أبرز تقرير صحفي إسباني وجود مجموعة من النقاط العالقة بين مدريد والرباط، والتي كان لها تأثير في تنفيذ بعض الجوانب الخاصة بخارطة الطريق التي جرى توقيعها بين البلدين يوم 7 أبريل 2022، والتي جاءت لفتح “صفحة جديدة” في علاقتهما، وذلك خلال اللقاء الذي عقده الملك محمد السادس مع رئيس الحكومة بيدرو سانشيز بالرباط.
وذكرت وكالة الأنباء الإسبانية “أوروبا بريس”، أن مجموعة من النقاط التي جاءت في الاتفاق المذكور المحدد لأهداف الجانبين المرتبطة بتحقيق التنمية المستدامة للبلدين؛ لم ترى النور بعد؛ ومن بينها ترسيم حدود المياه الإقليمية على ساحل المحيط الأطلسي، وذلك على الرغم من أن خارطة الطريق نصت على أنه “سيتم إعادة تنشيط مجموعة العمل المعنية بترسيم المساحات البحرية على ساحل المحيط الأطلسي، بهدف تحقيق تقدم ملموس”.
وأضافت أنه بعد مرور عامين، لم يتم إعادة فتح مكتب جمارك مليلية وتدشين آخر جديد في سبتة الذي تم الاتفاق عليه أيضًا في ذلك الوقت، مبرزة أن هذه المسألة تظل دون حل ولم تقدم مدريد ولا الرباط تفاصيل عن وضع المحادثات بينهما في هذا الجانب.
♦ الحدود البحرية وقلق جزر الكناري
أبرزت “أوربا بريس” أن ترسيم الحدود الذي استخدمه المغرب يتداخل مع ذلك الذي تعمل به إسبانيا في جزر الكناري، مشيرة إلى أن ذلك أصبح واضحا مؤخرا، نتيجة للمناورات العسكرية التي بدأتها المملكة المغربية في المياه قبالة الأرخبيل، والتي ستستمر حتى يونيو المقبل.
وتابعت أن نشر عدة سفن عسكرية مغربية في سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة أثار مخاوف جزر الكناري، التي أعربت حكومتها عن قلقها إزاء هذا الأمر، قبل أن تعمل مدريد على طمأنتها بخصوص هذا الموضوع.
زيارة سانشيز للمغرب.. ماهي دلالات الزيارة وهل تحمل في طياتها رسائل سياسية لأعداء الوحدة الترابية؟
وأوضحت أن وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، أبلغ رئيس حكومة جزر الكناري فرناندو كلافيجو، أن المناورات “تجري في مناطق محددة جيدًا وبعيدة جدًا عن المياه الإسبانية” وأنه ستتاح لكليهما الفرصة لمواصلة الخوض في هذا الأمر وبشأن العلاقة مع المغرب في اللقاء الذي سيعقدانه يوم الاثنين المقبل بمقر الوزارة.
وأشارت الوكالة الإسبانية إلى أن تعيين حدود المياه الإقليمية مسألة حساسة بشكل خاص، حيث صادق المغرب سنة 2020 على قانونين شرع بموجبهما في تحديد حدود بحره الإقليمي في حدود 12 ميلا بحريا ومنطقته الاقتصادية الخالصة في حدود 200 ميل بحري، وكذا جرفه القاري “حتى الطرف الخارجي للقارة أي بما يصل إلى 200 ميل”.
وأبرزت أنه على الرغم من عدم تنفيذ هذه القوانين، إلا أنه في غياب لائحة تنظيمية لتنفيذها، فإن هذا الترسيم يتعارض مع ذلك الذي استخدمته إسبانيا فيما يتعلق بجزر الكناري، ومن هنا جاءت الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق، وهو ما أشارت إليه الحكومة منذ الأول لحظة انعقاد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
♦ مشكلة المياه قبالة الأقاليم الجنوبية للمملكة
أوضحت “أوروبا بريس” أن المسألة الشائكة هي ما إذا كان هذا الترسيم يشمل مياه الصحراء المغربية، التي تعتبرها الأمم المتحدة “منطقة لا تزال تتدارس القرار بشأنها”، مشيرة إلى أنه لم توضح أي من الحكومتين خلال هذين العامين الشروط التي تجري بموجبها هذه المفاوضات، كما لم تكشفا عن عدد الاجتماعات التي عقدت في هذا الصدد.
