نجحت المملكة المغربية، بقيادة الملك محمد السادس، في التوسط للإفراج عن أكثر من ملياري دولار من أموال السلطة الفلسطينية التي كانت مجمدة لدى إسرائيل منذ أشهر، مما سيساهم في تخفيف الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة ودفع رواتب الموظفين الفلسطينيين.
وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، عبر منصة “إكس”، عن هذا التطور، مشيدًا بالدور المغربي ومقدمًا شكره لجلالة الملك محمد السادس على جهوده الدبلوماسية في تسوية هذا الملف.
وتأتي هذه الوساطة في إطار التزام المغرب الراسخ بدعم القضية الفلسطينية، حيث يترأس العاهل المغربي “لجنة القدس” التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي تشرف على مشاريع تنموية في الأراضي الفلسطينية عبر “بيت مال القدس”.
وتعكس هذه المبادرة استمرار السياسة المغربية القائمة على تقديم الدعم الفعلي بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، ما يعزز دور الرباط كوسيط موثوق به في المنطقة.
♦دبلوماسية مغربية فعالة
أكد أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس والمدير العام للمجلة الإفريقية للسياسات العامة، أن الوساطة المغربية في الإفراج عن الأموال الفلسطينية تعكس الدور الريادي للمملكة المغربية في دعم القضية الفلسطينية، التي يعتبرها المغرب قضية وطنية بامتياز، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، أوضح الدكتور الوردي أن هذه الوساطة ليست بالأمر الجديد، بل تأتي استكمالًا لمسار طويل من المواقف الثابتة للمغرب في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأضاف المحلل السياسي أن المغرب، من خلال هذه الوساطة، يعزز موقعه كفاعل دبلوماسي موثوق، يتمتع بعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، وهو ما يسمح له بلعب دور أساسي في تقريب وجهات النظر وإيجاد حلول عملية تسهم في التخفيف من معاناة الفلسطينيين، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.
واعتبر المتحدث أن النجاح في هذا الملف يؤكد أن المغرب أصبح، بفضل سياسته المتزنة، قادرًا على التأثير الإيجابي في القضايا الإقليمية الكبرى، ليس فقط على مستوى العالم العربي، بل أيضًا على الصعيد الدولي.
وأشار إلى أن هذه الوساطة المغربية ليست مجرد مبادرة عابرة، بل تأتي في سياق رؤية ملكية واضحة، تقوم على دعم حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، مع التأكيد على أهمية القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين.
وأورد الوردي أن المغرب، من خلال دوره في لجنة القدس، يعمل على الحفاظ على الهوية الفلسطينية للمدينة، ويقدم دعمًا ملموسًا للفلسطينيين في مختلف المجالات، سواء عبر بيت مال القدس أو من خلال المبادرات الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس.
ردا على الحية.. الدكتور قريش يكشف طبيعة الدعم المغربي للقضية الفلسطينية على ضوء تصريحات حماس
♦وساطة بلا ضجيج
وفيما يتعلق بعدم الإعلان الرسمي عن الوساطة من قبل وزارة الخارجية المغربية أو الديوان الملكي، أكد المحلل السياسي، أن هذا الأمر يعكس طبيعة الدبلوماسية المغربية، التي تفضل العمل الفعلي على الأرض بدلًا من البحث عن الأضواء الإعلامية.
واعتبر أن هذا النهج يعزز مصداقية المملكة، ويجعلها وسيطًا مقبولًا لدى جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن المغرب لا يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية آنية، بل يشتغل وفق رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إرساء أسس سلام دائم في المنطقة.
وأورد أن هذه المقاربة المغربية تنسجم مع التوجه العام للمملكة في سياستها الخارجية، والتي تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والاحترام المتبادل، والعمل على إيجاد حلول توافقية للصراعات بدل تأجيجها.
وأوضح أن هذا النهج جعل المغرب يحظى بتقدير مختلف الفرقاء الدوليين، سواء في القضية الفلسطينية أو في قضايا أخرى مثل الأزمة الليبية، حيث لعب دورًا مهمًا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وكذلك في عدد من القضايا الإفريقية التي كان للمغرب دور بارز في حلها.
وعند الحديث عن الدلالات السياسية لهذه الوساطة، شدد أستاذ القانون الدولي على أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، يؤكد مرة أخرى أنه شريك استراتيجي يعتمد عليه، سواء من قبل الفلسطينيين أو الإسرائيليين أو حتى المجتمع الدولي.
واورد أن إشادة الحكومة الفلسطينية بهذه الوساطة تعكس الثقة الكبيرة التي تحظى بها المملكة لدى الفلسطينيين، الذين يدركون أن المغرب يدافع عن حقوقهم بكل صدق وشفافية، بعيدًا عن أي حسابات سياسية ضيقة.
رسالة الملك بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. قراءة في الدلالات والأبعاد السياسية
وأبان أن المغرب، بفضل موقعه الجيوسياسي وعلاقاته المتينة مع مختلف الأطراف، يمكنه أن يلعب دورًا أكثر تأثيرًا في المستقبل، ليس فقط في القضية الفلسطينية، ولكن أيضًا في عدد من الملفات الإقليمية التي تحتاج إلى وساطة فعالة.
وتابع أن هذه الوساطة الأخيرة تفتح المجال أمام دور دبلوماسي مغربي أكبر في القضية الفلسطينية، خاصة في ظل نجاح العديد من المبادرات السابقة التي قام بها المغرب في هذا الشأن.
♦دعم مستمر لفلسطين
وفي حديثه عن الدور المستقبلي للمملكة في القضية الفلسطينية، أكد أن المغرب سيواصل العمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، من خلال مقاربة تقوم على الحوار والتفاهم والتعاون بين جميع الأطراف.
وأوضح أن الدور المغربي لا يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل يمتد أيضًا إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، حيث يحرص المغرب على دعم الشعب الفلسطيني عبر مشاريع تنموية تهدف إلى تحسين أوضاعه المعيشية.
وأضاف أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، لا يعمل وفق منطق الدعاية السياسية أو الاستعراض الإعلامي، بل وفق رؤية ملكية عميقة تستند إلى القيم الإنسانية والشرعية الدولية.
ويري أن هذا ما يجعل المغرب يحظى بالاحترام والتقدير على المستوى الدولي، ويجعله قادرًا على لعب دور أكبر في المستقبل في حل النزاعات الإقليمية وتعزيز السلم والاستقرار.
إشكالية الماء والقضية الفلسطينية في قلب خطاب العرش.. قراءة في الدلالات
وشدد على أن المغرب، بحكم تجربته التاريخية ومكانته الدبلوماسية، قادر على تقديم حلول مبتكرة لمختلف الأزمات التي تعصف بالمنطقة، مشيرًا إلى أن الوساطة المغربية في القضية الفلسطينية ليست سوى نموذج واحد من النماذج العديدة التي تؤكد المكانة الريادية للمملكة على الساحة الدولية.
وأنهى الوردي تصريحه، بالتأكيد على أن المملكة ستواصل دعمها للشعب الفلسطيني، سواء عبر الجهود الدبلوماسية أو عبر المشاريع التنموية التي تساهم في تحسين ظروفهم المعيشية، مضيفًا أن هذا الالتزام الراسخ يعكس الدور التاريخي الذي تلعبه المؤسسة الملكية في نصرة القضايا العادلة ودعم السلام والتعايش بين الشعوب.