منذ بداية جائحة كوفيد 19، تعمقت التفاوتات واللامساواة المسببة للفقر بشكل حاد في المملكة، حيث فشلت الحكومة الحالية في اتخاذ تدابير ملموسة بعيدة المدى للتخفيف من الزيادة الخطيرة في اللامساواة بين المواطنين.
وارتباطا باليوم العالمي لمحاربة الفقر، الموافق لـ 17 أكتوبر من الشهر الجاري،عرف المغرب خروج أغلب عدد من المواطنين في مختلف مدن المملكة لشارع للاحتجاج على تدني الوضع الاجتماعي والاقتصادي الخاص بهم، بسبب الارتفاعات المهولة التي شهدتها المواد الأساسية والمحروقات، الأمر الذي تسبب في زيادة الهوة بين الطبقات الاجتماعية في البلاد.
وفي السياق ذاته، قال إيشو، أحد القاطنين في أعالي جبال إملشيل، لـ “شفاف”، أن المنطقة لا تعرف تنمية اجتماعية واقتصادية وسوسيو ثقافية، لتسهل الحياة فيها، خصوصا في فصل الشتاء، وأن المعيشة فيها بدائية ولم تجاوز العصور الوسطى، عكس المدن الكبرى والمتوسطة التي راكبت قطار التنمية في البلاد.
وأضاف إيشو، وهو متحصر على وضع منطقته المعزولة تماما، التي لا تتوفر على مشاريع تنموية تنعش اقتصادها وتقلل من خلالها نسبة الفقر المدقع في إملشيل، أنها تحتضر في صمت والجهات المعنية لاتتحرك لحل المشاكيل الاجتماعية والاقتصادية التي تغرق فيها.
وأردف إيشو، إلى أن الفقر في إملشيل، وانعدام فرص الشغل فيها، يجعل الأسر وشباب المنطقة يفكرون في الهجرة القروية إلى مدن أخرى، للبحث عن عمل يضمن لهم قوتهم اليومي، ويسهل عليهم عملية التطبيب والدراسة.
أما بخصوص الوضع الصحي، يضيف إيشو، إلى أن منطقة إملشيل والنواحي لا تتوفر على مراكز صحية وطبية لتطبيب الساكنة، وإن وجدت تكون فارغة من الأطباء والأجهزة الطبية والدواء، ما يلزمهم التنقل إلى مدينة ميدلت أو الراشيدية لأخذ العلاجات.
وأوضح إيشو، إلى أن إملشيل والنواحي يفقدن كل سنة عددا من والأمهات والأطفال الرضع، بسبب عدم توفر الطرق اللوجستيكية التي تربط بين القرى والمركز، التي تسمح بنقل المرأة على وشك ولادة إلى المستوصف، عبر نقل خاص أو سيارة الإسعاف.
وأبان إيشو، إلى أن انحصار املشيل في فصل الشتاء، يزيد من تأزيم وضعها الاقتصادي والاجتماعي والصحي، ويجعل الساكنة معزولة عن العالم أكثر، دون غذاء أو دواء أو حتى حطب لتدفئة.
وأمام تعنت وتعمد المسؤولين إقصاء منطقة إملشيل من التنمية الاقتصادية والبنية التحتية والاجتماعية، يقول إيشو، أن الوضع الحالي سيزيد من معانات السكان، خصوصا مع اقتراب دخول فصل الشتاء.
وارتباطا بالموضوع أعلاه، قالت فاطمة، من الرحل المغاربة الذين يعيشون قرب الحدود المغربية-الجزائرية بمرزوكا، لـ “شفاف”، أنها تعاني فقرا مدقعا على طول السنة وتعتمد على الإعانات الغذائية التي يقدمها الأجانب لها عند جولاتهم السياحية بالمنطقة.
وأردفت فاطمة، إلى أن وضعها الاقتصادي الهش منعها من إرسال أطفالها إلى المدارس، إذ همها الحالي هو فقط توفير لقمة العيش اليومية لهم، لإسكات أفواههم الجائعة، خصوصا وأن المنطقة التي تقطن فيها لا تتوفر على مرافق اقتصادية واجتماعية لتنمية مهارات النساء والشباب، ومساعدتهم على تنمية وتطوير مكتسباتهم المتعلقة بالبحث عن عمل، أو تعلم حرفة.
وقالت فاطمة، أن نمط عيشهم البدائي، جعلهم يعيشون في خيم لاتتوفر على أبسط الشروط للعيش الكريم، إذ لاتحميهم من حر أو برد قارس، ولا تقيهم من زخات المطر، وأنهم على طول السنة يعتمدون في المأكل على مواد غذائية بسيطة مثل دقيق الذرى، أو حليب الحيوانات التي يربونها.
وطالبت فاطمة، من الحكومة والفاعليين السياسيين بالمنطقة، إلى التحرك في أقرب الآجال لتخفيف من آليات الفقر والحد من توسعه، ومساعدة الفئات الهشة، وعدم تركها تواجه مصيرها لوحدها دون تقديم حلول.