لا تزال تعاني ساكنة عدد من المناطق الشرقية وسوس وأقاليم أخرى بالمملكة من اعتداءات الرعاة الرحل على أراضيهم، وهو ما يكلفهم خسائر كبيرة ويتسبب بنشوب صراعات بين الطرفين، نتيجة استهلاك مواشي الرعاة للمحاصيل الزراعية وتخريب بعض المنشآت والممتلكات التي تعود للفئة الأولى.
وفي هذا الصدد، توجهت نبيلة منيب، النائب البرلمانية بمجلس النواب، بسؤال كتابي إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، حول موضوع اعتداءات الرعاة الرحل على الأفراد وأراضيهم وممتلكاتهم بأقاليم سوس.
وأبرزت منيب في معرض سؤالها، أن إشكالية أراضي وممتلكات قبائل سوس الكبير تتطلب تقديم الحلول وإنصاف الساكنة، مشيرة إلى أن “الظهير الاستعماري 1916 صادر جل أراضي القبائل بعد أن داس على مضامين الظهير الشريف 1914 الذي صدر في عهد مولاي يوسف، والذي نص صراحة على أن الأراضي تعود ملكيتها إلى القبائل الأمازيغية”.
وأضافت النائبة البرلمانية أنه “من المؤسف أن توظف المندوبية السامية للمياه والغابات هذا الظهير الاستعماري 1916 لتجريد هذه القبائل مما تبقى لها من أراضي بحجة أنها ملك غابوي علما أن ظهير 4 مارس 1925 استثنى غابات مناطق شجرة أركان، وأقر صراحة أن ملكيتها تعود للقبائل التي تستغلها قبل دخول المستعمر/الحامي”.
وأوضحت منيب أن “مؤتمر الأرض المنعقد سنة 1992 بالبرازيل، قد أقرّ منح تعويضات مالية مهمة (حوالي 100 مليون دولار للسكان الأصليين كمُلاك لهذه الأراضي، وكتعويض من الدول الصناعية الملوثة للجو، لكن هذه القبائل لم تستفد من هذه التعويضات، بل الدولة المغربية حولت ملكيتها لصالحها وذلك بجعلها ملكا غابويا مخزنيا في خرق سافر للأعراف المعمول بها والقوانين المستوردة، بل وفتحتها أمام المستثمرين والشركات المتعددة الجنسيات وأصحاب الرعي “الريعي”، وجعلها محميات رعوية ومراعي للأجانب، استجابة للهبة القطرية (136 مليون دولار)،مع استصدار قانون الترحال الرعوي 113/13 في وقت قياسي ودون اعتماد مقاربة تشاركية”.
وتابعت القول إنه “هكذا تم تنفيذ هذا المخطط مع خلق صراعات هامشية بين القبائل، واستغلال هشاشتهم وفقرهم وحاجتهم الملحة، لرفع شعار التحفيظ الجماعي المجاني الجزئي، علما أن ما يفوق 80 % من ممتلكات هذه القبائل ضُمّت للملك الغابوي المخزني، وأن هذا الوضع جعل سكان أقاليم وعمالات سوس التاريخي يعانون من عدة مخاطر من حيف كبير، جراء ما يتعرضون له هم وممتلكاتها من اعتداء وتخريب وإتلاف من طرف الرعاة المسلحين”.
وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أن ساكنة هذه المناطق تعيش في “رعب دائم ويتكبّدون خسائر جمة في المحاصيل الزراعية (اللوز، وشجر أرگان، والأعشاب العطرية والطبية…) التي تعد مصدر رزقهم، بالإضافة الى تخريب الممتلكات الخاصة (سيارات، ودراجات نارية، ورشق المنازل بالحجارة، وسرقة مياه الأبار والمطفيات ذات الملكية الخاصة وتكسير أقفالها…)، بل وصل الأمر الى الاعتداءات الجسدية والمعنوية بالضرب والجرح والسب في حق كل من وقف في وجه الرعاة الجائرين، والتي طالت الشيوخ والعجزة بسبب الهجرة السلبية”.
وكشفت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، عن أن غالبية الشباب هاجر الى ضواحي المدن من أجل لقمة العيش او إتمام الدراسة، وأنه في ظل هذا الوضع شرعت الساكنة وجمعيات المجتمع المدني وبعض النشطاء السياسيين والحقوقيين الى رفع الشكايات الى السلطات المحلية والإقليمية والمركزية وإلى إصدار بيانات تنديدية ولكن دون جدوى، حيث عجزت مختلف الأجهزة الإدارية والأمنية على وضع حد لهذه الاعتداءات.
وساءلت منيب الوزير لفتيت عن الإجراءات التي ستتخذها وزارة الداخلية من أجل إنصاف هذه القبائل المتضررة واسترجاعها لممتلكاتها وأمنها و سلامتها، وعن ضرورة تطبيق القانون على الرعاة الرحل الذين يرعون في المجال الخاص بشجرة الأرگان الذي يعتبر تراثا عالميا يجب حمايته وصيانته، والذي صدرت في شأنه قرارات دولية تمنع الرعي بهذا المجال، مطالبة بالتدخل لوقف الهجوم المتكرر لهؤلاء الرعاة الرحل على الأفراد و ممتلكاتهم ومن أجل نشر السلم والأمن بهذه الاقاليم، والعمل على إيجاد حلول فعالة وناجعة لهذا المشكل وتعويض المتضررين و جبر الضرر الذي لحقهم.