أجهش عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة السابق، بالبكاء ، حزنا عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل في حق أطفال غزة.
وقال بنكيران خلال افتتاح المهرجان الخطابي التضامني مع الشعب الفلسطيني الذي نظم أول أمس الأحد ، أن المغرب وفر لليهود بلدا آمنا يمارسون فيه شعائرهم الدينية ويعيشون فيه بحرية منذ 14 قرنا، كما إن نفس الأمة وجدت في البلدان الإسلامية ملجأ لها حين طردهم من إسبانيا ومن شمال أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، مستدركا “لكن اليوم تقتلون إخواننا؟” لينهار بالبكاء أمام الحاضرين وسط هتافات تطالب بإسقاط التطبيع .
دموع بنكيران وبكائياته التي اعتاد عليها المغاربة ليست مقتصرة على فلسطين فقط ، فالرجل يبكي حين لاتمطر السماء وترتفع أسعار الخضروات، ويبكي حين يتحدث عن البطالة وعن المهاجرين المغاربة، ويبكي حين يتحدث عن بدايات نضاله في الحركة الإسلامية، ويبكي حين يتذكر أصدقائه الذين رحلوا للعالم الآخر حتى أن بعض خصومه السياسيين كانوا يقولون أثناء رئاسته للحكومة أن الرجل لايملك من الرؤية ومن المشاريع لمواجهة المشاكل والأزمات السياسية والإقتصادية غير البكاء والعويل، وأن الإضافة الوحيدة التي قدم للممارسة السياسية المغربية هي الشعبوية والبكاء.
بكاء بنكيران بكثر ما بات يتكرر بقدر ما أصبح ظاهرة تستحق الوقوف عندها بالنقد والتحليل لاسيما وأن دموعه تتهاطل مع اقتراب كل موعد انتخابي .
رشيد لزرق المتخصص في الشأن الانتخابي والأحزاب السياسية، يرى أن الدموع في السياسة تشكل مرحلة متقدمة من البروباغندا التي باتت شائعة لتحسين صورة السياسي مع العلم أنه في حالات أخرى، تكون دموع بعض السياسيين عفوية صادقة وتحفظ ذاكرة الناس مواقف كثيرة بكى فيها الساسة، بعضها لامست مشاعر الرأي العام العالمي، وبعضها وصفت بدموع التماسيح.
ويضيف لزرق في تصريح لجريدة “شفاف” أن توظيف الدموع في الحقل السياسي المغربي تبقى أمراً معقدا ، تختلط فيه الموروثات الاجتماعية بالعواطف، وتؤثر فيه حالة انعدام الثقة التاريخية بين السياسي والمواطن.
ويرى المتحدث أن الشعوب الشرقية تتأثر بالعاطفة وبالتالي فالسياسي يرى أن أحسن طريقة للتماهي مع الجماهير هي بالتظاهر أمامها بالمسكنة وصدق التأثر بأوضاع الفقر و القهر والتهميش والاحباط عن طريق البكاء.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة أن المجتمع المغربي وعلى غرار باقي المجتمعات العربية يتأثر بالخطاب العاطفي الوجداني وهو ما يجعل استعمال الدموع في الشأن العمومي سلاحا مفضلا لدى بعض السياسيين لكسب التعاطف في حين أن توظيف الدموع والغيبيات والأخلاقيات والانفعاليات في السياسة تشكل لدى مجتمعات أخرى دليلا على نقص الكفاءة وضعف الشخصية السياسية.
وبالنسبة لنموذج بنكيران يرى لزرق أن الرجل يحاول الركوب على قضية الهوية والدين باستعمال العاطفة والوجدان ومادام أن ارتباط القضية الفلسطينية راسخ بوجدان وشعور المغاربة فإن الأمين العام للبيجيدي لن يفوت الفرصة دون أن يركب على القضية انتخابيا وسياسيا .
ويتابع المحلل السياسي “بعد معركة الحريات الفردية التي خاضها بنكيران هاهو يحاول اليوم خوض معركة إسقاط التطبيع الذي وقعه حزبه في محاولة للركوب على القضايا الآنية للعودة للساحة السياسية لاسيما بعد السقوط الحر والهزيمة النكراء التي مني بها الحزب في انتخابات 8 شتنبر” .
ويرى رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن بنكيران يحاول ممارسة الاستقطاب لتيار “كلنا فلسطينيون” في مواجهة تيار “كلنا إسرائيليون” في محاولة لتوظيف الحرب على غزة سياسيا داخليا سعيا للعودة الانتخابية وإسترجاع الشعبية المفقودة عبر الركوب على عواطف المغاربة.
وختم لزرق حديثه بالتأكيد بأن التعاطي مع القضية الفلسطينية بتعدد أبعادها ينبغي أن يكون تعاطي عقلاني يتوافق مع تعدد أبعادها لما لها من تأثير على الأمن والسلم الدوليين وأجندات إقليمية، بعيدا عن محاولات الاستغلال او التوظيف لقضاء مآرب وأجندات سياسة .