انتقد عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، لجوء الحكومة إلى الاقتراض الخارجي لتمويل ورش الحماية الاجتماعية، وذلك خلال مداخلته في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية المنعقد يوم أمس الأربعاء .
وأوضح بوانو أن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية تقدمت بطلب لعقد لجنة المالية والتنمية الاقتصادية لمدارسة تفاصيل الهندسة المالية التي أعلنت عنها الحكومة لتمويل ورش الحماية الاجتماعية وتوقيعها لعدة عقود قروض سنة 2023 دون اللجوء إلى البرلمان، والتي تهم قرض 500 مليون دولار مع البنك الدولي، وثلاث قروض مع بنك التنمية الألماني بقيمة 120 مليون أورو ومع الاتحاد الأوروبي بقيمة 130 مليون أورو، كلها بهدف دعم منظومة الحماية الاجتماعية، رغم أن المادة 11 من القانون الإطار 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية ينص على آليتين لتمويل تعميم الحماية الاجتماعية تهم التضامن والاشتراك.
وأبرز أن منظومة الحماية الاجتماعية، بما تشمله من تعميم التغطية الإجبارية عن المرض وتفعيل الدعم الاجتماعي المباشر، تعد خطوة طموحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، غير أنها تواجه تحديات وإكراهات كبيرة تهدد استدامتها وفعاليتها، تتمحور أساسا في التمويل والاستدامة المالية وضغط تكاليفها على ميزانية الدولة.
وأشار بوانو إلى أن الحكومة أكدت على أن الهندسة المالية للورش الملكي تعتمد على التمويلات العمومية والاشتراكات، حيث تتألف أساسا من المخصصات المالية من ميزانية الدولة، والعائدات الضريبية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية، والموارد المتأتية من إصلاح نظام المقاصة ثم الهبات.
وتابع أن المؤشرات المرتبطة بالتوازنات المالية لمختلف أنظمة الحماية الاجتماعية، توضح أن نفقاتها تتطور بوتيرة أسرع مقارنة مع مواردها، وهو ما يؤثر سلبا على استدامتها المالية، مما يشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه أوراش الحماية الاجتماعية، خاصة في سياق تعميم التغطية الإجبارية عن المرض وتنزيل برامج الدعم الاجتماعي المباشر، التي تتطلب توفير موارد مالية سنوية قارة تتجاوز 51 مليار درهم (28 مليار درهم من آلية الاشتراك و23 مليار عبر آلية التضامن).
وأضاف بوانو أن الحكومة فشلت في تعبئة هذا المبلغ في ظل الوضعية الصعبة التي يعرفها نظام التغطية الصحية الإجبارية عن المرض نتيجة ضعف الانخراط وصعوبة تحصيل الاشتراكات، وإفلاس نظام “أمو- الشامل” الذي يهم الأشخاص الذين يحتاجون لعلاجات باهظة الثمن.
وأردف أن العجز البنيوي الكبير المسجل سنة 2023 الذي أدى إلى سحب 1.6 مليار درهم من احتياطات الصندوق لأداء مستحقات مقدمي الرعاية الصحية، وتوقع نفاذ احتياطات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي سنة 2026، كلها مؤشرات تؤكد فشل الحكومة في ضمان تمويل هذا الورش، وتثير تساؤلات حول مدى قدرة الميزانية العامة على تحمل هذه الالتزامات على المدى الطويل، وهو الأمر الذي نبهنا له كمجموعة نيابية وأكده تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2023.
ونبه إلى أن اختلال توازن بنية نفقات نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وارتفاع نفقات تغطية مصاريف الأدوية التي تشكل 32.4% من النفقات العامة في ظل استمرار أسعارها 3 إلى 4 أضعاف مقارنة بدول مجاورة، وتوجيه نفقات النظام الإجباري الأساسي عن المرض نحو القطاع الخاص وسلعنة الخدمات الصحية وإفلاس قطاع الصحة العمومية مما يسائل نجاعة النظام.
ودعا الحكومة إلى الانخراط في تعبئة المغاربة ومنحهم الثقة بالانخراط في النظام، والبحث عن تمويلات بديلة ومستدامة لتمويل الورش الملكي، بدل اللجوء إلى الاقتراض الخارجي في تجاوز تام للمادة 20 من القانون التنظيمي للمالية التي تمنع الاقتراض للتسيير.
ولفت إلى أن اقتراضات الحكومة الحالية من البنك الدولي تجاوزت كل المعدلات التي سجلتها الحكومات السابقة منذ 1987 كتمويلات من البنك الدولي، وهو الأمر الذي يرهن المالية العمومية ويعمق إشكالية المديونية العمومية ببلادنا، ويفسر مقترح الحكومة بتعديل المادة 20 من القانون التنظيمي للمالية بإدراج استثناء بخصوص الالتزام بالقاعدة الذهبية التي تهم عدم تجاوز توجيه الاقتراضات لتغطية نفقات التسيير وتضمين أحكام بتجميدها بدعوى سياق اقتصادي أو اجتماعي استثنائي.
وطالب الحكومة بتقديم الجواب عن حصيلة التزاماتها بتعبئة موارد لتمويل ورش الحماية الاجتماعية، والتي تهم 10 مليار درهم من العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، و15 مليار درهم نتيجة إدماج 120 برنامج من برامج الدعم الاجتماعي، و12 مليار درهم سيتم تعبئتها تدريجيا في أفق سنة 2026 من خلال إصلاح صندوق المقاصة.
كما نادى الحكومة بعرض تصورها لإصلاح أنظمة التقاعد ومعالجة السياسة الإقصائية لفئات عريضة من المواطنين بسبب عدم حصولها على العتبة المطلوبة، التي أصبحت تستعمل كوسيلة لتضييق قاعدة المستفيدين والتغطية على العجز المالي للورش.
وشدد على أن الهندسة المالية لمنظومة الحماية الاجتماعية تستوجب أساسا ضمان الحكامة الجيدة والنجاعة والشفافية في التنفيذ ووضع استراتيجية تمويل طويلة الأمد، وتأطير هذا التمويل بقانون يخضع لمصادقة ورقابة البرلمان.