من التجارب وتوسعة الاختيارات بالنسبة لكتيبة “أسود الأطلس”، بل يجب أن تكون العناصر الوطنية المختارة من طرف الركراكي وجهازه الفني المساعد عند المستوى المطلوب وأن يستحقوا تمثيل المغرب بعيدا عن أي محاباة أو غياب للمعايير التي سبق ذكرها، مثلما هو الحال في عدد من العناصر التي تم استدعاؤها خلال فترات سابقة.
وتابع الدولي المغربي السابق والإطار الوطني، أنه يجب نسيان المرحلة السابقة وتفادي الأخطاء التي وقعنا فيها، والتحضير بقوة وتركيز لما هو قادم، وذلك حتى يكون “أسود الأطلس” أبرز المرشحين لنيل النسخة المقبلة من كأس إفريقيا للأمم، مشيرا إلى ضرورة نسيان ما وقع وتحديد الإيجابيات ولو كانت قليلة من أجل البناء عليها في وضع استراتيجية عمل متكاملة لمنتخبنا، مبنية على فلسفة واضحة تكون مرتكزة على الجدية.
♦ تسريع الخطى لطرح الحلول الممكنة
أبرز مولود مذكر أن التقرير الذي تحدث عنه الركراكي بخصوص أسباب عدم نجاح المغرب بالفوز بكأس أمم إفريقيا منذ 1976، يجب أن يكون موجودا خلال الشهر القادم، لافتا لضرورة أن يشارك في إنجازه جميع أفراد الإدارة الفنية وعلى رأسهم الناخب الوطني، وكذا الجهاز الطبي، للكشف على كافة المسببات ومدى ارتباطها بالمدرب أو الطقس أو اللاعبين وغير ذلك، ووفق ذلك العمل على طرح الحلول الممكنة.
وأردف أن هناك جزئيات مهمة مرتبطة بما هو بدني ومهاري وتكتيكي يجب التركيز عليها في إطار الاستراتيجية التي سيتم وضعها لتجاوز المنتخب الوطني للإشكاليات المطروحة، مشيرا إلى أن من أسباب قوة “الأسود” بمونديال قطر 2022 كان هو خط الدفاع، لكن هذا الأخير تراجع مردوده وأداؤه وهو ما برز جليا في مواجهة جنوب إفريقيا بدور ثمن نهائي البطولة القارية، حيث تلقت شباك ياسين بونو أهدافا سهلة في الشوط الثاني لهذه المباراة.
وتابع المتحدث ذاته، أن قرب إقامة النسخة 35 من كأس إفريقيا للأمم وتنظيمها على أرض المملكة يفرض تظافر الجهود وتسريع الخطى لرسم خارطة الطريق التي ستمكننا من بلوغ مونديال 2026 والظفر بـ “كان” 2025، وإعداد منتخب قوي قادر على المنافسة على كافة الألقاب.
واستطرد أن التغيير الذي تحدث عنه الركراكي بخصوص الجهاز الفني المساعد له يبقى هو صاحب القرار والأدرى بما يلزمه، مشيرا إلى أن العناصر ذاتها التي نجحت بمونديال قطر هي من أخفقت في كوت ديفوار، وبذلك لا يمكن أن تتغير النظرة والحكم على هؤلاء بهذه السرعة، مشددا على أهمية استمرار نفس الأسماء المساعدة للناخب الوطني، سواءً رشيد بنمحمود أو غريب أمزين أو غيرهما.
♦ الاستعدادات للقادم
يرى مولود مذكر أنه على عكس من ينادي بخوض مباريات مع منتخبات إفريقية على أرض هذه الأخيرة، فإن كون “الأسود” مقبلين على لعب كأس إفريقيا بالمغرب سيكون أمرًا جيدًا إجراء المباريات الودية ببلادنا استعدادًا لهذه البطولة، لافتا إلى أن التركيز سيكون أكثر على القائمة التي سينادي عليها الركراكي، باعتبارها ستكون مؤشرا على التوجه الذي سيتخذه الناخب الوطني.
وأكد على وجوب اعتماد الناخب الوطني على اللاعب الجاهز الذي تتوفر فيه المعايير المطلوبة لحمل القميص الوطني، مشددا على تجنب حرمان لاعبي البطولة الوطنية الذين يستحقون تمثيل المنتخب خلال قادم المناسبات، لاسيما في “الكان” المقبل الذي سيقام على أرضنا، داعيا لعدم منح الأفضلية في تحديد قائمة “الأسود” للعناصر الممارسة بالدوريات الأوروبية حتى في حالة افتقادها للتنافسية.
وواصل أن أهم شيء في المباريات الودية القادمة أمام كل من أنغولا وموريتانيا هي التعرف على التغييرات الطارئة على كتيبة الركراكي ومدى قدرتها على نسيان وتجاوز إخفاق كأس أمم إفريقيا الأخيرة، إلى جانب معرفة إمكانية المناداة على أسماء جديدة أو الحفاظ على العناصر ذاتها.
ولفت إلى أن المباراتين الوديتين لن تكونا سهلتين، بسبب قوة المنافسين اللذين أظهرا أداءً عاليا خلال “الكان” الأخير، مشيرا إلى أن هاتين المقابلتين ستشكلان مكسبين مهمين للمنتخب الوطني من أجل التجهيز للاستحقاقات المقبلة، لاسيما الكأس الإفريقية التي سنكون بلا شكل أبرز المرشحين لها، وذلك بعدما أظهرت التجارب الأخيرة سواءً في إفريقيا أو آسيا فوز المنتخبات المنظمة بالبطولة، وهو ما حدث هذا العام في كل من كوت ديفوار وقطر.
وشدد على أهمية أن تزرع في نفوس عناصر المنتخب الوطني الشراسة المطلوبة على مستوى المسابقات الإفريقية، وكذا قيمة حمل قميص “الأسود”، مشيرا إلى أن الكل خلال الوديتين المقبلتين سينتظر على أحر من الجمر ردة فعل الركراكي وطاقمه ولاعبيه، بالشكل الذي يخلق نوعا من الطمأنة والارتياح لدى المغاربة بخصوص منتخبهم، ولاسيما فيما يتعلق بتنافسه على تحقيق “الكان” القادم.
ويذكر أنه في إطار الاستعداد للاستحقاقات القادمة يواجه المنتخب الوطني لكرة القدم منتخب أنغولا يوم الجمعة 22 مارس القادم بالملعب الكبير بأكادير، وفي مباراة ثانية سيقابل “أسود الأطلس” موريتانيا بنفس الملعب يوم الثلاثاء 26 مارس المقبل.