وتابعت أن ما أوضحه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في دجنبر الماضي، بعد لقائه بنظيره الإسباني ألبارس في الرباط، هو أنه في هذه المرحلة الجديدة هناك التزام بعدم وجود مجال لـ”إجراءات أحادية” أو “أي نوع من العمل المفاجئ، لكن كل شيء يتم حله من خلال الحوار والتعاون”.
البحرية الملكية تستعد لإجراء مناورات ضخمة بالسواحل الجنوبية وسط قلق إسباني.. فما الذي يخيف مدريد؟
وأضافت أنه شدد على أن “المغرب اعتبر دائما أن ما يدفعنا إلى تعزيز تعاوننا أقوى مما قد يدفعنا إلى الاختلاف أو الصراع”، مبرزة أنه بهذا المعنى أكد أنه نظرا لأن المغرب وإسبانيا شرعا في تحديد حدودهما البحرية وهذه التداخلات، فإن الحلول المطلوبة “سيتم إيجادها عبر الحوار والتوافق وتطبيق قيم الاحترام المتبادل”.
ولفتت الوكالة الإسبانية إلى أن مفتاح الاهتمام فيما إذا كان الفضاء البحري أكبر أو أصغر في هذه المنطقة، يكمن أساسا في الموارد التي قد تكون هناك، بدءًا بالجانب المتعلق بصيد الأسماك.
♦ موارد الصيد والهيدروكربونات
أشارت “أوروبا بريس” أن المياه قبالة الصحراء المغربية أصبحت مؤخرا موضع اهتمام مرة أخرى بعد أن اقترح المدعي العام للاتحاد الأوروبي في 21 مارس الماضي على محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي إلغاء اتفاقية الشراكة للصيد المستدام مع المغرب، لأنها تعتبر أنها “تنتهك مبدأ الصيد المستدام، من خلال عدم التعامل مع هذه المنطقة باعتبارها منفصلة عن الرباط”.
وتابعت أنه بهذا المقترح، أيدت حكم المحكمة العامة الذي ألغى سنة 2021 قرار المجلس بالموافقة على الاتفاق مع المغرب وبروتوكوله، رغم أنه احتفظ بآثاره إلى حين بت محكمة العدل الأوروبية في الطعون التي قدمها كل من المجلس والمفوضية ضد ذلك.
ولفتت إلى أن تطبيق هذا البروتوكول انتهى في 17 يوليوز 2023، مما يعني تعليق نشاط الصيد للسفن الأوروبية، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل خاص على إسبانيا، حيث أن 92 من أصل 138 رخصة تعمل في المنطقة تتبع لها، وتحديدا الصيادين المنتسبين للإقليم الأندلسي والأساطيل الجاليكية والكناري.
وأبرزت أن ما يثير النقاش حول هذا الأمر، هو توقع احتواء هذه المياه الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي قبالة جزر الكناري على رواسب هيدروكربونية (المنتجات البترولية) مهمة، لافتة إلى أنه لهذا السبب أعلن المغرب عن خطط لتنفيذ التنقيب قبالة الأرخبيل، الأمر الذي أثار أيضًا القلق والاضطراب لدى حكومة جزر الكناري.
وأردفت أنه رغم أن الحكومة الإسبانية لم تعلق على الأمر منذ فترة طويلة، وأن المغرب منح عدة تراخيص لشركات أجنبية للبحث عن النفط والغاز، إلا أنها كلما سُئلت عن هذا الأمر أكدت مدريد أنها تتابعه بشدة عن كثب وأن هذه المسوحات تتم في المياه الإقليمية المغربية.